هل نحن حقا فى دولة مؤقتة؟ ومتى تنتهى حالة الدولة المؤقتة، التى تنتظر شيئا ما "هل هو القضاء على الإرهاب أو القضاء على المؤامرات الخارجية أو ما يسمى بالطابور الخامس" سوف يأتى ليغير حياة الناس إلى الأفضل، ولكن لا ياتي؟ وكأننا فى حالة انتظار دائم منذ يناير (2011) ولكننا لا نعرف ما ننتظر وإلى متى ننتظر وماذا وأى نتيجة سوف نجنيها من الانتظار؟ فمنذ (3) سنوات يتعلل الوزراء والمحافظين ورؤساء الهيئات بظروف البلد، والفوضى والمؤامرات الدولية والإقليمية والداخلية، إن الأخطار الخارجية والمؤامرات الدولية والإقليمية مهما بلغت ضراوتها كفيل بها شخص رئيس الجمهورية والجيش المصرى وأجهزة المخابرات العامة والحربية وأجهزة أمن الدولة والأمن القومي، وأن شخصيا على يقين وثقة فى شخص الرئيس وأجهزة الأمن القومى فى صيانة كامل أرض وتراب الوطن مصر المحروسة بعناية الله. وأما ما يؤرقنى حقا ويقض مضجعى هو حجم الفساد الإدارى والتنظيمى والمالي، والذى توطن فى كل أجهزة الدولة المصرية، وكأنه قدر محتوم لا فكاك منه فساد فى التهرب الضريبى والجمركى كفيل وحده، لو تم تداركه لكان كفيلا بحل معضلة عجز الموازنة العامة للدولة، وفساد فى الطرق الاسفلت لو تم تداركه لانحسرت نسب حوادث الطرق فى مصر، والتى تمثل نسبة من أعلى المعدلات فى العالم وما احتجنا إلى اعادة الرصف بعد سنوات معدودة، وفساد فى الصحة لو تم تداركه لانخفضت معدلات الوفيات من الإهمال ونسب الأمراض الشائعة فى مصر، وعلى الاخص معدلات وفيات الأطفال، وفساد فى الزراعة لو تصدت له الدولة، وأعادت نظام الإرشاد الزراعي، وأصلحت منظومة البذور والأسمدة والمبيدات وأعادت النظر فى دور بنك التنمية الزراعى واهتمت برعاية الفلاحين، وتصلبت فى حماية الأراض الزراعية من البناء عليها لتداركت مصر مشكلة نقص الأقماح واستغنت عن العالم أجمع فى مجال الحاصلات الزراعية، وكيف يكون هناك وزير النقل وأنى أرى محطة سكك حديد، كما هى منذ أكثر من أربعين عاما، وفساد توزيع الاراض فى المناطق الجديدة لا يخفى على ساكنى مصر المحروسة. كما أن الفساد فى التعليم لو بذلت الدولة العناية الكافية لصيانة أموال الابنية التعليمية وصناديق التطوير المزعومة فى التعليم، وما يسمى بنظم الجودة، والتى غالبا ما تذهب لجيوب وحسابات القائمين عليها، فهى تنفق على أى شيء من مكافآت وحوافز إلا على إصلاح التعليم نفسه! أقول لو تصلبت الدولة أيضا فى تطبيق القوانين لتقلصت الدروس الخصوصية التى تفسد على المصريين حياتهم، وكيف يتسنى أن يحدث تطوير فى التعليم إذا كان المنوط بهم الرقابة على العملية التعليمية فى مصر غالبا ما يشاركون فى الكثير من المؤسسات التعليمية الهادفة للربح! وفساد فى الإدارة المحلية لو تداركته الدولة ما سقطت الابنية، ولا تهالكت الطرق بالحفر والمطبات ولا اكتظت الشوارع بأكوام القمامة التى تصيب الشعب بالإحباط كل صباح. اتساءل حقا وأنا أمر على أكوام القمامة فى كل صباح، أو لسنا فى دولة مكتملة الأركان؟ ولدينا حكومة تحكم الدولة، ولدينا وزير للتنمية المحلية، ولدينا محافظ يحكم المحافظة، ولدينا أيضا أساطيل من السيارات فى الاحياء، فإذا كانت توجد دولة وحكومة ووزير ومحافظ ورئيس حي، فمالى أرى أكوام القمامة تفترش الشوارع؟ وما جدوى وجود كل هؤلاء الاشخاص بمرتباتهم وبدلاتهم وسياراتهم وحراستهم، ومالى أرى وزيرا تناقلته أزمنة ثلاثة، وما تبدل موقعه وكأن مصر عقمت أن تلد وزيرا غيره؟ وزير يصرح دوما بأن هناك حركة تغيير لمحافظين ولكنها لا تأتى ابدا. أناشد السيد الرئيس أن يسبغ رعايته واهتمامه بدعم كل الاجهزة الرقابية من الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات "بعد التطوير والتعديل" ومباحث الأموال العامة، وعدم التعويل على الاجهزة الرقابية داخل الوزارات أو ما يسمى بأجهزة المراجعة والمراقبة الداخلية، فهى فاسدة لا محالة لتبعيتها لرؤساء الهيئات والوزراء والمحافظين. لقد سئمنا حالنا يا سيادة الرئيس، لقد غيرت فى الوزارة الجديدة وزير التموين، فأصبحت اشترى بالجنيه ثلاثة أرغفة بدلا من أربعة، وقد خف وزنه للنصف، ولم أجد تطويرا، ولا تحسينا فى مكاتب التموين لراحة الناس والإجراءات زادت تعقيدا، بعد استحداث نظام ما يسمى بالبطاقات الذكية، وأرجو أن تسعى الرقابة الإدارية لمعرفة من هو صاحب الشركة التى تدير بطاقات التموين الذكية، أتمنى على الوزير أن يذهب لزيارة مكتب تموين ويقضى به يوما واحدا وكفى حتى يتسنى له قياس مستوى التطوير الذى أدخله على وزارته، ولقد غيرت أيضا وزير التعليم، والذى قام بصياغة استراتيجية جديدة للتعليم فى مصر، وكيف وأنا أراه غير قادر على انفاذ قرار وزارى واحد بتنظيم المصروفات الدراسية فى المدارس الخاصة، فلو كان سيادته جادا فى تنفيذ القرار لأطمئن قلبى له بقدرته على تطبيق الاستراتيجية الجديدة للتعليم. إننى أرى أن الحكومة تمثل أنها تدير نظاما تموينيا ونظاما تعليميا ونظاما صحيا ونظام تنمية محلية فى المحافظات، إن شعارات محاربة الفساد يتلقفها الفاسدون بلا مبالاة، ولا يعيرونها أدنى اهتمام، مادام بقيت التشريعات التى تحكم جهاز الرقابة الإدارية والجهاز المركزى للمحاسبات، كما هى وقد أفرزتها نظم سياسية سابقة فاسدة ثار الشعب عليها، إن زيارة مقر الرقابة الإدارية والاحتفال بها لا يكفى وحده ما بقيت القوانين والتشريعات التى تحكم عملها، كما هى .إن حماية المجتمع من أخطار الفساد فى كل مؤسسات الدولة لا يقل أهمية عن حماية الدولة من الاطار الخارجية، بل ربما يكون مقدما عليها، لأنه فى تلك الحالة يكون المجتمع المستقر الذى تشمله العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بمثابة الحصن والحماية للرئيس والجيش والأمن القومى فى مواجهة الاخطار الخارجية المحدقة بالدولة المصرية.