تحلم كل أم لمن حملته في أحشائها ساعات وأياما وشهورا أن تراه يتحرك ويكبر أمام عينيها ويتبوأ مكانة مرتفعة تتشرف به أمام الناس. لكن أن تراه يُقتل في عرض الشارع وأمام الجميع! ما ستقرأه عيناك عزيز القارئ يصعب تصديقه ولا يعادل مرارته شئ ولكنه للأسف ليس فقط. حدث بالفعل، "ومثبت بالمستندات" ولكن توابعه مازالت تحياه وتعيش ذله أسرة كاملة ليل نهار. ومهما شطح خيال عباقرة كتاب وصناع الأفلام السينمائية الهندية الهزلية لا يمكن أن يأت في خيال المنجمين والعرافين تصور حدوثه بالفعل في الشارع المصري. حسب ما ترويه صاحبة المأساة. التي جاءت إلينا في الأهرام المسائي لم يكن اتشاحها بالسواد فقط هو ما يشي بحزنها، ولكن كل تعبيرات وخلجات وجهها تنطق بأحزان تكفي شعوب الأرض علي فقيدها. كانت عيناها تقول تحكي كل شيء من دون أن تتحرك شفتاها المرتعشتان من شدة استعادة ما ترويه. حضرت السيدة المكلومة بصحبة نجلها أحد الأبناء الذي شاهد ضرب النار ينال من أمه التي نجت منه ويفقده أخاه. وإلي قصة السيدة "عزيزة". عاشت "عزيزة" حياتها في هدوء بين أسرتها المكونة من 7 أبناء وزوج بعد أن منّ الله عليها براحة البال والعيش في أمان ومرت أيامها لا تشتكي همومها إلا إلي الله. كانت صدمة عزيزة كبيرة بعد فقدان رب الأسرة بعد إصابته بمرض الكبد بعد أن مرت عليها شهور عديدة تنتقل به من مستشفي إلي آخر لعلاجه دون أن تمل أو تكل. التزم كل أبنائها بمهام الأب داخل الأسرة بتحمل المسئولية معها ورفعوا عن كاهلها عبئاً ثقيلاً حملته بعد أن فقدت زوجها العائل الأول للأسرة. مرت الأيام وكان حلم "عزيرة" الوحيد ترك منطقتها الشعبية "عين شمس" للهروب بأبنائها من كثرة المشاكل والمشاجرات التي اشتهرت بها المنطقة إلا أن حدث ما كانت تخشاه عزيزة بعد أن تشاجر ابنها الأصغر "طارق" 12 سنة مع أقرانه بسبب لعب الكرة بعد أن تعدي بالضرب علي أحد الأطفال الذي وقع علي الأرض وأصيبت يده بجرح أدمته وهرع علي شقيقه الأكبر محمد الشهير ب"كالوشة" والذي لم يتردد في الاستعانة بأصدقائه البلطجية والخارجين عن القانون لرد كرامة أخيه الصغير. ذهب "كالوشة" وأقرانه إلي منزل أهل الطفل طارق وقاموا بإلقاء زجاجات المولوتوف والطوب علي شرفات المنزل إلا أن أهالي المنطقة تصدوا لهم وأجبروهم علي الانصراف دون التعدي علي الأسرة التي التزمت الصمت داخل منزلها خوفا من بطش البلطجية. مر يوم تلو الآخر تناثرت الأقاويل في المنطقة الشعبية بين البلطجية وأرباب السوابق والذين عايروا "كالوشة" بما حدث وعن مدي تركه لحق أخيه الصغير، إلا أنه أخبر الجميع بأنه يجهز أسلحة بنادق وفرد الخرطوش للانتقام من العائلة الفقيرة بأكملها. وصلت أقاويل وأحاديث البلطجي إلي مسامع "عزيزة" فهرعت باكية إلي ديوان قسم شرطة عين شمس تستنجد برجال الشرطة حيث أخبرتهم بأن البلطجية سوف يتربصون بأولادها وأنهم قاموا بجلب الأسلحة الخرطوش من منطقة المرج، إلا أن جميع محاولات عزيزة لم تفلح في حماية أنجالها بعد أن أخبرها رجال المباحث بعمل التحريات للوصول إلي صدق ما تقوله. وبعد مرور ثلاثة أيام فوجئ أهالي منطقة مساكن عين شمس بإطلاق أعيرة الخرطوش في الهواء الذي هز سكون المنطقة حيث هرول الجميع لاستطلاع الأمر حيث وجدوا كلا من "كالوشة" وأتباعه أحمد مصطفي الشهير ب"الأبيض" وشقيقه مصطفي يحملون بنادق الخرطوش ويهددون الجميع بعدم الاقتراب منهم وقاموا باستهداف منزل أسرة عزيزة التي هرعت باكية تقبل أقدامهم وتتوسل إليهم بعدم الاقتراب من أبنائها إلا أن أحدهم عاجلها وأطلق تجاهها طلقة خرطوش فسقطت مغشيا عليها وسط ذهول المارة حيث حاول نجلها حسين أحمد حسين 30 سنة إنقاذ أمه بين أيدي البلطجية إلا أن أحدهم أطلق طلقة خرطوش أخري أنهت حياته في الحال، وبعد أن استفاقت الأم فوجئت بنجلها غارقاً بدمائه. لم تجد عزيزة حلا أمامها سوق طرق الأبواب الشرعية لاسترداد حق ابنها وذهبت إلي قسم شرطة عين شمس مرة أخري وقامت بإعطاء رجال المباحث أسماء وعناوين جميع المتهمين والتي ساعدها في الحصول عليها أهالي المنطقة إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل. طرقت "عزيزة" باب الأهرام المسائي باكية تطلب العون والمساعدة لوصول صوتها لأجهزة الأمن حتي يتم القبض علي الجناة بعد مرور أكثر من شهرين علي الواقعة. وأكدت عزيزة بأنها قامت بإرسال استغاثتين الأولي لوزير الداخلية والثانية إلي النائب العام إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل.