يحمد المصريون الله على كل ما يخطه القدر من شر وخير ولكن أن تبسط يد الإهمال سطوتها على قطاعات كثيرة تمس حياة الملايين من المصريين فتقلق منامهم وتمزق قلوبهم من الأسى على فقدان فلذات أكبادهم فهذا ما يحتاج إلى وقفة صارمة لمحاسبة المسئول عن إراقة دم أبنائنا من التلاميذ الذين ما أخرجهم من بيوتهم إلا البحث عن نيل قسط من المعرفة يحدد قيمتهم بعد ذلك طال العمر أو قصر. لم تزد واقعة مقتل الطفل أدهم من معرفة المصريين بحوادث إهمال التلاميذ بالمدارس وإنما زادت الجرح ألما والوجدان أسى والقلوب تمزيقا فمنذ بدء العام الدراسى فى الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر الماضى أزهقت أرواح 4 تلاميذ قتلا داخل مدارسهم فى حوادث مختلفة نتيجة الرعونة فى متابعة إجراءات السلامة فى الوقت الذى لم يشف تصريحات مسئولى وزارة التربية والتعليم غليل ذويهم البالغين حوالى 18 مليونا و500 ألف طالب بالمدارس، كانت مدرسة الراعى الصالح بمدينة بورفؤاد فى بورسعيد أول من فجر الأنين على الطفل مصطفى محمد سلامة 10 سنوات فى يوم 30 سبتمبر الماضى عقب صعود أنفاسه إلى خالقه بعد إصابته بحالة من الإعياء وسقوطه مغشيا عليه وفى الوقت الذى نفت إدارة المدرسة إهمالها فى التعامل مع حالة الطالب وتأكيدها أنه لم يتوف داخلها. أكدت مصادر طبية وصوله إلى المستشفى جثة هامدة. 14 أكتوبر الجارى كان ميعاد المأساة الثانية بوفاة يوسف محمد الطالب بالصف الثالث الابتدائى بمدرسة عمار بن ياسر بالمطرية عقب سقوط زجاج نافذة بفصله عليه، وإجرائه عملية بمستشفى عين شمس التخصصى لاستخراج قطع الزجاج من أوردة رقبته بعد اختراقها لرقبته وهو يحاول فتح إحدى النوافذ. ولا ينسى أهالى يوسف أن المستشفى رفض الكشف الطبى عليه لمدة 60 دقيقة كاملة وهو ما أدى إلى زيادة نزيفه ووفاته. لم تجف دموع المصريين على هذا الحادث فبعد 6 أيام فقط قتل طفلا آخر تلميذا بالصف الأول الابتدائى اسمه يوسف سلطان زكى عبد العال تلميذ بمدرسة الصغيرات فى مركز النجيلة بمرسى مطروح عقب سقوط بوابة المدرسة عليه وسحقه تحتها وسط ذهول زملائه. هل مر كثير على هذه الوقائع تابع المصريون حوالى 48 ساعة فقط ليفجعهم من جديد مقتل أدهم محمد أحمد عبدالعال التلميذ بالصف الثالث الابتدائى بمدرسة أمين النشرتى بإدارة أطفيح التابعة لمحافظة الجيزة بعد أن دهسته سيارة التغذية المدرسية برجوعها إلى الخلف، تاركا خلفه السؤال المحلق فوق الرءوس بأى ذنب قتل وأقرانه السابقين؟. بعدما فجرت كارثة فقد الطفل أدهم ودهسه فى حوش مدرسته بسيارة التغذية عشرات الأسئلة عن المتسببين عن مقتله وبقدر ما تركت المأساة حزنا شديدا مازال صداه يحوم فوق رءوس كل الأسر المصرية .بقدر ما جاءت أقوال المتهمين فى الواقعة أمام النيابة والتى تنفرد بنشره الأهرام المسائي. محملا بمحاولات التبرئة وإبراء الذمة وإلقاء كل مسئول بتبعية المصيبة على غيره وكشفت تحقيقات النيابة العامة وتقرير الطب الشرعى لجثة القتيل أن أدهم "صدمه صندوق السيارة من الخلف وأكمل عليه بدهسه فى سور المدرسة". أدلى المتهمون الأربعة فى واقعة قتل وإصابة طفلين بمدرسة أمين النشرتى بقرية الكداية بأطفيح تحت عجلات سيارة التغذية المدرسية أمام المستشار محمد ابو زينة رئيس نيابة الصف حيث اقر المتهم الأول حمادة احمد بكرى سائق سيارة التغذية بارتكابه للواقعة عن طريق الخطأ وأضاف "وانا راجع الى الخلف دهست عجلات السيارة الطفل بين جدار المدرسة من الداخل وصندوق السيارة" واعترف بأن السيارة ليست بها (فرامل) وباب المدرسة كان مفتوحا طول الوقت على مصراعيه، وأن ناظر المدرسة والمدرسين على علم بدخولى وأننى أحضر كل 15 يوما إلى المدرسة ولم يمنعنى أحد من الدخول وهذا هو المعتاد دائما وأننى لست على علم بأن تواجد السيارة ممنوع داخل فناء المدرسة. كما استمعت النيابة العامة لأقوال عيد نصر الله عوض مدير المدرسة معترفا ان الوفاة داخل حوش المدرسة واشار إلى أنه ليس هناك لوائح تمنع دخول السيارات المدرسة، فيما كذبه مدير الإدارة مؤكدا وجود اللوائح التى تمنع دخول السيارات إلى حوش المدرسة وموجودة داخل جميع المدارس منذ شهر ابريل الماضى. كما اعترف مسئول الأمن عادل محمد خليل فى أقواله أمام النيابة بمغادرة المدرسة قبل الواقعة بحوالى ساعتين واستأذن من المدير شفويا وسمح له بالانصراف وأضاف فى اعترافاته خروج الموظفين بإذن شفوى ممكن تكرار حدوثه داخل المدرسة، نافيا مسئوليته عن الواقعة واشار إلى أننى "لو منعت السيارة من الدخول. المدير يؤذينى ويخصم منى فلوس". فى الوقت نفسه أنكر مسئول التغذية محمد عبد الرحمن أمام النيابة العامة عدم معرفته بتعليمات الوزارة التى توجب تفريغ المواد الغذائية من خارج أسوار المدرسة . وقال محمد عبدالعال والد الطفل أدهم الذى قتل تحت عجلات سيارة تغذية مدرسية داخل مدرسة أمين النشرتى امام النيابة أن وفاة نجله قضاء وقدر ولم يتهم أحد أو يشتبه فى الوفاة جنائياً مشددا بقولة "عاوز حق ابنى من المتسبب فى وفاته الذى قتل غدرا". وأضاف عبدالعال ربنا ينتقم من المتسبب فى الحادثة وابنى خلاص مات والقصة انتهت واختتم والد الطفل كلامه باكيا "عايز حقي".فى غضون ذلك قامت الأهرام المسائى بجولة داخل أسوار المدرسة المنكوبة والتقت خلالها ببعض أولياء الأمور مطالبين بحماية أبنائهم. ويقول " صلاح احمد" احد أولياء الأمور "عاوز أروح شغلى وأنا مطمن على ابنى فى مدرسته ولا أسيب شغلى وأقعد أحرسه فى المدرسة؟" واتهم إدارة المدرسة بالإهمال الشديد الذى كاد أن يتسبب فى وفاة ابراهيم وأدى لوفاة الطفل "أدهم" وطالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بمحاسبة المسؤولين عما وصفه ب "الجريمة". واضاف صلاح إن إدارة المدرسة لم تتواصل مع احد بعد الحادثة بل لم تنقل المصاب ولا الطفل أدهم إلى المستشفى مؤكدا أن أحد الأشخاص فى الشارع هو الذى نقلهما للمستشفى ليلفظ أدهم أنفاسه الأخيرة. وأن ابراهيم يعانى من كسر فى ذراعه اليسرى وشرخ فى الحوض وكدمات فى ركبته ومناطق عدة بجسده. ووجه صلاح "إن ما حدث ما هو إلا تهريج ولا يوجد كلمات تصف ما حدث" معربا عن خوفه الشديد من التبعات النفسية بعد الحادث الذى وقع. وبالفاظ حادة وصف عبد الحميد نورالدين احد شهود العيان الذى يسكن امام المدرسة لحظات اصطدام السيارة بالاطفال قائلا "أثناء جلوس ما يقرب من 9 طلاب على حائط صغير بجوار مبانى المدرسة من الداخل يرتفع عن الأرض قرابة المتر الواحد أو أقل يتحدثون فى مستقبلهم وحلم كل واحد منهم وتفاجأ الأطفال بأن سيارة قادمة عليهم بسرعة رهيبة مؤكدا حاول السائق أن يوقف السيارة ولكنه تفاجأ بعدم وجود فرامل بها". وأضاف عبد الحميد أن الأطفال الطلاب فور رؤيتهم المشهد البشع الذى تعرض له التلميذ أدهم بعد أن نزف الدم من فمه وعينيه وأذنيه نتيجة لسرعة السيارة أصابتهم حالة من الذهول والخوف والرعب والهيجان.