الحج عبادة روحية وجسدية وهي رحلة يتحمل فيها المسلم مشاق ترك الوطن والأهل وبذل المال والانقطاع إلي الله ابتغاء رضاه سعيا لتكفير الذنوب وفتح صفحة جديدة من صفحات الخير والايمان.. رحلة توجب علي المسلم أن يستعد لها حتي لا يقع في محظور فيضيع أجره ويحبط عمله. وحول الاستعداد لأداء فريضة الحج وأهم ما يجب التركيز عليه حتي يرجع بحج مبرور وذنب مغفور يري الشيخ أسامة هاشم الحديدي إمام مسجد الحسين أن المسلم يجب عليه تطهير النفس والبدن والمال قبل أية عبادة خاصة عبادة الحج حيث جعل الله تبارك وتعالي الأشهر الحرم تمهيدا لذهاب الحجيج لبيته لأداء المناسك في أمن وأمان فقد قال تعالي إن عدة الشهور عند الله إثني عشرا شهرا يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ثم يوضح القرآن الكريم أن الله تعالي أمر رسوله ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما السلام بتطهير البيت فقال تعالي وعهدنا إلي ابراهيم واسماعيل أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود البقرة آية521 فوجب علي العبد أن يطهر نفسه وحاله فرغم أن ابراهيم واسماعيل كانا ينفذان آمر الله بالبناء والتطهير لبيته الحرام فانهما عقب التنفيذ سألا الله قائلين: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وكذلك العبد إذا فرغ من أداء عبادة أو اعمال صالحة عليه أن يدعو الله أن يتقبل منه خاصة هذه الشعيرة مشيرا إلي أن الاستعداد لأداء هذه الفريضة يبدأ بالتوبة فهي خير بداية ونهاية للأعمال الصالحة لأن يندم علي ما فعل وارتكب من الآثام وأن يرد المظالم لأهلها وأن يعزم علي عدم العودة إلي ارتكاب المحرمات وأن يطيب ماله فلا يكون إلا من كسب طيب لأن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وأن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالي يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم ويشير الحديدي إلي أن المسلم إذا نوي الحج عليه أن يؤدي الأمانات إلي أهلها فإنه لا يدري أن يقبض في الأرض المباركة أمر لا كما أن الله أمر بأداء الأمانات في قوله تعالي إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وقوله صلي الله عليه وسلم في حجة الوداع فمن كانت عنده أمانة فليؤدها لمن ائتمنه عليها وأن يصلح فيما بينه وبين أهله وزوجته وأقاربه وجيرانه والناس عامة. وحذر الحديدي من عدم إخلاص النية لله حتي لا تبطل العمل والعبادة لقوله تعالي في حديثه القدسي أنا أتمني الشركاء من الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه بالاضافة للابتعاد عن الكلام الذي لا يليق قوله تعالي فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج كما أن الحاج ينبغي أن يعلم بأن الأشهر الحرم فرصة لمضاعفة الحسنات فيكون علي جانب من الحذر لقوله تعالي ومن يرد فيه بالحاد بظلم نذقه من عذاب أليم والله تعالي عندما تحدث عن الأشهر الحرم قال فلا تظلموا فيهن أنفسكم ولا تتركوا من الخطايا ما يسوئكم ولا ينسي أن الله قد جمع فيه بين شرفين يزاد له فيها الحسنات وترفع فيه الدرجات وشرف الزمان وشرف المكان فأعمال الحج في زمان شريف ومكان شريف. وأوضح الحديدي أن الرسول صلي الله عليه وسلم اختار لنا التمتع غير أنه صلي الله عليه وسلم حج مقرنا وقال إن حييت لعام قابل لا حجن متمتعا. وحذر الحديدي من الخوض في الأمور السياسية أثناء الحج حيث إن المجال لا يسمح بها في حالة يتشبه فيها الحجاج بهيئتهم بيوم الحشر فضلا أن الله قال: فإذا قضيتم مناسكم فاذكروا الله كذكركم أباءكم أو أشد ذكرا ثم بين أن أفضل الدعاء قوله تعالي ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.. ويضيف الشيخ محمد فايد إمام بأوقاف الإسكندرية أن متي توافرت شروط الحج وجب علي صاحب أداء الفريضة وهي الاسلام والبلوغ والعقل والحرية, الاستطاعة بإمتلاك الزاد أو الراحلة وعليه فلا حج علي صبي ولا مجنون وعبد ولا غير مستطيع لقوله تعالي ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فأن الله غني عن العالمين وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض وتضل الراحلة وتعرض الحاجة كما يجب علي الحاج أن يختار الصاحب الصالح والرفيق الآمن والدليل العالم بأحكام الحج والمواقف والشعائر والأفضل الذهاب مع العلماء العاملين فإذا من الله عليه بهذا الفضل فليتمسك به فإنه يعينه علي الحج ومكارم الأخلاق ويمنعه بعلمه وعمله من سوء ما يطرأ علي المسافر من مساوئ الأخلاق وذلك لأن فضل الحج عظيم لما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه وقوله صلي الله عليه وسلم الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة وقوله أيضا صلي الله عليه وسلم عندما سأل أي الأعمال أفضل؟ فقال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا قال الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا قال حج مبرور والمبرور من كان من مال حلال ابتعد صاحبه عن الفسق والاثم والجدال فيه وأتي بالمناسك وفق السنة المطهرة ولم يرائي بحجه وأخلص فيه لربه ولم يعقبه بمعصية أو اثم. ويوضح فايد أن الحج هو الركن الخامس في الإسلام وقد فرضه الله تعالي في السنة التاسعة من الهجرة وهي سنة الوفود التي نزلت فيها سورة آل عمران وفيها قوله تعالي ولله علي الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ويجب علي الحاج قبل سفره أن يصحح النية لقوله صلي الله عليه وسلم إنما الاعمال بالنيات فمن الناس من يذهب للحج ليشتري لقبا ويقوم بعمل الحفلات ويضع الرايات علي بيته ويكتب بعض الجمل التي تجزم بمغفرة الله له مثل حج مبرور وذنب مغفور وهذا مما لا أصل له في السنة بل يعد من الرياء الذي يحبط الأعمال كما يستعد الحاج بطلب العفو ممن أساء له قبل سفره للحج وأن يرد المظالم لأهلها وأن يترك أهله في ستر حتي لا يحتاجوا إلي ما في أيدي الناس لقوله صلي الله عليه وسلم كفي بالمرء إثما أن يضيع من يعول وأن يترك الجدل في السفر فهو إنما خرج لله والله يقول فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج كما يستعد أيضا بإرضاء والديه والدعاء لهما وأن يسألهم الدعاء له.