الطريق خال تماما من السيارات.. النهار بدأ رحلته اليومية.. والليل بدأ يحتل مكانه.. كنت عائدا من تصوير مشاهد ليلية في فيلم أصوره يجلس بجانبي زميل ممثل كوميدي.. لاتفارقه الضحكة القفشات الضاحكة ظهرت سيارة أمامنا علي بعد كبير.. اقتربنا منها وهي مازالت علي بعد فاصل بيننا وبينها.. وفجأة صاح زميلي حاسب وفجأة أيضا شاهدت شنطة السيارة الخلفية التي تسير أمامنا تفتح وتخرج منها عجلة استبن ثم تقفز وسط الطريق.. قفزة والثانية كانت العجلة ترقد أمامي علي زجاج سيارتي الأمامي البربريز وكأنها طائر الرخ الأسطوري يغطي بأجنحته مقدمة السيارة تماما.. وساد المكان الذي هو داخل السيارة الصمت.. والظلام. عيوني مفتوحة تماما.. ولا أري إلا الظلام ولاأسمع إلا كلمة حاسب.. وبدأت كل عناصر الحياة التي بداخلي تتحرك لتواجه اشباح الموت التي احتلت السيارة ومن فيها. في لحظة الظلام هذه.. تذكرت ذلك المشهد الذي كان يصوره لي المخرج سمير سيف في فيلم مسجل خطر, وكان بطولة عادل إمام والنجم المرحوم صلاح قابيل.. وكان المشهد ان يهاجمني أفراد عصابة في منزلي.. ويتم ضربي بقوة ثم يحملونني ويضربون رأسي في مرآة كبيرة في الصالة التي يتم فيها تصوير المشهد.. ومثبتة علي الحائط, وبعد الضربة يكون زجاج المرآة قد انتشر مرشوقا في و جهي وخفت ساعتها ان يتم التصوير بشكل حقيقي.. ونظرت إلي المخرج سمير سيف الذي لاحظ خوفي ورعبي.. وقال.. لا تخف.. سوف نوقف التصوير عند لقطة بداية اصطدام رأسك بالمرآة.. ثم أصور كادرين في الظلام.. ثم بعد ان يتم وضع الزجاج ورشقه علي وجهك تعود بالنور إلي المشهد لنجدك وقد تهشم وجهك تماما.. وأثناء هذا الظلام يتم سماع صوت اصطدام رأسك بالمرآة ونظر إلي وأكمل تفسير اللقطات التي في الظلام هذه بأنها ستظهر علي الشاشة لمدة ثانيتين وهما مدة الكادرينويشعر بها المشاهد كأنه هو الذي حدث له ذلك. لأن الإنسان عندما يصطدم بشيء او يصاب بإغماء مفاجيء أو دوخة فإنه يشعر بلحظات الظلام التام.. ولا يري شيئا عدة ثوان.. نتيجة لهذه الصدمة علي الشاشة.. ولن تستغرق هذه اللقطة الا لحظات علي الشاشة. تماما كتلك التي أنا فيها الآن.. الظلام.. نتيجة لصدمة العجلة الاستبن بزجاج سيارتي.. التي اصابتني بارتجاج في المخ.. وتحطيم مقدمة سيارتي.. وزجاج البربريز وإغماء أصاب الممثل الكوميدي ولكني في المشهد السينمائي.. لم يحدث لي شيء.. وذلك لعبقرية المخرج سمير سيف.. ونجاح المشهد بشكل رائع علي الشاشة. والغريب.. ان صاحب السيارة التي حطم الاستبن الخاص بها كل ما حطم.. نزل من سيارته بكل هدوء وأخذ عجلة الاستبن الخاصة به.. وذهب إلي سيارته ووضعها مرة أخري في حقيبة سيارته الخلفية.. ورحل بهدوء غريب.. ونظرت إلي صديقي الممثل الكوميدي.. وقلت له.. وبعدين؟ قال.. لست أدري.. هل الذي حدث هذا كان حلما.. أم فيلما.. أم حقيقة!! وحكيت له ما سبق فقال ياريت كان المخرج سمير سيف معانا.. كان أنقذنا من هذا الحادث!! وضحكنا.. وأسكتت الآلام ضحكاتنا..!!