وفد نقابة المهندسين يزور البطريركية المرقسية بالإسكندرية للتهنئة بعيد القيامة    وزارة التجارة تتعاون مع "القومى للبحوث" لربط البحث العلمي بالصناعة    تعاون بين وزارة الاتصالات وشركة "إكسيد"    أول تعليق من الأمم المتحدة على غلق مكاتب قناة الجزيرة بإسرائيل    ما لا يزال يُسمى بالربيع    الجيش الروسي يعلن السيطرة على قرية أوشيريتين الأوكرانية بشكل كامل    ليفربول يتقدم على توتنهام بهدف نظيف بعد مرور 30 دقيقة (فيديو)    حالة الطقس غدا الاثنين 6-5-2024 في الإسماعيلية    مجازاة مدير مدرسة عقب تداول امتحانات الصف الرابع بتعليم ببا في بني سويف    يوسف زيدان وفراس في مرمى النقد بسبب عميد الأدب العربي.. مدحت العدل: طه حسين زلزل المفاهيم التقليدية.. ونشطاء: معيار المبيعات ساذج لا يخرج عن مثقف    فسيخ ورنجة    تامر عاشور يضع اللمسات الأخيرة على أحدث أغانيه، ويفضل "السينجل" لهذا السبب    صرح بأنه أفضل من طه حسين.. 10 معلومات عن السوري فراس السواح    بالفيديو.. أمينة الفتوى: الحب الصادق بين الزوجين عطاء بلا مقابل    أمينة الفتوى: لا مانع شرعي فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    في اليوم العالمي لنظافة الأيدي، مخاطر الغسل المبالغ فيه لليدين    «الصناعات الهندسية» تبحث تعميق صناعات الكراكات بمصر    الخارجية الفلسطينية تدين قيود الاحتلال على كنيسة القيامة والاعتداء على مسيحيي القدس    تكثيف أمني لكشف ملابسات العثور على جثة شاب في ظروف غامضة بقنا    «معلومات الوزراء»: مصر تحرز تقدما كبيرا في السياحة العلاجية    انطلاق مباراة ليفربول وتوتنهام.. محمد صلاح يقود الريدز    "صحة المنوفية" تتابع انتظام العمل وانتشار الفرق الطبية لتأمين الكنائس    «حافظا على صحتك».. تحذيرات من شرب الشاي والقهوة بعد تناول الفسيخ والرنجة    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    نفوق 12 رأس ماشية في حريق حظيرة مواشي بأسيوط    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    وزارة العمل تنظم ندوة لنشر تقافة الصحة المهنية بين العاملين ب"إسكان المنيا الجديدة"    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    موعد استطلاع هلال ذي القعدة و إجازة عيد الأضحى 2024    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    وزير الرياضة يشكل لجنة للتفتيش المالي والإداري على نادي الطيران    لاعب فاركو يجري جراحة الرباط الصليبي    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    بين القبيلة والدولة الوطنية    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    تكريم المتميزين من فريق التمريض بصحة قنا    اليوم.. أحمد سعد يُحيي آخر جولاته الغنائية في أمريكا.. تفاصيل    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيجيريابعد‏50‏ عاما من الاستقلال والوحدة‏..‏ ماذا بعد ؟

في البداية أصارح القاريء الكريم ولو بارتكاب بعض محظورات الصراحة بأنني كنت علي وشك الاعتذار عن تلبية الدعوة للمشاركة في تغطية فعاليات كرنفال أبوجا الثقافي الدولي‏,‏ ولكن بالفعل صدق المثل القائل من جهل شيئا عاداه تذكرت هذه العبارة عندما وطأت قدماي مطار أبوجا الدولي بنيجيريا
وندمت كثيرا علي امتعاضي من الدعوة التي وجهتها لي العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة المصرية لمرافقة فرقة ملوي للفنون الشعبية المشاركة في الكرنفال وسبب ندمي ما رأيته في شوارع أبوجا من منظر كرنفالي رائع يشارك فيه الشعب الرقص والغناء مع الفرق الفنية وماشاهدته من حب جارف من هذا الشعب الطيب للمصريين‏,‏ بالإضافة إلي أهمية أن يري الصحفي بعينه الدنيا فالقراءة عن البلاد شيء والوجود فيها شيء آخر‏,‏ خفف عني هذا المنظر الكرنفالي الجميل وترحاب الشعب النيجيري بنا الأورام والآلام التي سببتها لنا كثرة التطعيمات التي أخذناها قبل السفر ضد الكوليرا والتيفود والحمي الشوكية والحمي الصفراء وفيروس أ للكبد وحبوب الملاريا كنت أظن أننا قادمون إلي بلاد تتنفس أمراضا وتلوثا وجهلا ولكن للوجود هناك بالروح والجسد إنطباع آخر وقبل أن نتحدث عن الرحلة لابد في البداية من معرفة بعض المعلومات البلوجرافية عن هذا البلد الإفريقي الكبير‏.‏
ببلوجرافيا
تعتبر نيجيريا أكبر بلد إفريقي من حيث عدد السكان‏145‏ مليون نسمة وهي جمهورية فيدرالية اتحادية ينتخب رئيس الجمهورية ونائبه لمدة‏4‏ سنوات ولكل ولاية من الولايات ال‏36‏ مجلس تشريعي وقد نالت نيجيريا استقلالها‏1960‏ تقع في جنوب غرب إفريقيا تحدها من الغرب بنين ومن الشرق تشاد والكاميرون ومن الشمال النيجر ومن الجنوب خليج غينيا‏,‏ عاصمتها أبوجا منذ‏1991‏ وكانت لاجوس وهي أكبر مدينة هي العاصمة قبل ذلك‏.‏
يوجد في نيجيريا‏250‏ قومية لغتها الرسمية الإنجليزية ولديها لغات الهاوسا والفولاني يتحدث بها‏29%‏ واليوروبا‏21%‏ والإيكبو‏18%‏ والإيجاو‏10%‏ والكانوري‏4%‏ الإيبو‏3,5%‏ والتيف‏2,5%.‏ يشكل المسلمون‏55%‏ من عدد سكان نيجيريا منهم‏95%‏ سنة و‏5%‏ شيعة ويوجد‏40%‏ مسيحيون‏15%‏ بروتستانت‏,13,7%‏ كاثوليك والباقي طوائف مسيحية آخري وتشكل‏5%‏ الباقية أبناء الديانات الأخري
تمثل نيجيريا المرتبة الثامنة عالميا في إنتاج الخشب والثامنة في إنتاج البترول والعاشرة في احتياطي البترول والثانية عشرة في احتياطي الغاز الطبيعي تتركز معظم حقول النفط في منطقة دلتا النيجر جنوب ووسط البلاد ويمثل النفط‏20%‏ من الناتج المحلي و‏95%‏ من إجمالي حجم تجارتها الخارجية‏.‏
بدأ اليوم الأول من وجودنا في أبوجا‏26‏ نوفمبر الماضي بإفتتاح كرنفال أبوجا الذي حضره وزير السياحة والثقافة النيجيري أبوبكر الصديق محمد نائبا عن رئيس الجمهورية الذي أكد أن التنوع والوحدة هما أهم مايتميز به المجتمع النيجيري وأن الاحتفال هذا العام يكتسب صفة استثنائية لكونه يصاحب احتفالات نيجيريا بالذكري الخمسين للاستقلال وإنشاء أول دولة اتحادية وحضر الافتتاح محمد سامو حاكم ولاية أبوجا العاصمة بالإضافة إلي سفيري مصر والهند اللذين تشارك بلديهما في هذا الكرنفال‏.‏
الكل يرقص في أبوجا
كان الاستعراض الذي قامت به أكثر من‏400‏ فرقة من‏36‏ ولاية نيجيرية بالإضافة إلي فرقتي مصر والهند خلال العرض العام للفنون الشعبية المشاركة في الكرنفال قد تم في ساحة العروض والمهرجانات في شكل عروض علي منصات متحركة طافت الميادين الرئيسية للعاصمة أبوجا‏,‏ وقدمت الفرقة المصرية علي مدار ثلاثة أيام رقصات الشعبيات‏,‏ التنورة‏,‏ السحجة‏,‏ القصب‏,‏ التحطيب أمانة يامراكبي‏,‏ خطبوني يا أبو الحسن وقد انفعل الجمهور مع مزمار جرجاوي مناع ومحمد مصطفي‏,‏ ورقصوا كثيرا علي طبلة نجاح عبد اللطيف ورقصة الكرسي لأسامة رشدي كما إنبها الجمهور برقصة التنورة التي قدمها أبو بكر محمد وطالبوا بإعادتها وأبدوا الإعجاب كثيرا بعازف الناي يعقوب غالي والمغني الشعبي محمد سعد ورقصة التحطيب التي قدمها ياسر محمد عادل وأبو بكر عبدالمقصود بالإضافة الي التشجيع المستمر لراقصي الفرقة جمال صلاح و محمد فتحي ومحمد الأمين وأيمن محمد والراقصات نادية عثمان وأسماء محمد سعد وشيماء محمد سعد وصفاء محمود وقد قامت مندوبة العلاقات الثقافية الخارجية هناء لبيب محمود وبعض إداريي السفارة المصرية وأعضاء الفرقة بتوزيع الأعلام المصرية والكتيبات التي تحكي ثقافة وحضارة مصر خلال حفلي الافتتاح والختام مما لاقي إعجاب الجمهور النيجيري الذي شجع ورقص كثيرا مع الفرقة المصرية‏.‏ تعرفت أثناء وجودي بمنصة ساحة أبوجا للعروض بباحث نيجيري في الفولكلور يدعي أندسي أوبيرو الذي لاحظ إعجابي وإنفعالي مع فرق الفنون الشعبية والرقصات الإفريقية المبهرة‏..‏قال لي إن الرقصات الإفريقية مرآة تعكس الأصالة التاريخية لعادات وتقاليد القارة السمراء‏,‏ وتشكل الرقصات النيجيرية بمختلف ألوانها وأنواعها وسيلة للتعبير عن الجمال الداخلي حيث تتناغم الحركة مع الترانيم الموسيقية لتسمو إلي درجة الصفاء الروحي‏,‏ وشرح لي أندسي أن الرقصات التي تعرض أمامنا بعضها يعبر عن حب المرأة والحفاظ علي الشرف والحفاط علي شرف وكرامة القبيلة‏,‏ وحب الوطن‏,‏ والعلاقة بين الخادم وحاكمه وهكذا وقال إن مزج الحركة الجسدية بالروح وسط الصرخات والنداءات الصاخبة تنقل رسالة تدعو إلي ضرورة التعاون والتفاهم والتسامح بين الأفراد وبين القبائل وبين الحاكم والمحكوم‏,‏ ويضيف أندسي أن طغيان الظاهرة الموسيقية لدي شعوب القارة السمراء لايمكن تفسيره إلا عبر الاستشهاد بتلك الفكرة البسيطة في شكلها والعميقة في معناها والتي تقول إن الموسيقي هي الحياة وإنتهي الحوار وسط قرع الطبول التي تعبر عن جوهر الثقافة الإفريقية والصوت الآسر لألة لاكورا وهي آلة وترية تصنع البهجة وترافق الطبل‏(‏ التام تام‏)‏ لتشدو بأعذب الألحان وهي عبارة عن آلة من الخشب وجلد النمر وبأوتار تصنع من ذيل الحصان هذا المشهد والذي استمر أكثر من‏8‏ ساعات متصلة دليل علي حب هذا الشعب للحياة ووجود أكثر من‏50‏ ألف متفرج يرقصون مع أكثر من‏400‏ فرقة فنية طوال هذا الكم من الساعات دعا أحد أعضاء الفرقة المصرية بالقول‏(‏ الكل هنا يرقص‏..‏أين الشعب‏)..‏
القوي الناعمة
فوجئنا صباح اليوم الثاني وبعد تقديم الفرقة المصرية لأحد عروضها بأن إدارة المهرجان تبلغ مدير الفرقة أسامة محمد بأن وزير الثقافة والسياحة يريد مقابلة الفرقة وتكريمها بمكتبه وخلال اللقاء عبر وزير الثقافة والسياحية للسفير المصري يوسف شوقي عن تقدير بلاده للدور المصري في إفريقيا وأثني علي العلاقات المتميزة بين بلاده ومصر وأن مشاركة مصر في الفعاليات التي تقيمها نيجيريا إنما تعبر عن أخوة إفريقية حقيقية وأن مصر تمتلك من القوي الناعنة مايؤهلها لأن تضع لها قدما في كل مكان في العالم وأضاف أن تشجيع‏50‏ ألف نيجيري لفرقة ملوي للفنون الشعبية ماهو إلا دليل قاطع علي حب شعبنا لمصر وللمصريين وخص وزير الثقافة والسياحة النيجيري أبوبكر الصديق محمد العلاقات الثقافية الخارجية برئاسة حسام نصار بالشكر والتي تحرص علي تلبية الدعوة للمشاركة في كرنفال أبوجا سنويا‏,‏ وقد قام أسامة عبد الله مدير الفرقة بتقديم درع الهيئة العامة لقصور الثقافة ودرع محافظة المنيا للوزير النيجيري تقديرا لتكريمه وإعجابه بالفرقة‏,‏ كما قدمت هناء لبيب مندوبة العلاقات الثقافية الخارجية مجموعة من إصدارات وزارة الثقافة وقطاع العلاقات الثقافية الخارجية لوزارة الثقافة النيجيرية‏.‏ قبل خروجنا من مبني وزارة الثقافة والسياحة لمحت صورة أديب نيجيريا الكبير وول سونيكا علي أحد الحوائط مما دعا مرافقتنا النيجيرية
أوجو للقول بأن هذا هو نجيب محفوظ نيجيريا مما زاد من فضول الوفد المصري فشرحت لهم أوجو تاريخ هذه الشخصية العظيمة في نيجيريا والذي كان أول افريقي يحصل علي نوبل‏1986,‏ تقول أوجو لقد هاجر سونيكا‏1993‏ هربا مما أسماه بحكم الرشاشات العسكرية والانحطاط وقضبان السجون وقد أعدم النظام والده الشاعر الكبير كين ساروديوا في نوفمبر‏1995‏ ويعتبر سونيكا أحد أهم كتاب القارة وأكثرهم مناصرة لقضية الهوية والثقافة الافريقية والنظام الاجتماعي الافريقي وهو شاعر وروائي وكاتب مسرح وممثل ومترجم وسياسي وناشر ولد‏1934‏ في ولاية بركوتا غرب نيجيريا ودرس في جامعة ليدز وحصل علي الدكتوراة‏1973‏ وتقول أوجو أن من أهم أعماله وأكثرها قراءة موسم أنومي والمترجمون‏,‏ مكوك في القبو‏,‏ وأرض مانديل‏,‏ وقصائد من السجن وعمل أستاذا زائرا للأدب المقارن بجامعات كامبردج ويل وشيفيلد بانجلترا وآخر مؤلفاته بعنوان يجب أن تبين عند الفجر‏.‏
قبل أن تخرج من مقر الوزارة لاحظنا جميعا وجود مسجد بالمدخل وكان المصلون خارجين توامن صلاة العصر تركت الفرقة والمشرفين يركبون الحافلة وفي غفوة منهم ذهبت الي امام المسجد للسؤال عن شئ طالما أقرأ عنه ولم أفهمه تعرفت علي الامام ويدعي كبيرو محمد وهو في نفس الوقت عضو في حزب الشعب الحاكم وسألته عن جماعة بوكو حرام
بوكو حرام
وكما يقول الفيلسوف الفرنسي الشهير فوليتر قبل أن تحدثني يجب أن تحدد مصطلحاتك‏..‏فالآن سوف تعرفون ماهو بوكو حرام هي مجموعة من الطلبة تخلو عن الدراسة وأقاموا قاعدة لهم في شمالي شرق البلاد علي الحدود مع النيجر وتأسست هذه الجماعة التي يطلقون عليها في نيجيريا طالبان افريقيا عام‏2004‏ وضمت آنذاك‏200‏ شاب وفتاة ومنذ ذلك الحين علي حد تعبير كبيرو محمد وهي تخوض في مصادمات مع قوات الأمن وتدعو الي تطهير نيجيريا من مظاهر التعليم الغربي والفسق والفجور والدعارة فبوكو حرام تعني التعليم الغربي حرام وفي يوليو‏2009‏ أندلعت اشتبا كات مع الشرطة اقتحموا علي أثرها المباني الحكومية وقسرالشرطة وانتهي الأمر باقتحام قوات الأمن لمعقلهم وحدث ما سمي بمذبحة جوس
ويقول كبيرو محمد أنه تم أيضا أشتباكات بين المسيحيين والمسلمين منذ سنوات ولكن بسبب أعادة بناء منازل تم تدميرها‏..‏ويري كبيرو محمد أن الخلاف بين المسلمين والمسيحيين أخذ شكلا طائفيا في الاعلام والميديا ولكن السبب في الخلاف هو الصراع علي النفوذ السياسي والاقتصادي والسبب الدائم في الخلافات ليس الدين علي الاطلاق بل الفساد والفقر وانعدام العدالة وغياب القوانين والانفلات الأمني وعدم العدالة في توزيع الثروة بالاضافة الي الخلل الاجتماعي‏,‏ ويقول كبيرو محمد انه في نيجيريا‏250‏ قومية وهناك اختلاف في الأديان حتي بين أصحاب الدين الواحد ولكن الآن في نيجيريا نحن مؤمنون بأن الدين لله والوطن فوق الجميع ويقول كبيرو محمد أن أفضل مايدلل علي كلامه هو موقف الرئيس أوبا سانجو عندما فشل في عمل تعديل دستوري يتيح له الترشح لولاية ثالثة قام بدعم الرئيس عمريارادوا المسلم لكي يخلفه‏.‏
الإسلام في نيجيريا
وقال كبيرو محمد أن الاسلام دخل نيجيريا منذ القرن العاشر الميلادي حيث تدفق علماء الدين الاسلامي من شمال القارة متتبعين القوافل التجارية المسافرة عبر الصحراء وفي جعبتهم الثقافة الاسلامية وساهم الطريق التجاري مع السودان في تعزيز الدين الوافد وكان لقبيلة الهوسا اليد الطولي في اعتناق أعداد ضخمة من النيجيريين للاسلام‏,‏ ويضيف كبيرو محمد أنه من العلامات الفارقة في تاريخ نيجيريا والتي تدل علي تجذر الاسلام فيها هو قيام حركة اصلاحية قادها عثمان بن فودي‏1184‏ انتهت بتوحيد الشمال تحت حكم الاسلام وحتي الآن والأغلبية في نيجيريا مسلمون حيث توجد أغلبية مطلقة للمسلمين في‏19‏ ولاية في الشمال من أصل‏36‏ ولاية بالاضافة الي نسب متفاوتة في الولايات الآخري تركت كبيرو محمد وذهبت علي أمل لقاء في صباح اليوم الثالث لاتعرف أكثر علي هذا البلد الكبير وبالفعل وفي بوعده وأخذني من مقر اقامتي الي جامعة أبوجا للتعرف علي بعض الباحثين المتخصصين في العلوم السياسية والاقتصادية
أقتصايات النفط
حكي لي جوزيف اينرامو وهو متخصص في اقتصاديات النفط عن التجربة النيجيرية في هذا المجال قائلا أن صناعة النفط في نيجيريا تعود جذورها إلي الثلاثينيات من القرن الماضي عندما منحت الحكومة البريطانية شركة رويال دويتش شل النفطية امتياز التنقيب عن النفط في الأراضي النيجيرية‏..‏ وتطورت العلاقة النيجيرية مع النفط بعد عام‏1958‏ عندما أعلنت الشركة اكتشافات نفطية كبيرة في منطقة دلتا النيجر جنوب نيجيريا والمتاخمة لخليج غينيا‏,‏ بشكل جعل المنطقة تصبح لاحقا المنطقة الرئيسية لانتاج النفط النيجيري‏,‏ ولم يمض عامان حتي حصلت نيجيريا علي الاستقلال عن بريطانيا‏1960‏ ويضيف اينرامو أن الشعب النيجيري بدأ منذ تلك اللحظة يتنفس الصعداء تحت حكومة وطنية مستقلة وحدثت عملية بناء وتنمية وبدأ المراقبون يتوقعون تبوأ الاقتصاد النيجيري مكانة مرموقة في خريطة العالم الاقتصادية عطفا علي وجود المقومات الاستراتيجية من موقع جغرافي جنوب غرب القارة وثروات طبيعية في مقدمتها النفط والغاز الطبيعي والأراضي الزراعية الخصبة ولكن انجازات اليوم لم ترتق لتوقعات الأمس‏.‏
‏2020‏ عام الطموح النيجيري
وجهت حديثي الي باحث اخر في سياسات النفط ويدعي ايمانويل أباتشا قائلا انني قرأت تقريرا لمركز دراسات الشرق الأوسط وافريقيا يشير الي أن الاقتصاد النيجيري مازال يعتمد بشكل رئيسي علي النفط الذي يشكل‏30%‏ من اجمالي الناتج المحلي و‏95%‏ من عائدات التبادل التجاري و‏80%‏ من الايرادات الحكومية بالاضافة الي تراجع القطاع الزراعي مما انعكس سلبا علي الاقتصاد النيجيري وزاد من الديون الخارجية‏..‏ فرد قائلا نعم هذا الي حد كبير صحيح ولكن استطاعت نيجيريا عام‏2000‏ ابرام اتفاقية معونة مع صندوق النقد الدولي واتفقت مع نادي باريس علي اعادة هيكلة ديونها وحصلت علي قرض ببليون دولار من صندوق النقد‏,‏ وتم ذلك بناء علي الاصلاحات الاقتصادية حيث من المفترض أن تساهم زيادة الاستثمارات الحرة المباشرة في العقد الاخير خاصة من قبل‏800‏ شركة صينية وضاعفت الهند من استثماراتها‏12‏ ضعفا في الأعوام السابقة بالاضافة الي الوجود الايراني واللبناني والاسرائيلي والدول الأوروبية وارتفاع أسعار النفط واستكمال التجربة الديمقراطية الي زيادة معدل النمو الاقتصادي والوصول بالافتصاد النيجيري ليدخل ضمن أهم‏20‏ اقتصادا في العالم بحلول‏2020‏ كما تتطلع نيجيريا لكي يكون لها دور سياسي نافذ من خلال الدخول ضمن الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن في حال توسعته‏.‏
تركت هذا اللقاء المفيد والممتع للحاق بموعد عشاء أقامه السفير المصري بنيجيريا يوسف شوقي علي شرف فرقة ملوي للفنون الشعبية والذي حكي لي عن أن مصر لم تغب عن افريقيا وأن زيارة وزير خارجية نيجيريا لمصر أخيرافتحت الباب لاعادة تنشيط اللجنة الوزارية المشتركة وبعد اللقاء كان علينا التحرك سريعا لمقر اقامتنا لتحضير أمتعتنا والاستعداد للسفر وفي الفندق وأثناء تناولي لفنجان القهوة تعرفت علي أحد صناع السينما في نيجيريا وقال لي إن السينما جزء مهم من الاقتصاد والصناعة في نيجيريا وتعد السوق النيجيرية ثالث أكبر سوق لصناعة السينما بعد الولايات المتحدة والهند حيث تحقق عائدات تقدر ب‏500‏ مليون دولار وتنتج أكثر من‏2000‏ فيلم سنويا وأضاف أن الميديا تخدم كثيرا صناعة السينما حيث توجد‏140‏ محطة تليفزيون منها‏28‏ محطة حكومية والباقي خاصة و‏90‏ محطة اذاعة و‏90‏ صحيفة و‏40‏ مجلة و‏112‏ شركة اعلانية‏.‏
أزمة الحكم في نيجيريا
ولكن رغم كل ذلك الشاهد أنه تبقي في نيجيريا معوقات كثيرة للنهضة تتمثل في سوء الادارة والولاء القبلي لبعض الطوائف لأطراف خارج نيجيريا وتباين توزيع الثروات والفتن الطائفية والفساد بالاضافة للانفلات الأمني فلا يمر يوم الا ونسمع عن خطف عمال نفط أو هجوم مسلح علي مصفاة نفط وحوادث سلب ونهب وقتل في مستودعات شركات النفط الأجنبية وتخريب لشبكات الأنابيب في منطقة دلتا النيجر بالاضافة الي أزمة الحكم في نيجيريا والتي علي أثرها تم تأجيل الانتخابات الي ابريل القادم بناء علي تعديل دستوري حتي تستعد البلاد لهذه الانتخابات وتتمثل الأزمة في ترشيح الرئيس الحالي جودلاك جوناثان للانتخابات القادمة حيث انقسم حزب الشعب الحاكم داخليا حيث يعد جوناثان مسيحيا من الجنوب ويقضي العرف بأن يكون المرشح المقبل مسلما من الشمال احتراما لمبدأ تداول السلطة كل ولايتين وينحدر جوناثان من ولاية دلتا النيجر الجنوبية الغنية بالنفط وانتخب نائبا للرئيس في انتخابات‏2007‏ وتولي الحكم في مايو الماضي بعد وفاة الرئيس عمر يااردوا الذي رحل قبل انتهاء ولايته الأولي كل هذا يثير تساؤلات حول قدرة السياسات النفطية النيجيرية علي تلبية احتياجات أسواق النفط العالمية ولاسيما أن جميع حالات الفلتان الأمني وعدم الاستقرار السياسي تلقي بظلالها علي مستويات العرض والطلب ومن ثم الأسعار والعقود الآجلة‏.‏
انتهت الرحلة صباح الأربعاء الأول من ديسمبر الجاري في تمام الثامنة صباحا بنزول فرقة ملوي للفنون الشعبية مطار القاهرة حاملين المزامير والطبول منشدين أغنية شادية الخالدة ياحبيبتي يامصر‏...‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.