برعاية السيد المهندس أمين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الأراضي, وبفضل توجيهاته الدائمة بتعميق التعاون بين مؤسسات الرعاية البيطرية وبين الجامعات والجهات البحثية المصرية والعالمية المرموقة وفي خطوة استباقية مبكرة, وقعت الهيئة العامة للخدمات البيطرية برئاسة السيد الأستاذ الدكتور محمد الجارحي بروتوكول التعاون العلمي مع المعمل المرجعي للاتحاد الأوروبي ومنظمات(FAO) و(OIE) بإيطاليا برئاسة بروفيسور إيلاريا كابوا, وهو المعمل المتخصص في أبحاث مرض أنفلونزا الطيور, ومن خلال هذا التعاون تم الاتفاق علي الأسلوب العلمي لترسيم استراتيجيات مكافحة أنفلونزا الطيور ومن أهمها التعرف- حاليا وباستمرار- علي طبيعة فيروس المرض لمتابعة تحوره وشدة ضراوته, حتي يمكن وضع أفضل الإستراتيجيات للمكافحة وفي مقدمتها وضع إستراتيجية لتحصين الطيور وتحديد نوعية اللقاحات اللازمة لذلك. بروتوكول التعاون المصري-الإيطالي وخطة للمسح الميداني المستمر شمل البروتوكول سالف الذكر عدة جوانب حيوية, وأهمها: تحديد الأسلوب المنهجي لترسيم سياسات التحصين واختيار اللقاحات والبرامج المناسبة للحالة الوبائية في مصر. مسح ميداني مستمر لتحديث الخريطة الوبائية للمرض في مصر دوريا, ومن ثم التنبؤ المبكر بأية تحورات فيروسية واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمواجهتها. تدريب كوادر الهيئة العامة للخدمات البيطرية وبصفة خاصة الكوادر الفنية المسئولة عن إجراء اختبارات التحدي في معمل الرقابة علي اللقاحات البيطرية بالعباسية في المعمل المرجعي بإيطاليا. إشراف المعمل المرجعي علي تجهيز معمل متطور يكون الأول من نوعه في مصر في كلية الطب البيطري جامعة القاهرة لاستقبال وتجهيز المعزولات المرسلة دوريا لنظيره بإيطاليا. ويتم ذلك بموافقة وزارة التعليم العالي, وبتعاون بناء مع كليات الطب البيطري بالجامعات المصرية, وبفضل جهود نخبة من أساتذة الفيروسات والدواجن بها, وبدعم مالي من جمعية تطوير صناعة الدواجن. خط ساخن للاستشارات العلمية من قبل المعمل المرجعي يتاح للجان الفنية والاستشارية المسئولة عن تدابير مواجهة المرض في مصر تحت إشراف السيد رئيس الهيئة. الأسلوب المنهجي لوضع استراتيجية التحصين هناك مجموعة من الإجراءات تشكل منهجا علميا متعارفا عليه علي المستوي الدولي لتصنيف الفيروس الحقلي ومن ثم وضع استراتيجية صحيحة لتحصين الدواجن ضده, وتلك الإجراءات هي: مسح ميداني شامل تجمع فيه عينات من القطعان المصابة في كافة أنحاء الجمهورية, وبحيث تكون ممثلة لجميع قطاعات تربية الدواجن بما فيها التربية المنزلية. إجراء تتبع أنتيجيني للمعزولات الفيروسية من تلك العينات, ومن ثم تصنيفها وراثيا وتحديد موقع كل منها في الخريطة الفيلوجينية للفيروس منذ ظهوره في2006 وحتي اليوم. إجراء اختبارات سيرولوجية للعينات, ومن ثم اختيار عترات ممثلة للوضع الفيروسي الحقلي, علي أن تكون هي الأكثر انتشارا وضراوة, وبناء عليها تحدد استراتيجية التحصين ونوعية اللقاحات المستخدمة. يتم اختيار برنامج ونوعية اللقاحات بناء علي اختبار التحدي باستخدام المعزولات السابق الإشارة إليها لمعرفة مدي فاعلية وكفاءة برنامج التحصين ونوعية اللقاحات. متابعة المسح الميداني علي فترات زمنية وبصفة دورية وذلك لتحديث التعرف علي طبيعة فيروس المرض والتطورات المحتملة. اعتماد المعمل المرجعي الأوروبي لبرنامج التحصين المكون من لقاح أولي+ لقاح منشط لمواجهة تعقيدات المرض في مصر تم أول تطبيق للبروتوكول العلمي سالف الذكر في غضون الشهور القليلة الماضية, وطبقت أول دراسة منهجية في معمل مرجعي دولي لتقييم وضع أنفلونزا الطيور في مصر واختبار برنامج تحصين فعال ضد أحدث المعزولات المصرية لعام2010 م, وذلك وفقا للخطوات التالية: تم جمع أكثر من300 عينة من قطعان مصابة في مختلف قطاعات التربية, وإرسالها بإشراف الهيئة العامة للخدمات البيطرية للمعمل المرجعي بإيطاليا, حيث تم عزل الفيروسات وتصنيفها جينيا. أثبتت الدراسات الأنتيجينية وجود أربعة عترات من فيروس أنفلونزا الطيور في مصر, وتم تصنيفها لمجموعتين حسب الطبيعة الأنتيجينية, مجموعة( أ) و مجموعة( ب), ثم اختيار العترة( أ-1) ممثلة للمجموعة الأولي, وهي العترة شديدة الضراوة والموجودة منذ2008 ومازالت مستمرة حتي2010 وتمثل25% حاليا من إجمالي المعزولات, وكذلك العترة( ب-1) ممثلة للمجموعة الثانية, وهي العترة الأكثر ضراوة والأكثر انتشارا في2010 وتمثل75% من إجمالي المعزولات. بناء علي هذه الدراسة, تم اختيار برنامج التحصين ثنائي الجرعات بلقاح أولي+ لقاح منشط(Prime+Booster), حيث استخدم لقاح الجدري المركب جينيا بجزء من فيروس أنفلونزا الطيور( أثبتت الدراسات أن لقاح الجدري هو الأفضل كلقاح مركب لأنفلونزا الطيور دون بقية الاختيارات المتاحة), وطبق كلقاح أولي(Prime) لتحصين القطيع عند عمر يوم, تبعه تطبيق لقاح تنشيطي(Booster) عند عمر10 أيام باستخدام لقاح زيتي من عترة(H5N2) عالي التركيز, وبتركيز300 وحدة لكل جرعة,( مقارنة بأعلي تركيز أنتيجيني في اللقاحات الحالية في مصر وهو256 وحدة لكل جرعة). تم إجراء اختبار التحدي بالمعزولات( أ-1) و(ب-1) وكذلك المعزولة( ب-3) والمستخدمة حاليا بالمعمل المركزي للرقابة علي المستحضرات البيولوجية واللقاحات, وبجرعة معدية قصوي(26) من تلك العترات عالية الضراوة, والتي تضاهي أعلي ما يمكن أن تتعرض له الطيور في المزارع. وتم التحدي للقطعان المحصنة ببرنامج(Prime+Booster) بالمواصفات سابقة الذكر. كانت النتائج نسبة حماية100% للقطعان المحصنة, وكذلك السيطرة علي إعادة إفراز الفيروس. * اللقاحات المستخدمة في اختبار التحدي هي لقاح(VolvacrrFP) كلقاح أولي, ولقاح(VolvacrAI+ND) كلقاح تنشيطي. من إنتاج شركة بورينجر إنجلهايم الألمانية. الزيارة الثانية لمدير المعمل المرجعي لمصر والاجتماع باللجان المعنية بأنفلونزا الطيور في إطار بروتوكول التعاون, عقد لقاء علمي رفيع المستوي يوم2010/10/27 حضره مدير المعمل المرجعي للإتحاد الأوروبي وكذلك نائب المدير ورئيس وحدة الأبحاث بالمعمل, وهيئة الخدمات البيطرية ممثلة في السيد رئيس مجلس إدارة الهيئة, والسيد رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن, والسادة أعضاء اللجان العلمية المعنية بالهيئة والمنوط بها وضع إستراتيجيات التحكم في مرض أنفلونزا الطيور, والسادة أعضاء اللجنة الفنية المنوط بها اختيار اللقاحات للتسجيل, وكذلك ممثلون من معهد بحوث صحة الحيوان والمعمل المركزي للرقابة علي المستحضرات البيولوجية واللقاحات, ولفيف من أساتذة كليات الطب البيطري بجامعتي القاهرة والإسكندرية, وممثلو منظمتي(FAO) و(OIE) وهيئة المعونة الأمريكية ومشروع(STOPAI), ومن خلال اللقاء تم استعراض ومناقشة نتائج الدراسات سالفة الذكر والمطبقة في إطار التعاون. لماذا فشلت الصين في السيطرة علي المرض؟ ردا علي سؤال حول جدوي استخدام لقاح مصنع من أحد العترات الحقلية المحلية أسوة بالتجربة الصينية, أوضحت بروفيسور كابوا مدير المعمل المرجعي أن التجربة الصينية في السيطرة علي المرض تعد أكبر نماذج الفشل علي مستوي العالم, فهي أقدم بؤر توطن الفيروس ومازالت تعاني منه حتي اليوم, وحذرت من تكرار فشل التجربة الصينية في مصر في حالة استخدام عترات مرضية لتحضير لقاح, حيث يؤدي ذلك لمضاعفة فرصة تحور الفيروس فيما يعرف علميا بالتحور الهروبي(escapemutation), ولا يضيف لجهود السيطرة علي المرض لأن التماثل الجيني بحد ذاته لا يعني بالضرورة زيادة الكفاءة المناعية(immunogenicity), وغني عن الذكر أن معدلات تحور الفيروس العالية في مصر نتجت عن الاستخدام المكثف للقاحات صينية متماثلة النيوروآمينيديز(H5N1) أدت إلي تحورات هروبية مماثلة. فضلا عن هذا تعتمد الصين علي تحصين المقاطعات المختلفة بعترات مختلفة وفقا للخريطة الوبائية بها, أما في الحالة المصرية- كما أوضحت الدراسات- فالعترات الأربع منتشرة في كافة أنحاء الجمهورية دون تمايز جغرافي, فعلي أي أساس أو منهج علمي يمكن اختيار أحدها لتحضير لقاح واق ضد كافة العترات؟ مصر علي أول الطريق الصحيح للسيطرة علي المرض في نهاية اللقاء العلمي الحافل وعرض نتائج الأبحاث العالمية الجادة, خرج السادة الحضور بانطباعات إيجابية تؤكد أن مصر وبفضل توجيهات معالي وزير الزراعة, وتضافر الجهود الفاعلة للهيئة العامة للخدمات البيطرية مع أساتذة الجامعات المصرية, والقطاع الخاص, وصناعة الدواجن ممثلة في الاتحاد العام لمنتجي الدواجن- قد بدأت بالفعل في أول مواجهة علمية ومنهجية للمشكلة, تنبع من مشاكل مصر المحلية وواقع الصناعة بها وتتعامل بشكل عملي مع ذلك الواقع, مستندة إلي أبحاث ودراسات عالمية المستوي وبعيدا عن أي اعتبارات لمصالح ذاتية أو تجارية.