(اذاعة القرآن الكريم من القاهرة.. تنتقل الآن لنقل شعائر صلاة الفجر من المسجد الحسيني بالقاهرة فإلي هناك) علي ذاك الصوت الآتي من مسجد القرية... كنت تستيقظ نافضا النعاس من عينيك, توقظ زوجتك التي تهمس إليك بصوت غارق في بحر الكري روح يا أبو محمد إلحق الفجر ولما تيجي صحيني تبتسم تاركا إياها لتكمل نومها, تمسك بالفأس.. تنظفها رغم أنك نظفتها قبل نومك, تلك عادتك اليومية عندما يخبرك عبد الستار بأن لديك يومية فأس, فذلك معناه أنك ستظل مرفوع الرأس.. تضع فأسك خلف باب الدار الذي تسحبه لتغلقه بهدوء, حتي لا يستيقظ أولادك الساهرون أمام الكتب الجامعية, فهم ما ادخرته للغد.. بعد صلاة الفجر تقابل عبدالستار ومجموعة من الرجال المحملين بمتاعب الحياة, يشيرون إليك كي تسرع لإحضار فأسك.. الفأس خلف الباب تسحبها, صوت امرأتك يوقفك لتنظر إليها, تعطيك فطارك المكون من رغيفين, قطعة جبن قريش, فحل بصل متوسط الحجم وطماطمتين.. تبتسم إليها مفيش خيارة ولا عود جرجير والله ما فيه يا أبو محمد.. تبقي شوف لك عود سيريس ولا عود جعضيض تلحق بالرجال حاملا الفأس فوق كتفك اليمني, ها هي الأرض تظهر من بعيد.. تسرعون الخطي تقفون أمامها يقسم عبد الستار عليكم العمل, فكل منكم أخذ خطين بطول الأرض.. تضع فأسك أمامك.. تخلع جلبابك.. تشمر قدميك ويديك.. تنفخ في يديك ثم تحكهما في بعضهما البعض.. الفأس تعلو بيديك وتهبط لتشقق طين الأرض.. تتسابقون في انتهاء العمل, ها أنت تنتهي من الخط الأول بعد ساعة, تترك الفأس عائدا لمكان البداية تفترش الأرض واضعا أول لقمة من الطعام بفمك.. فحل البصل ينكسر تحت قبضة يديك اليمني.. تلقي بعينيك حولك عساك أن تجد عود جعضيض, لكنك تفشل.. تبتسم هامسا لنفسك كتر خيرها اللي جابت طماطم الشمس تبدأ في بث حرارتها فوق الأرض.. تمسح عرقك مسرعا نحو الفأس.. تنفخ في يديك مشجعا نفسك يلله يا أبو محمد مفهاش ساعة تصل لجلبابك مرة أخري.. تهرول إلي الطرومبة التي علي رأس الأرض لتشرب منها وتغتسل, لتعود للبيت كأن شيئا لم يحدث.. الرجال بجوار جلبابك لا يستطيعون التنفس.. ينظر إليهم عبد الستار ضاحكا رجالة خرعة.. ربنا يديك الصحة يا أبو محمد عندما تخرج ولدك الأكبر من الجامعة ساعدك الجميع للحصول علي وظيفة له.. لحق به أخوه الأصغر, تحمد الله علي ما أعطاك من النعم.. تستيقظ كعادتك لكن زوجتك هذه المرة تقول لك يا أبو محمد العيال كلموني عشان تقعد بقي وترتاح من الشقي أرتاح!!! أيوه يا أبو محمد العيال عايزين يعوضوك عن أيام الشقي.. والنبي يا أبو محمد ماتكسفهم ترضخ.. تخبر عبدالستار بما قاله أولادك فيربت علي كتفك ربنا يهيديهم لك ها هم أولادك يلبسونك أرقي الأقمشة من الجوخ.. تستيقظ مع دقات الساعة التاسعة صباحا لتجد زوجتك واضعة لك الفطار من شتي أصناف الطعام مربي, بيض مقلي ومسلوق, جبن, فول, طعمية, حلاوة وعيش فينو.. تذهب لتجلس مع أصحابك علي القهوة.. الكل يتودد إليك تطلب شايا ومن بعده سحلب ثم حاجة ساقعة وأخيرا مع أذان المغرب تطلب فنجان قهوة سادة لتعود للبيت مرة أخري لتجلس أمام الدش تتابع المسلسلات مع زوجتك.. تهمس إليك زوجتك بصوت لايخرج من الخوف العيال بيقولوا لك.. إنك.. تبطل.. قعاد علي القهوة.. مع الناس.. الغلابة تقف والغضب يتطاير من عينيك.. تمسك زوجتك بيدك لتجلسك أصل.. بيقولوا أنك لازم تقعد مع كبار البلد وتنسي أيام الفقر والمرمطة أيه هم خلاص كبروا وبقوا يتحكموا فيه تحاول زوجتك تهدئتك دون نتيجة تذكر.. ترجع لجلبابك القديم ممسكا بفأسك.. تنظفها ماسحا دمعتين سقطتا دون إرادتك.. تخرج من أذان العشاء, لتطلب من عبد الستار أن تعمل معه مرة أخري.. يوافق علي طلبك, رغم أن عينيه تستفسران منك عن سبب عودتك يوقظك طرق عبد الستار لبابك لتذهب معه.. تحمل فأسا علي كتفك لكنه يسقط منك, ترفعه مرة أخري تمشي وسط دهشة الرجال.. تضع الفأس أمامك ترفعها لكن أنفاسك لاتساعدك علي الاستمرار تسقط منك الفأس وتسقط جوارها مستسلما.......... أيمن وهدان أسنيت كفر شكر