حين صدر بيان الرئيس الأمريكي بالتدخل الأمريكي لحماية الأيزيديين المحصورين في سنجار العراق، من قتل داعش، نشطت داعش يوم 10 أغسطس بالرد، مهددة بقطع الرقاب. وناشرة لفيديوهات سلفها الإرهابي أبي مصعب الزرقاوي وهو يقطع رقبة مهندس أمريكي كان أسيرا عنده عام 2005! وهو ما انتقده بسببه الكثيرون ومنهم حتي بعض شيوخ ومنظري سلفهم في القاعدة! القاعدة تتهم داعش بالغلو والتطرف منذ قتل أحد المنتمين إليها في مايو 2014 أبو خالد السوري أثناء وساطته بين النصرة وداعش، واتهمت في ذلك داعش، التي ردت عليها الصاع صاعين معيرة للظواهري بعلاقته وعلاقة القاعدة العميقة والقديمة بإيران. بعيدا عن كل هذا الجدل السياسي . أصيب المسلمون من إرهاب داعش بالخوف والإحساس بالعار، وتشوهت صورة الإسلام بآلة داعش الإرهابية كل تشوه، من أجل خلافتهم المزعومة وخليفتهم الموتور الذي ظهر في صورة لقاء بجون ماكين بعدد من فصائل المعارضة السورية! لم ينفه ولم يؤكده حتي الآن أحد، يبقي الخطر علي الإسلام وليس الخطر علي المسلمين من داعش. خطر تشوه هذا الدين الحنيف. الذي احتوت قرآنه الكريم علي 411سورة بينها سورة باسم الإنسان وأخري باسم الناس وجعل سورة باسم مريم العذراء عليها وعلي ابنها أفضل الصلاة والسلام. ما تقدمه داعش وأنصار بيت المقدس وفلول الإسلاميين في ليبيا ودرنة وكثيرا من سوريا ليس من الإٍسلام الذي نعرفه في شيء، الإسلام الذي بقي عبد أو مولي خادم عند عمر بن الخطاب الخليفة الراشد الثاني مسيحيا مصرا علي بقائه علي ديانته وعقيدته ولم يضطره أمير المؤمنين الذين كان معروفا بالشدة للتحول لاعتناق الإسلام، بل قال له وللحاضرين بعد أن دعاه عديد المرات إلي أن يشهد بأن عمر قط طبق أنه« لا إكراه في الدين« كما قرر رب العالمين، ويظن البعض جهالة أنها منسوخة بآية السيف! الإسلام الذي أمر رب العزة نبيه بأن يجادل أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ووقف نبيه كما صح في البخاري لجنازة يهودي وعاد غلامه اليهودي عند مرضه، ليس إسلام داعش! الإسلام ونبيه صلي الله عليه وسلم الذي رفض التمثيل بجثث الأسري في بدر، ورفض من عمر بن الخطاب حين أراد كسر أسنان خطيب قريش الذي لم يسلم سهيل بن عمرو حتي لا يخطب ضد النبي، فمنعه النبي صلي الله عليه وسلم، وأطلق فقراء الأسري دون فداء ليس إسلام داعش! الإسلام. الذي وجد خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب مجذومين من النصاري في الجابية عند ذهابه لأخذ مفاتيح بيت المقدس كما طلب بطريركها فتصدق عليهم وحاول علاجهم ليس إسلام داعش. والقاعدة وسائر الميليشيات الإسلامية المسلحة. ولعل مراجعتنا لمبدأ الجهاد، الذي كان أول فرضه في عهد نبي الله موسي ويوشع عليهما السلام، حين قال لهم ادخلوا الأرض المقدسة، حتي نبينا صلي الله عليه وسلم الذي اضطر له بعد أن أخرجه قومه من داره وأهله وأحب البلاد إليه، وسعوا في قتله وتعذيب صحبه، ما كان لجعل كل الناس مسلمين، ولكن لتكون كلمة الله هي العليا! أي حاكمة غير محكومة ومهيمنة غير مستضعفة، فالكلمة العليا تعلو أغيارها وأخراها، ولهم الأمان والعهد والعدل، ما لم يستهدفوا المسلمين، وما لم يقاتلوهم أو يمنعوهم، ولكن أن يكون هدفه أسلمة الناس، وإكراههم علي قبول الإسلام فهذا ليس صحيحا، أو إيمانهم بنفس المعتقد فهذا ما لم يذكره القرآن ولم يذكره الحديث، ويستحيل عند نصوص القرآن والسنة وتاريخ السلف الصالح رضوان الله عليهم. وينبغي علي المسلم أن يدرك ما كانت ممارسات وسلوكيات محكومة بعصرها، كحفر الخندق، واتخاذ الدواوين عن الفرس لتنظيم أمور المسلمين، والاستهداف المتبادل والحروب بين الدول وغيرها، فمثل هذا لم يكن محكوما بقوانين الرسالة والنبوة أولا، ولكن كان محكوما بقوانين التاريخ وسنن الواقع. مثالا علي ذلك نجد أن الجزية كانت شريعة مفروضة لدي كل الأمم الغالبة علي الأمم المغلوبة، فرضها الرومان علي مسيحيي الشرق ومصر، كما كان يفرضها الوثنيون، ومنطق التغالب بين هذه الدول التي لم تكن تقبل إحداها غلبة سواها كان الحقيقة الواقعة، ولكن حمي الله نبيه بنصره عبده وهزيمة الأحزاب المستهدفين له وحده، ولم تكن غاية القتال أو التوسع والهيمنة هي الأساس الذي تحركت به جيوش المسلمين وسراياهم، في العهد الأول، ولكن كان نشر الإسلام ورفع الظلم عن الأمم وهدايتها إلي الله، ورد العدوان. ورغم توقف حركة الفتوح طويلا بعد انتهاء الخلافة الراشدة وعصر الفتنة، ثم في العصر العباسي، وانقسام السلطة بين المسلمين، التي هي أراضيهم، التي هي نصرة الله لرسالته وهدايته لعباده، ويذكر توماس أرنولد مندهشا من أن القرن الحادي عشر الهجري والقرن الثالث عشر الهجري شهد تحول أمتين منتصرتين لدين المسلمين المنهزمين أمامهم، الأولي الأتراك السلاجقة الذي كانوا وثنينين هزموا المسلمين ولكن غلبهم الإسلام، والثانية هي أمة المغول والتتار فقد هزموا المسلمين واكتسحوا خلافتهم العباسية سنة 656هجرية ولكن لم يمر نصف قرن حتي كان إمبراطورهم بركة خان يحارب هولاكوا وأسلم ملوكهم في بلاد المسلمين قوانين الواقع، لم تتوقف الدعوة للإسلام، وغزوها وفتحها قلوب الناس لا أراضيهم. بفضل غير المحاربين وغير المقاتلين ممن امتلكوا القلوب من الصوفية والزهاد ومن التزموا حقائق الدين سلوكا وعملا لا قتلا باسمه! الإسلام الذي رفض النبي صلي الله عليه وسلم من أحد أصحابه طلب الإمامة وقال له من يطلب الإمامة لا يؤم. ليس الإسلام السياسي الذي أيقن الخلافة والخليفة والحكم باسمهما. إنه إسلام آخر.