أحمد الشرع: تقسيم سوريا مستحيل.. ومن يطالب به حالم وجاهل    مصرع شابين وإصابة آخر في حادث انقلاب دراجة بخارية بأسوان    أبطال واقعة "الليلة بكام"، قرار جديد ضد المتهمين بمطاردة طبيبة وأسرتها بالشرقية    موعد ومكان تشييع جنازة مدير التصوير تيمور تيمور ويسرا تعتذر عن عدم الحضور    8 ورش فنية في مهرجان القاهرة التجريبي بينها فعاليات بالمحافظات    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة دونجا... وفحوصات جديدة لتحديد موقفه من التدريبات    عمرو الحديدي: مكي قدم مباراة كبيرة أمام الزمالك وناصر ماهر لا يصلح لمركز الجناح    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 17 أغسطس 2025    منافسة بنكية ساخنة على رسوم تقسيط المشتريات تزامنًا مع فصل الصيف    في تبادل إطلاق النيران.. مصرع تاجر مخدرات بقنا    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    بعد قمة ألاسكا.. الاتحاد الأوروبي يطرح مبادرة لعقد لقاء ثلاثي    خالد سليم يعانق وجدان الجمهور بصوته في الأمسية الثانية من فعاليات الدورة 33 لمهرجان القلعة (صور)    وكيل صحة سوهاج يحيل طبيبا وممرضا بمستشفى طما المركزى للتحقيق    رئيس جامعة المنيا يبحث التعاون الأكاديمي مع المستشار الثقافي لسفارة البحرين    إزالة تعديات على الشوارع بالخارجة.. والتنفيذ على نفقة المخالف| صور    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    «بأمان».. مبادرات وطنية لتوعية الأهالي بمخاطر استخدام الأطفال للإنترنت    "لسه بيتعرف".. أيمن يونس يعلق على أداء يانيك فيريرا في مباارة الزمالك والمقاولون    ملف يلا كورة.. تعثر الزمالك.. قرار فيفا ضد الأهلي.. وإصابة بن رمضان    سلة - باترك جاردنر – سعداء بما حققه منتخب مصر حتى الآن.. ويجب أن نركز في ربع النهائي    عمرو محمود ياسين يكشف تفاصيل رحيل تيمور تيمور: «الأب الذي ضحى بحياته من أجل ابنه»    أحمد موسى: قطيع الإخوان هربوا من أمام السفارة المصرية ب هولندا (فيديو)    لأول مرة بجامعة المنيا.. إصدار 20 شهادة معايرة للأجهزة الطبية بمستشفى الكبد والجهاز الهضمي    انخفاض الكندوز 26 جنيهًا، أسعار اللحوم اليوم في الأسواق    أول تعليق من فيريرا بعد تعادل الزمالك والمقاولون العرب    نشرة التوك شو| لجان حصر وحدات الإيجار القديم تبدأ عملها.. واستراتيجية جديدة للحد من المخالفات المرورية    تعرف على مكان دفن مدير التصوير الراحل تيمور تيمور    يسرا تنعى تيمور تيمور بكلمات مؤثرة: "مش قادرة أوصف وجعي"    الآلاف يشيعون «تقادم النقشبندي» شيخ المصالحات في الصعيد    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية قبل بداية تعاملات الأحد 17 أغسطس 2025    أسباب وطرق علاج الصداع الناتج عن الفك    «صحة مطروح» مستشفيات المحافظة قدمت 43191 خدمة طبية وأجرت 199 عملية جراحية خلال أسبوع    أول يوم «ملاحق الثانوية»: تداول امتحانات «العربي» و«الدين» على «جروبات الغش الإلكتروني»    في أقل من شهر.. الداخلية تضبط قضايا غسل أموال ب385 مليون جنيه من المخدرات والسلاح والتيك توك    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 17 أغسطس 2025.. مفاجآت الحب والمال والعمل لكل برج    شهداء ومصابون في غارة للاحتلال وسط قطاع غزة    تعليق مثير فليك بعد فوز برشلونة على مايوركا    أبرز تصريحات الرئيس السيسي حول الأداء المالي والاقتصادي لعام 2024/2025    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    «أوحش من كدا إيه؟».. خالد الغندور يعلق على أداء الزمالك أمام المقاولون    تصاعد الغضب في إسرائيل.. مظاهرات وإضراب عام للمطالبة بإنهاء الحرب    كيف تتعاملين مع الصحة النفسية للطفل ومواجهة مشكلاتها ؟    "عربي مكسر".. بودكاست على تليفزيون اليوم السابع مع باسم فؤاد.. فيديو    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    عاوزه ألبس الحجاب ولكني مترددة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز إخراج الزكاة في بناء المساجد؟.. أمين الفتوى يجيب    بريطانيا تحاكم عشرات الأشخاص لدعمهم حركة «فلسطين أكشن»    مسؤول مخابرات إسرائيلى: قتل 50 ألف فلسطينى كان ضروريًا لردع الأجيال القادمة    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر فلكيًا للموظفين والبنوك (تفاصيل)    «زي النهارده».. وفاة البابا كيرلس الخامس 17 أغسطس 1927    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. الاحتلال يقيم خيام إيواء لسكان مدينة غزة لنقلهم للجنوب.. مظاهرات فى تل أبيب تطالب بإبرام صفقة تبادل مع حماس.. وميلانيا ترامب ترسل رسالة شخصية إلى بوتين    حزن ودعوات| المئات يشيعون جثمان «شهيد العلم» في قنا    القائد العام للقوات المسلحة: المقاتل المصري أثبت جدارته لصون مقدرات الوطن وحماية حدوده    وزير الأوقاف: مسابقة "دولة التلاوة" لاكتشاف أصوات ذهبية تبهر العالم بتلاوة القرآن الكريم    الشيخ خالد الجندي: الإسلام دين شامل ينظم شؤون الدنيا والآخرة ولا يترك الإنسان للفوضى    الإصلاح والنهضة يواصل تلقي طلبات الترشح لعضوية مجلس النواب عبر استمارة إلكترونية    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيجيريابعد‏50‏ عاما من الاستقلال والوحدة‏..‏ ماذا بعد ؟

في البداية أصارح القاريء الكريم ولو بارتكاب بعض محظورات الصراحة بأنني كنت علي وشك الاعتذار عن تلبية الدعوة للمشاركة في تغطية فعاليات كرنفال أبوجا الثقافي الدولي‏,‏ ولكن بالفعل صدق المثل القائل من جهل شيئا عاداه تذكرت هذه العبارة عندما وطأت قدماي مطار أبوجا الدولي بنيجيريا
وندمت كثيرا علي امتعاضي من الدعوة التي وجهتها لي العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة المصرية لمرافقة فرقة ملوي للفنون الشعبية المشاركة في الكرنفال وسبب ندمي ما رأيته في شوارع أبوجا من منظر كرنفالي رائع يشارك فيه الشعب الرقص والغناء مع الفرق الفنية وماشاهدته من حب جارف من هذا الشعب الطيب للمصريين‏,‏ بالإضافة إلي أهمية أن يري الصحفي بعينه الدنيا فالقراءة عن البلاد شيء والوجود فيها شيء آخر‏,‏ خفف عني هذا المنظر الكرنفالي الجميل وترحاب الشعب النيجيري بنا الأورام والآلام التي سببتها لنا كثرة التطعيمات التي أخذناها قبل السفر ضد الكوليرا والتيفود والحمي الشوكية والحمي الصفراء وفيروس أ للكبد وحبوب الملاريا كنت أظن أننا قادمون إلي بلاد تتنفس أمراضا وتلوثا وجهلا ولكن للوجود هناك بالروح والجسد إنطباع آخر وقبل أن نتحدث عن الرحلة لابد في البداية من معرفة بعض المعلومات البلوجرافية عن هذا البلد الإفريقي الكبير‏.‏
ببلوجرافيا
تعتبر نيجيريا أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان‏145‏ مليون نسمة وهي جمهورية فيدرالية اتحادية ينتخب رئيس الجمهورية ونائبه لمدة‏4‏ سنوات ولكل ولاية من الولايات ال‏36‏ مجلس تشريعي وقد نالت نيجيريا استقلالها‏1960‏ تقع في جنوب غرب إفريقيا تحدها من الغرب بنين ومن الشرق تشاد والكاميرون ومن الشمال النيجر ومن الجنوب خليج غينيا‏,‏ عاصمتها أبوجا منذ‏1991‏ وكانت لاجوس وهي أكبر مدينة هي العاصمة قبل ذلك‏.‏
يوجد في نيجيريا‏250‏ قومية لغتها الرسمية الإنجليزية ولديها لغات الهاوسا والفولاني يتحدث بها‏29%‏ واليوروبا‏21%‏ والإيكبو‏18%‏ والإيجاو‏10%‏ والكانوري‏4%‏ الإيبو‏3,5%‏ والتيف‏2,5%.‏ يشكل المسلمون‏55%‏ من عدد سكان نيجيريا منهم‏95%‏ سنة و‏5%‏ شيعة ويوجد‏40%‏ مسيحيون‏15%‏ بروتستانت‏,13,7%‏ كاثوليك والباقي طوائف مسيحية آخري وتشكل‏5%‏ الباقية أبناء الديانات الأخري
تمثل نيجيريا المرتبة الثامنة عالميا في إنتاج الخشب والثامنة في إنتاج البترول والعاشرة في احتياطي البترول والثانية عشرة في احتياطي الغاز الطبيعي تتركز معظم حقول النفط في منطقة دلتا النيجر جنوب ووسط البلاد ويمثل النفط‏20%‏ من الناتج المحلي و‏95%‏ من إجمالي حجم تجارتها الخارجية‏.‏
بدأ اليوم الأول من وجودنا في أبوجا‏26‏ نوفمبر الماضي بإفتتاح كرنفال أبوجا الذي حضره وزير السياحة والثقافة النيجيري أبوبكر الصديق محمد نائبا عن رئيس الجمهورية الذي أكد أن التنوع والوحدة هما أهم مايتميز به المجتمع النيجيري وأن الاحتفال هذا العام يكتسب صفة استثنائية لكونه يصاحب احتفالات نيجيريا بالذكري الخمسين للاستقلال وإنشاء أول دولة اتحادية وحضر الافتتاح محمد سامو حاكم ولاية أبوجا العاصمة بالإضافة إلي سفيري مصر والهند اللذين تشارك بلديهما في هذا الكرنفال‏.‏
الكل يرقص في أبوجا
كان الاستعراض الذي قامت به أكثر من‏400‏ فرقة من‏36‏ ولاية نيجيرية بالإضافة إلي فرقتي مصر والهند خلال العرض العام للفنون الشعبية المشاركة في الكرنفال قد تم في ساحة العروض والمهرجانات في شكل عروض علي منصات متحركة طافت الميادين الرئيسية للعاصمة أبوجا‏,‏ وقدمت الفرقة المصرية علي مدار ثلاثة أيام رقصات الشعبيات‏,‏ التنورة‏,‏ السحجة‏,‏ القصب‏,‏ التحطيب أمانة يامراكبي‏,‏ خطبوني يا أبو الحسن وقد انفعل الجمهور مع مزمار جرجاوي مناع ومحمد مصطفي‏,‏ ورقصوا كثيرا علي طبلة نجاح عبد اللطيف ورقصة الكرسي لأسامة رشدي كما إنبها الجمهور برقصة التنورة التي قدمها أبو بكر محمد وطالبوا بإعادتها وأبدوا الإعجاب كثيرا بعازف الناي يعقوب غالي والمغني الشعبي محمد سعد ورقصة التحطيب التي قدمها ياسر محمد عادل وأبو بكر عبدالمقصود بالإضافة الي التشجيع المستمر لراقصي الفرقة جمال صلاح و محمد فتحي ومحمد الأمين وأيمن محمد والراقصات نادية عثمان وأسماء محمد سعد وشيماء محمد سعد وصفاء محمود وقد قامت مندوبة العلاقات الثقافية الخارجية هناء لبيب محمود وبعض إداريي السفارة المصرية وأعضاء الفرقة بتوزيع الأعلام المصرية والكتيبات التي تحكي ثقافة وحضارة مصر خلال حفلي الافتتاح والختام مما لاقي إعجاب الجمهور النيجيري الذي شجع ورقص كثيرا مع الفرقة المصرية‏.‏ تعرفت أثناء وجودي بمنصة ساحة أبوجا للعروض بباحث نيجيري في الفولكلور يدعي أندسي أوبيرو الذي لاحظ إعجابي وإنفعالي مع فرق الفنون الشعبية والرقصات الإفريقية المبهرة‏..‏قال لي إن الرقصات الإفريقية مرآة تعكس الأصالة التاريخية لعادات وتقاليد القارة السمراء‏,‏ وتشكل الرقصات النيجيرية بمختلف ألوانها وأنواعها وسيلة للتعبير عن الجمال الداخلي حيث تتناغم الحركة مع الترانيم الموسيقية لتسمو إلي درجة الصفاء الروحي‏,‏ وشرح لي أندسي أن الرقصات التي تعرض أمامنا بعضها يعبر عن حب المرأة والحفاظ علي الشرف والحفاط علي شرف وكرامة القبيلة‏,‏ وحب الوطن‏,‏ والعلاقة بين الخادم وحاكمه وهكذا وقال إن مزج الحركة الجسدية بالروح وسط الصرخات والنداءات الصاخبة تنقل رسالة تدعو إلي ضرورة التعاون والتفاهم والتسامح بين الأفراد وبين القبائل وبين الحاكم والمحكوم‏,‏ ويضيف أندسي أن طغيان الظاهرة الموسيقية لدي شعوب القارة السمراء لايمكن تفسيره إلا عبر الاستشهاد بتلك الفكرة البسيطة في شكلها والعميقة في معناها والتي تقول إن الموسيقي هي الحياة وإنتهي الحوار وسط قرع الطبول التي تعبر عن جوهر الثقافة الإفريقية والصوت الآسر لألة لاكورا وهي آلة وترية تصنع البهجة وترافق الطبل‏(‏ التام تام‏)‏ لتشدو بأعذب الألحان وهي عبارة عن آلة من الخشب وجلد النمر وبأوتار تصنع من ذيل الحصان هذا المشهد والذي استمر أكثر من‏8‏ ساعات متصلة دليل علي حب هذا الشعب للحياة ووجود أكثر من‏50‏ ألف متفرج يرقصون مع أكثر من‏400‏ فرقة فنية طوال هذا الكم من الساعات دعا أحد أعضاء الفرقة المصرية بالقول‏(‏ الكل هنا يرقص‏..‏أين الشعب‏)..‏
القوي الناعمة
فوجئنا صباح اليوم الثاني وبعد تقديم الفرقة المصرية لأحد عروضها بأن إدارة المهرجان تبلغ مدير الفرقة أسامة محمد بأن وزير الثقافة والسياحة يريد مقابلة الفرقة وتكريمها بمكتبه وخلال اللقاء عبر وزير الثقافة والسياحية للسفير المصري يوسف شوقي عن تقدير بلاده للدور المصري في إفريقيا وأثني علي العلاقات المتميزة بين بلاده ومصر وأن مشاركة مصر في الفعاليات التي تقيمها نيجيريا إنما تعبر عن أخوة إفريقية حقيقية وأن مصر تمتلك من القوي الناعنة مايؤهلها لأن تضع لها قدما في كل مكان في العالم وأضاف أن تشجيع‏50‏ ألف نيجيري لفرقة ملوي للفنون الشعبية ماهو إلا دليل قاطع علي حب شعبنا لمصر وللمصريين وخص وزير الثقافة والسياحة النيجيري أبوبكر الصديق محمد العلاقات الثقافية الخارجية برئاسة حسام نصار بالشكر والتي تحرص علي تلبية الدعوة للمشاركة في كرنفال أبوجا سنويا‏,‏ وقد قام أسامة عبد الله مدير الفرقة بتقديم درع الهيئة العامة لقصور الثقافة ودرع محافظة المنيا للوزير النيجيري تقديرا لتكريمه وإعجابه بالفرقة‏,‏ كما قدمت هناء لبيب مندوبة العلاقات الثقافية الخارجية مجموعة من إصدارات وزارة الثقافة وقطاع العلاقات الثقافية الخارجية لوزارة الثقافة النيجيرية‏.‏ قبل خروجنا من مبني وزارة الثقافة والسياحة لمحت صورة أديب نيجيريا الكبير وول سونيكا علي أحد الحوائط مما دعا مرافقتنا النيجيرية
أوجو للقول بأن هذا هو نجيب محفوظ نيجيريا مما زاد من فضول الوفد المصري فشرحت لهم أوجو تاريخ هذه الشخصية العظيمة في نيجيريا والذي كان أول افريقي يحصل علي نوبل‏1986,‏ تقول أوجو لقد هاجر سونيكا‏1993‏ هربا مما أسماه بحكم الرشاشات العسكرية والانحطاط وقضبان السجون وقد أعدم النظام والده الشاعر الكبير كين ساروديوا في نوفمبر‏1995‏ ويعتبر سونيكا أحد أهم كتاب القارة وأكثرهم مناصرة لقضية الهوية والثقافة الافريقية والنظام الاجتماعي الافريقي وهو شاعر وروائي وكاتب مسرح وممثل ومترجم وسياسي وناشر ولد‏1934‏ في ولاية بركوتا غرب نيجيريا ودرس في جامعة ليدز وحصل علي الدكتوراة‏1973‏ وتقول أوجو أن من أهم أعماله وأكثرها قراءة موسم أنومي والمترجمون‏,‏ مكوك في القبو‏,‏ وأرض مانديل‏,‏ وقصائد من السجن وعمل أستاذا زائرا للأدب المقارن بجامعات كامبردج ويل وشيفيلد بانجلترا وآخر مؤلفاته بعنوان يجب أن تبين عند الفجر‏.‏
قبل أن تخرج من مقر الوزارة لاحظنا جميعا وجود مسجد بالمدخل وكان المصلون خارجين توامن صلاة العصر تركت الفرقة والمشرفين يركبون الحافلة وفي غفوة منهم ذهبت الي امام المسجد للسؤال عن شئ طالما أقرأ عنه ولم أفهمه تعرفت علي الامام ويدعي كبيرو محمد وهو في نفس الوقت عضو في حزب الشعب الحاكم وسألته عن جماعة بوكو حرام
بوكو حرام
وكما يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير فوليتر قبل أن تحدثني يجب أن تحدد مصطلحاتك‏..‏فالآن سوف تعرفون ماهو بوكو حرام هي مجموعة من الطلبة تخلو عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في شمالي شرق البلاد علي الحدود مع النيجر وتأسست هذه الجماعة التي يطلقون عليها في نيجيريا طالبان افريقيا عام‏2004‏ وضمت آنذاك‏200‏ شاب وفتاة ومنذ ذلك الحين علي حد تعبير كبيرو محمد وهي تخوض في مصادمات مع قوات الأمن وتدعو الي تطهير نيجيريا من مظاهر التعليم الغربي والفسق والفجور والدعارة فبوكو حرام تعني التعليم الغربي حرام وفي يوليو‏2009‏ أندلعت اشتبا كات مع الشرطة اقتحموا علي أثرها المباني الحكومية وقسرالشرطة وانتهي الأمر باقتحام قوات الأمن لمعقلهم وحدث ما سمي بمذبحة جوس
ويقول كبيرو محمد أنه تم أيضا أشتباكات بين المسيحيين والمسلمين منذ سنوات ولكن بسبب أعادة بناء منازل تم تدميرها‏..‏ويري كبيرو محمد أن الخلاف بين المسلمين والمسيحيين أخذ شكلا طائفيا في الاعلام والميديا ولكن السبب في الخلاف هو الصراع علي النفوذ السياسي والاقتصادي والسبب الدائم في الخلافات ليس الدين علي الاطلاق بل الفساد والفقر وانعدام العدالة وغياب القوانين والانفلات الأمني وعدم العدالة في توزيع الثروة بالاضافة الي الخلل الاجتماعي‏,‏ ويقول كبيرو محمد انه في نيجيريا‏250‏ قومية وهناك اختلاف في الأديان حتي بين أصحاب الدين الواحد ولكن الآن في نيجيريا نحن مؤمنون بأن الدين لله والوطن فوق الجميع ويقول كبيرو محمد أن أفضل مايدلل علي كلامه هو موقف الرئيس أوبا سانجو عندما فشل في عمل تعديل دستوري يتيح له الترشح لولاية ثالثة قام بدعم الرئيس عمريارادوا المسلم لكي يخلفه‏.‏
الإسلام في نيجيريا
وقال كبيرو محمد أن الاسلام دخل نيجيريا منذ القرن العاشر الميلادي حيث تدفق علماء الدين الاسلامي من شمال القارة متتبعين القوافل التجارية المسافرة عبر الصحراء وفي جعبتهم الثقافة الاسلامية وساهم الطريق التجاري مع السودان في تعزيز الدين الوافد وكان لقبيلة الهوسا اليد الطولي في اعتناق أعداد ضخمة من النيجيريين للاسلام‏,‏ ويضيف كبيرو محمد أنه من العلامات الفارقة في تاريخ نيجيريا والتي تدل علي تجذر الاسلام فيها هو قيام حركة اصلاحية قادها عثمان بن فودي‏1184‏ انتهت بتوحيد الشمال تحت حكم الاسلام وحتي الآن والأغلبية في نيجيريا مسلمون حيث توجد أغلبية مطلقة للمسلمين في‏19‏ ولاية في الشمال من أصل‏36‏ ولاية بالاضافة الي نسب متفاوتة في الولايات الآخري تركت كبيرو محمد وذهبت علي أمل لقاء في صباح اليوم الثالث لاتعرف أكثر علي هذا البلد الكبير وبالفعل وفي بوعده وأخذني من مقر اقامتي الي جامعة أبوجا للتعرف علي بعض الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية والاقتصادية
أقتصايات النفط
حكي لي جوزيف اينرامو وهو متخصص في اقتصاديات النفط عن التجربة النيجيرية في هذا المجال قائلا أن صناعة النفط في نيجيريا تعود جذورها إلي الثلاثينيات من القرن الماضي عندما منحت الحكومة البريطانية شركة رويال دويتش شل النفطية امتياز التنقيب عن النفط في الأراضي النيجيرية‏..‏ وتطورت العلاقة النيجيرية مع النفط بعد عام‏1958‏ عندما أعلنت الشركة اكتشافات نفطية كبيرة في منطقة دلتا النيجر جنوب نيجيريا والمتاخمة لخليج غينيا‏,‏ بشكل جعل المنطقة تصبح لاحقا المنطقة الرئيسية لانتاج النفط النيجيري‏,‏ ولم يمض عامان حتي حصلت نيجيريا علي الاستقلال عن بريطانيا‏1960‏ ويضيف اينرامو أن الشعب النيجيري بدأ منذ تلك اللحظة يتنفس الصعداء تحت حكومة وطنية مستقلة وحدثت عملية بناء وتنمية وبدأ المراقبون يتوقعون تبوأ الاقتصاد النيجيري مكانة مرموقة في خريطة العالم الاقتصادية عطفا علي وجود المقومات الاستراتيجية من موقع جغرافي جنوب غرب القارة وثروات طبيعية في مقدمتها النفط والغاز الطبيعي والأراضي الزراعية الخصبة ولكن انجازات اليوم لم ترتق لتوقعات الأمس‏.‏
‏2020‏ عام الطموح النيجيري
وجهت حديثي الي باحث اخر في سياسات النفط ويدعي ايمانويل أباتشا قائلا انني قرأت تقريرا لمركز دراسات الشرق الأوسط وافريقيا يشير الي أن الاقتصاد النيجيري مازال يعتمد بشكل رئيسي علي النفط الذي يشكل‏30%‏ من اجمالي الناتج المحلي و‏95%‏ من عائدات التبادل التجاري و‏80%‏ من الايرادات الحكومية بالاضافة الي تراجع القطاع الزراعي مما انعكس سلبا علي الاقتصاد النيجيري وزاد من الديون الخارجية‏..‏ فرد قائلا نعم هذا الي حد كبير صحيح ولكن استطاعت نيجيريا عام‏2000‏ ابرام اتفاقية معونة مع صندوق النقد الدولي واتفقت مع نادي باريس علي اعادة هيكلة ديونها وحصلت علي قرض ببليون دولار من صندوق النقد‏,‏ وتم ذلك بناء علي الاصلاحات الاقتصادية حيث من المفترض أن تساهم زيادة الاستثمارات الحرة المباشرة في العقد الاخير خاصة من قبل‏800‏ شركة صينية وضاعفت الهند من استثماراتها‏12‏ ضعفا في الأعوام السابقة بالاضافة الي الوجود الايراني واللبناني والاسرائيلي والدول الأوروبية وارتفاع أسعار النفط واستكمال التجربة الديمقراطية الي زيادة معدل النمو الاقتصادي والوصول بالافتصاد النيجيري ليدخل ضمن أهم‏20‏ اقتصادا في العالم بحلول‏2020‏ كما تتطلع نيجيريا لكي يكون لها دور سياسي نافذ من خلال الدخول ضمن الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن في حال توسعته‏.‏
تركت هذا اللقاء المفيد والممتع للحاق بموعد عشاء أقامه السفير المصري بنيجيريا يوسف شوقي علي شرف فرقة ملوي للفنون الشعبية والذي حكي لي عن أن مصر لم تغب عن افريقيا وأن زيارة وزير خارجية نيجيريا لمصر أخيرافتحت الباب لاعادة تنشيط اللجنة الوزارية المشتركة وبعد اللقاء كان علينا التحرك سريعا لمقر اقامتنا لتحضير أمتعتنا والاستعداد للسفر وفي الفندق وأثناء تناولي لفنجان القهوة تعرفت علي أحد صناع السينما في نيجيريا وقال لي إن السينما جزء مهم من الاقتصاد والصناعة في نيجيريا وتعد السوق النيجيرية ثالث أكبر سوق لصناعة السينما بعد الولايات المتحدة والهند حيث تحقق عائدات تقدر ب‏500‏ مليون دولار وتنتج أكثر من‏2000‏ فيلم سنويا وأضاف أن الميديا تخدم كثيرا صناعة السينما حيث توجد‏140‏ محطة تليفزيون منها‏28‏ محطة حكومية والباقي خاصة و‏90‏ محطة اذاعة و‏90‏ صحيفة و‏40‏ مجلة و‏112‏ شركة اعلانية‏.‏
أزمة الحكم في نيجيريا
ولكن رغم كل ذلك الشاهد أنه تبقي في نيجيريا معوقات كثيرة للنهضة تتمثل في سوء الادارة والولاء القبلي لبعض الطوائف لأطراف خارج نيجيريا وتباين توزيع الثروات والفتن الطائفية والفساد بالاضافة للانفلات الأمني فلا يمر يوم الا ونسمع عن خطف عمال نفط أو هجوم مسلح علي مصفاة نفط وحوادث سلب ونهب وقتل في مستودعات شركات النفط الأجنبية وتخريب لشبكات الأنابيب في منطقة دلتا النيجر بالاضافة الي أزمة الحكم في نيجيريا والتي علي أثرها تم تأجيل الانتخابات الي ابريل القادم بناء علي تعديل دستوري حتي تستعد البلاد لهذه الانتخابات وتتمثل الأزمة في ترشيح الرئيس الحالي جودلاك جوناثان للانتخابات القادمة حيث انقسم حزب الشعب الحاكم داخليا حيث يعد جوناثان مسيحيا من الجنوب ويقضي العرف بأن يكون المرشح المقبل مسلما من الشمال احتراما لمبدأ تداول السلطة كل ولايتين وينحدر جوناثان من ولاية دلتا النيجر الجنوبية الغنية بالنفط وانتخب نائبا للرئيس في انتخابات‏2007‏ وتولي الحكم في مايو الماضي بعد وفاة الرئيس عمر يااردوا الذي رحل قبل انتهاء ولايته الأولي كل هذا يثير تساؤلات حول قدرة السياسات النفطية النيجيرية علي تلبية احتياجات أسواق النفط العالمية ولاسيما أن جميع حالات الفلتان الأمني وعدم الاستقرار السياسي تلقي بظلالها علي مستويات العرض والطلب ومن ثم الأسعار والعقود الآجلة‏.‏
انتهت الرحلة صباح الأربعاء الأول من ديسمبر الجاري في تمام الثامنة صباحا بنزول فرقة ملوي للفنون الشعبية مطار القاهرة حاملين المزامير والطبول منشدين أغنية شادية الخالدة ياحبيبتي يامصر‏...‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.