لم تكن ثورة الخامس والعشرين من يناير وهما أو سرابا عشناه أياما وانقضت إنما كانت تحولا جذريا في تاريخ مصر الحديث فقد صحا الشعب من غفوة استسلم لها عقودا طويلة وأفاق علي واقع مؤلم وقرر أن يثور علي نظام جائر أفسد الحياة وأشاع الظلم والتجبر بين الناس. لم تكن الثورة إلا صرخة قوية في وجه نظام مبارك وحكومته الفاسدة واستطاعت الإطاحة به وبحكومته فكيف يمكن أن نتنكر لها اليوم وننزع عنها رداء الشرف والكرامة إلا من ورقة التوت الأخيرة. يحاول البعض الإساءة لثورة 25 يناير ونزع صفة الثورية عنها وتغليب ماحدث في 30 يونيو عليها واعتبارها الثورة الأم وماقبلها لم يكن إلا حركة شعبية مقللين من شأنها في حين أن مجد ثورة يناير نفسه تجلي في أعظم صوره يوم 30 يونيو التي كانت امتدادا طبيعيا للثورة وصححت أوضاعا فاسدة حاو ل الأخوان المسلمون فرضها علي الواقع المصري دون أن يدركوا قيمة يناير الحقيقية التي وقفت لهم وأطاحت بهم قبل أن يشرعوا في تثبيت حكمهم برؤيتهم القاصرة. وصاغت الثورة خريطة طريق جديدة لمستقبل مصر وهانحن نعيش أهم مرحلة في هذه الخريطة بعد أن حققنا أهم استحقاقات فيها أنجزنا دستورا للبلاد ثم انتخبنا رئيسا للجمهورية وخلال فترة وجيزة سوف ننتخب مجلسا نيابيا وتكتمل المنظومة الثورية التي طرحتها الرؤية التصحيحية في 30 يونيو. أقول كل هذا بسبب ذلك الهجوم المستشري علي ثورة يناير وحالة التجميل المخزنة التي تتم عبر فضائيات مأجورة لنظام فاسد دمر الاقتصاد وسحق العدالة الاجتماعية من حق الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك أن يدافع عن نفسه مثله مثل أي متهم يحاكم علي جرائم ارتكبها وفي النهاية عدالة القضاء لها الكلمة الأخيرة في الاتهامات الموجهة له ولكن بأي حق ينبري ممثل الدفاع عن مبارك ويهاجم ثورة يناير ويصفها بالمؤامرة مجملا عصر موكله في مرافعته في القضية الشهيرة بمحاكمة القرن علي حساب ثورتنا التي أبهرت الدنيا ووصفوها بالثورة الملهمة في التاريخ الانساني كله. اما ممثل دفاع مبارك بإساءته للثورة انضم لسحرة فرعون ممن يملؤن الفضائيات هجوما علي الثورة و رموزها ولكن هيهات أن ينالوا من قامتها الشامخة أبدا. والقول بأن ثورة يناير لم يكن لها زعيم يمثل الشعب أو مطالب حقيقية واعتبار أن الحرية والعدالة والكرامة لم تكن غير شعارات يختلف مقدارها من شخص لآخر يعد سخفا وجهلا بأجديات الفهم السياسي فالثورة رغم كل العقبات والتحديات الشرسة لإسقاطها بدعوي أنها كانت حالة من الفوضي ضد الدولة بسبب مشاهد الحرق والسرقة والاقتحامات التي واكبت أحداث يناير أقول إن الثورة رغم كل هذا حققت الانطلاقة الأولي والحقيقية نحو مستقبل مصر تحت قيادة حكيمة واعية للرئيس عبد الفتاح السيسي وتسير في النسق الصحيح لها أما مايفعله الديب وغيره ليس إلا تزييفا لواقع فاسد وتجميله علي حساب ثورة عظيمة حاولت التيارات الدينية السطو عليها وبناء مجدهم علي حسابها ولكنهم فشلوا وكما فشل الإخوان سوف يفشل أذناب النظام المباركي وتذهب محاولاتهم الواهية للنيل من الثورة أدراج الرياح . لقد تجدد الأمل في أن يخرج هذا الشعب من شرنقة الفقر والجهل وعقود الظلام وإرهاصات هذا المجد القادم تبدت في خطوات السيسي الاولي لإعادة بناء الدولة المصرية الحديثة وفي الوقت الذي يطنطن فيه أعداء النجاح ويدفعونا للوراء نري الرجل يعمل للدفع إلي الأمام بمشروعات قومية علي رأسها مشروع محور قناة السويس الذي من الممكن أن يمثل نقله نوعية وتقدمية لمصر تنتشلها من كبوتها الاقتصادية وتفح آلاف فرص العمل أمام الشباب يا سادة من يتجرأ علي وطنه ويصمه بما ليس فيه إرضاء لأهواء أو إملاء لأجندات خارجية خائن لوطنه ومهما يكن الخلاف علي تحولات الأحداث وتطوراتها منذ اندلاع الثورة قبل أربعة أعوام في النهاية نحن أبناء وطن واحد ولدنا علي ترابه وضحي منا الكثير بدمائه دفاعا عن هذا التراب حتي ثورة يناير نفسها وامتدادها في يونيو شهدت تضحيات جليلة لشباب مصريين قدموا أرواحهم حتي تنجح الثورة وتؤتي ثمارها بتغيير الواقع الفاسد المؤلم بواقع أكثر عدلا وحرية ورخاء هل يعقل بعد كل هذا أن نندفع وراء خلافاتنا ونهين ثورتنا ونهدمها بأيدينا؟ ولست بما أقول أهاجم أحدا بعينه بقدر ما أدق ناقوس خطر محدق بنا ومعوق لمسيرتنا الثورية فمحاكمات الأنظمة الفاسدة تخضع للقانون وكل ماعنيته أن لا نتخذ حق الدفاع الشرعي الذي يكفله القانون ذريعة لتشويه ثورة بهدف تجميل نظام فاسد.