مع انتهاء الجولة الأخيرة والحاسمة لانتخابات مجلس الشعب أمس, تكون مصر قد اجتازت واحدا من أهم المنعطفات التاريخية في مسيرتها نحو استكمال تجربتها الديمقراطية النابعة من إرادتها الوطنية الخالصة. وبعيدا عن ردود الفعل المتوقعة من الفائزين والخاسرين, سواء جاء عند أقصي درجات الإشادة والثناء من جانب, أو حفلت بالانتقادات والملاحظات من الجانب الآخر, فإن مجمل المشهد علي الساحة المصرية يقودنا إلي حقائق ترتفع فوق الحسابات الحزبية والشخصية الضيقة في مقدمتها: أولا: أن الانتخابات بجولتيها الأولي والثانية قد أكدت صلابة الإرادة المصرية التي تستعصي دائما علي المراهنين بإمكان اختراقها, وبث روح الانشقاق, ونشر الفوضي علي أرضها, كما حدث ويحدث في الكثير من البلدان من حولنا, التي انساقت وراء الشعارات البراقة والزائفة, وأخذت بالوصفات سابقة التجهيز فدخلت إلي الأنفاق المظلمة حتي يومنا هذا. ثانيا: أن مصر تتحمل التفاعلات الناجمة عن العملية الانتخابية مهما تكن سخونتها وحراكها المتزايد نتيجة المساحات الواسعة للممارسة السياسية النشيطة, والأجواء التي توفرها حرية الرأي والتعبير, وقد أتاحت للعالم بأسره المتابعة الدقيقة, والبث المباشر لمجريات المشهد الانتخابي دون رقابة أو إجراءات استثنائية, وهي علامة ودليل علي الثقة بالنفس, وبسلامة البنية التحتية للقوي السياسية الفاعلة, ونقصد بها تحديدا الأحزاب الشرعية التي استطاعت امتلاك زمام المبادرة في إنجاز الاستحقاق الانتخابي. ثالثا: أن أكثر الانتقادات وأشدها قسوة لا يمكنها بوجود حزب يمتلك شعبية تخالف ما ذهبت إليه النتائج المعلنة, وبالتالي لا مفاجأة علي الإطلاق لما أفرزته صناديق الاقتراع, باستثناء النسبة الإجمالية التي فاقت التوقعات بسبب التخطيط الجيد والجاد من حزب الأغلبية, في حين اكتفي البعض بالمراهنة علي أوراق خاسرة, وصفقات وهمية من نسج خياله وحده. رابعا: ان حالة من الارتياح العام تسود الشارع المصري بعد نهاية الانتخابات التي تعطي إشارة البدء لمرحلة جديدة في مسيرة الوطن.