وقفت أمام بائعة التذاكر في محطة برايتون للقطارات لكي أغادر إليك للمرة الرابعة أقرر وأحجم, أتردد فأخرج, أركب دراجتي الهوائية وأسير بمحاذاة الشاطئ.. ليس دقيقا أن هذا أقصي ما بوسعي فعله: ترك ليزا.. الترك, صحيح لا هو الوداع ولا الفراق النهائي ولا هو التخلي التام.. في المعني المقترح, المتروك يفكر في أجزاء الكلمات فيبحث عن تلميح هنا ومجاز هناك, يقول لنفسه, حسنا, قد أغريه بالرجوع ولابد أن أكون حذرا, لكن لن أدعه يتعلق بالأمل, فلم تعد ليزا تحتل مكان الصدارة, كلا, بالتأكيد ليس بسببك.. تركت لها ورقة رقيقة في صندوق بريدها وعدت إلي شقتي في منطقة ساسكس كانت لكل واحد منا شقة, وفي رأيي, كان الأمر الأسوأ العيش معا, فأنا بحاجة لمسامرة ضجري وساعات نومي القليلة, ألا أتحدث, مع أحد خصوصا في الصباح, وإلي الواحدة ظهرا علي الأقل, هكذا, ليس من تعال أو تشاوف المسألة تتعلق بدزينة عيوبي التي لا أريدها أن تظهر أو تنعكس في عين تلك أو هذه كنوع من رفع الكلفة ربما, نحن الرجال لا نسمح بذلك امام الغير, النساء بالدرجة الأولي... فتشحب صورنا ويبهت سحرنا ونغدو عرضة لفك اللغز الذي كنا نتلذذ بفكرة وجوده, ولا أدري هل ما أقوله صحيح أو لا معني له اليوم تقودينني وبناء علي رغبتك المغرية إلي تدوين ما يطرأ علينا ونحن في مجري العلاقة فأقع في فخ هذا الالتباس, ما بين اعتراض طريقك لكي أترك أثري فيك, وبين الاختباء من أمام الذات, ذاتي, فثقلها الفادح علي لم يكن بالحسبان, لا سيما أن معظم ما لدي عن حالي, وأهلي, ومشاغلي, فوضوي ومبعثر في مقتطفات ومقاطع وهوامش مشوشة, وصفحات لم أسمح لأحد بالاطلاع عليها, فلم أقرر, تداركا لأي سبب, ولا حتي من باب الإريحية عرضها عليك لكي, ربما لا تلاقي نفس مصيري معك. هذا ما عنيته بالكلفة, أن تستلذ بعزلة لا تسمح بوجودهم, أولئك وهؤلاء الذين أعرفهم ولا يسمح لي بالغياب عنهم فلا أتورط بتدوين تواريخ مضبوطة, والقيام بتمارين مبرمجة, والتصرف تصرفات معقولة تؤخذ مأخذ الجد, أنا باختصار, لا أقوي علي التحمل والتذكر, علي الاستيقاظ في ساعة معينة لكي ألاحظ روحي وهي تلاحقك من العين إلي الصدر إلي.. هذه الأمور تنغصني كثيرا ولا أريد أن ألزم بها نفسي إنني أكتب بدون عناية وبرتابة, وأكثر الأحيان بجزع من ألا أحسن ذلك, فأنا مخلوق لا يتحمل الحب فيما إذا زاد إغراؤه وتضاعفت مسئولياته. لنعد للمحبوبة الجديدة, أنت, فهي لا تستطيع أن تعمل لصالحك حالا, وتكون تحت تصرفك, وتشغف لرؤيتك ما لم تترك في حوزتها بعض الأمانات الثمينة, الإلهام والإيهام أنك حقا عاشق مغروم, الغرام ليس من أجلها وحدها, وإنما بالأساس من أجلي أنا شخصيا فتقول لها من حين لآخر, هاك خذي, أبصريني جيدا فأنا لا املك أية مقومات, تلك التي تقولون عنها في دياركم الفحولة الخبيثة التي تتصاعد أبخرتها وزيوتها من الأسطح والمداخن يا إلهي, عضلاتي لم أدربها كرافعي الأثقال, وأعصابي تقوم بوظائفها بصورة طبيعية أوعيتي الدموية تعمل حسب الأصول فتدفع الدم إلي باقي الأعضاء الشهوانية نظراتي مرتاحة, أعني ليست لئيمة جدا, بل ربما تنبئ في بعض الأحيان أنها مخدوعة مغفلة, أما المفارقة اللطيفة فهي أنني فعلا أتمتع بفتنة, أمي تسميها فتنة ملوكية ووالدي يقول عنها هي فتنة سلطانية أميرية شرقية بدوية, والعناوين كثيرة فتزيد من لهجة السخرية والفكاهة في كلامي.. من الممكن أن هذا وغيره يجعلك تجتهدين علي نحو بارع, وتبذلين الغالي والنفيس من أجلي فأنا أستحق أن تلاحقيني لا تقلبي شفتيك امتعاضا من غروري فأنا أقوم بعملي خير قيام, أندفع بالأنفة والذكاء وأمنحك السخي, والأذن التي تصغي بدقة لكل ما تتفوهين به من غناء وأناشيد, وأعبئ صدرك بالمسرات وأحفظ وجهك بالصور, مئات الصور, كما تحفظ الأغذية والعطور والنقود والكنوز قبل أن تحل الشيخوخة الحنونة كنت أصورك وأشتغل عليك لكي لا تخمد نيران وجهك بالتأكيد أعمل كل هذا من أجلي لكي أتعافي ويزداد إشراقي ألا حقك في الأسواق الشعبية أو علي مسرح صغير وبعيد عن الأعين أو في مقهي في أعلي الجبل وراءك أنا وأمامك الإلهة فأقول لنفسي: ممكن يا بحر أن تعاود الاتصال في أحد الأيام, أجل, لم لا فهي علي ما أخمن وأتصور تستهويها الغراميات والملاحقة, ومن بعض النواحي تقول لنفسها: هيا, هيا, امضي مع بحر أو رالف فلا تقهري أحدهما وتغرمي بالآخر لم يدر بخلدي علي الأقل, وفي البداية, أنني سوف أسمع منك وعلي الفور: (هه, اسمع, لست أنا الحل) العشيقة الآفلة: ما عدت أذكر متي توقفت الحمي عن صعودها إلي دماغي كلما تعانقنا وتضاجعنا ومضينا في إنهاك أحدنا للاخر أنا وليزا لا أتذكر ذلك أبدا هل كان في الليل أم الظهيرة, في الخريف أم الصيف؟ القبلات التي تبادلناها في تتابع وشهية تتنصل منا, تهزمنا, فأنظر لفمي وجلدي ومحيط جسمي وأردد, وهذه الليلة والليالي التاليات, وأنت لست ذات الرجل الأول ولا هذا التالي كنت مضطرا للمبيت عندها وينبغي أن أري ليزا علي استعداد لهذا الترك, علي شكل ما, بصورة من الصور, إنذار, شجار, احتجاج وتنديد, كأن أقول لها: أنظري إلي, أنت متعبة, لا تطاقين, وأنا لم أعد أحتملك.. الخ] كلا, لم يحدث هذا, نأكل بصورة جيدة, نذهب للمطاعم في نهاية الأسبوع. نضيء الشموع في بعض الليالي ونفتح زجاجة شمبانيا معتدلة الثمن, فليزا تعمل بصورة منتظمة فيBrightonLibrary الكائنة فيInJubileeStreet وأنا أعمالي شبه موسمية, حسنا, تصرفت آنيتا وعرفتني امامك تعريفات خالية من الحسم, سوف أعود اليها فيما بعد, لكني اريد ان اخبرك امرا: إذا ما كلفت بعمل فأنا اقوم به علي أفضل صورة, وبعده اتوقف لفترة من الوقت, ليس بسبب نفاد نقودي, وهذه حكاية أخري هي ايضا, وإنما بسبب الضجر, في الهندسة التي أشغف بها كما في الحب, لم يعد هناك عالم افضل من عالم او عشيقة افضل من ثانية او عمارة او مدينة ملائمة او تلائمني أكثر من غيرها, حضرت قبل فترة معرض العمارة في روتردام وهذا كان يطالب بمبان للمحتاجين ونازحي الحروب, ما استوقفني لا تتهكمي ارجوك فهذا الذي اروية لك له علاقة بليزا, العشيقة السابقة, اقول, لاحظت ظهور ألعاب بلاستيكية نشطة تقوم بكامل عملها, وهذا كان أكثر موتيفات المعرض إيجاء: مرحين نشطين ودون كلل او ملل يعمل الرجال البلاستيكيون, المبتسمون دائما, ضد نظام عنيف ويشيدون مأوي إنسانيا لأجل ضعفاء المجتمع. هذا اغراء عالمي فظ هدفه, ربما المزاح, وبالطبع الربح, فالمدن ستواصل تضخمها الاعتباطي وهذا التضخم تعبير عن ارادة البقاء, كما هي ارادة ليزا في احقيتها في ولو علي نحو موارب, وهذا بدأ يحجب عندي لطافتها وتلقائيتها اللتين أعجبت بهما, بدأت تتأهب للقتال وتجاهر به ولا ترتدع, ثم بغتة, تدخل في حالة صمت طويلة, نظراتها زائغة ونبضها يضعف وطاقتها تصل إلي الحد الأدني, لا أدري لم تصورت أنها تصطنع, تتلكف الكثير من التصرفات الاعتباطية, والتي صارت ترتد مباشرة علي ذلك الشطر من القلب الذي شغف بها في أحد الأيام, انا لا أعرف وامامك الآن, اتنهد وبصوت خفيض, وأنا اسجل هذه الأفكار,ففي النهاية نشاهد العلاقة الآفلة, وفي غضون دقائق تتهاوي كتلك البنايات التي اعترضت عليها الدولة ولأسباب شتي أهمها انها لم تعد مناسبة, ولا تصلح للعيش, فمن البلاهة ان تبقي ماثلة للناظر, فالجميع في حاجة لبناية حديثة, قد تكون, وأرجو المعذرة, لا تختلف كثيرا عن تلك التي تهاوت, وإذا يتوجب عليك ان تأخذ الطريق البعيد عن الغبار والشظايا, ولكن, وأنت في هذه المعمعة تسمع انينا وانتحابا يرغمك علي التوقف امام هذه الميتة العاجلة التي ضاعفت دينامية المخيلة, فتري ليزا لم تتهيأ علي توجيه ضربة خاطفة لك دون ان تتسلح جيدا, بل أكثر من ذلك, شعرت ان المجابهة بين اثنين تقتضي تدريبا وتمرينا ولوقت طويل, انا نفسي عشت أنواعا من هذه المجابهات مع نساء لطيفات وقاسيات, شخصيا لم أكن اتمتع بتجارب عميقة ولم أتفوق او اتساو مع أية واحدة منهن, معا أو كل علي انفراد, فبعد كل علاقة ادون في دفتر الملاحظات الصغير الذي تعرفينه, فأنا وإلي اليوم لا أعرف ما هي النواقص التي تثلم العلاقة وكانت الأكثر حدوثا فيما بيننا, وما هي الزوائد التي كان علينا واجب التخلص منها, يحزنني بالطبع لانني لم استطع الانتباه اللازم وأنا في خضم العلاقة, فوقتها نري كل شيء بإسراف, وإفراط, بعطش, وتناقض, ولم يدر بخاطرنا, ربما من باب الاتيكيت اننا نقترب وبصورة صاعقة من الفراق سامحيني ياراوية ان انزلقت إلي هذا النوع من الفوضي والجلبة فهذا هوالوقت الذي يحتم علي التعرف فيه علي عواطفي والتدقيق في نزقها وشططها فهذا لم أتعوده من قبل, فالحب مسار مجهول يدخل فيه التهور وتقطيع الانفاس, وتخييب الآمال, تدخل فيه الأوهام المضللة والاستعجال, وليس من مغيث قط التدخل كوسيط او صاحب, كطبيب او صديق او عدو يدير الغدر من ورائك, حالتي معك هي هكذا ياراوية, وإذا ما عدت لذكر ليزا فما كان يعنيني ان أحقق اي نصر, وأول مرة اصل إلي أمر غريب اقوله امامك بأمانة, كنت أريد لليزا الخروج من ويلات وجنون العلاقة بشرف وحين اختفت طويلا لم أعرف ماذا اصابها إلا بعد فترة طويلة, قيل لي وأنا أزور المكتبة حين شاهدت كرسيها فارغا, هي انقذت نفسها بالدخول إلي مصح نفسي وعصبي, يا لليزا اللطيفة الحنون العصابية التي تعرفت علي مناوراتي الجنسية غير المباشرة, فما أن نبدأ من أول الصالون حتي يصير فمها وشفتاها ولسانها وأسنانها في طوعي, مغرية رقيقة ملساء, والمضاجعة بيننا كان بها شيء من التمويه والتسلية, لا تستغربي ياراوية ولا تتضايقي من جميع هذه التفاصيل, فكرت بتحاشيها من اجلي فعليا لكن ليزا كانت الأكثر تأنيبا لي, فالجنس ومهما كانت اوضاعه صحية وصحيحة ما هو الا مجرد مرحلة اسمها الاستطلاع كما في الحروب, ترسل بعض المؤشرات من اجل كشف قطاع الطرق والاعداء, وبالتالي الاصدقاء الذين سيحالفهم الحظ ونكون معا, اضاجع ليزا وأتيقن ان الجنس حيلة, احتيال فعال وخطير, اي نعم, كل هذه تسميات ونعوت, وما أن يتم الإشباع ولو لم يحدث ذلك دائما, بالسقف الشاهق ما بين جميع بني البشر, ولكن الأمر الذي علي الظفر به انا شخصيا هوالحب, اتخذنا الحيطة كل من طرفة كي لا تحمل فكانت تهز رأسها موافقة, لم تمانع لكنها كانت تحرد في الفراش يوما او اثنين ونعود, لون بشرتها فاتح, ليس عاجيا ولا ابيض مزهرا, هو لون يلمس بالنظر ويترك فجأة ولا تعود تراه إلا في بعض المناسبات التي غدت نادرة فيما بيننا, جلدها هو المنطقة الأكثر استعدادا للتدمير, فبدأ يتجمع فيه ذلك الفائض من الألم وربما الإهانة, هذا الذي جعلها تشرب بطريقة تثير الغضب الشديد من الجيران ومني بالطبع كان منظر جسدينا معا ونحن نتصادم في الحمام او المطبخ, او ونرتدي ثيابنا للخروج كخصوم يتربص احدنا بالآخر, لكننا نفبرك ابتسامة خائبة ولمسة مائته انا اختصر لك السنين الثلاث, اخرجها من الاحتدام واغلفها بالتهذيب, وهذا بدوره يسبب لي الإحراج, لليوم وبسبب جميع علاقاتي. الملتبسة واللطيفة مع النساء, يتعذر علي معرفة ماذا تريد العشيقة الجديدة وكم ستبقي تتصرف بطريقة غير مضللة لأي واحد منا, أنت وأنا مثلا, كيف سنرتب المواعيد والعناقات وذلك الأمر المتعلق بالأشواق الذي أخشي إذا ما كررته أمامك أن يغدو مبتذلا وتافها. ولكنني ألاحقك علي جميع الجبهات لأنني أريد أن أقول, أن الشوق أمر فردي تحتمله بمفردك ولست متأكدا أبدا أن هناك من يتساوي به معك, ولذلك ما أن أبدأ به لا أعرف كيف أنتهي منه كهذه الصفحات والفصول. أبتسم وأواصل السير بالدراجة والريح قوية تدفعني إلي أمام في هذا الوقت من فصل الصيف. شعر صدري الخفيف من تحت القميص القطني يتحرك فأقشعر, وسرعان ما أبتسم في وجهك. أجل, يا راوية كففت عن الشغف بليزا وذهب المحبان للغم والأسي. فمن ناحيتي مازلت أتساءل في سري, لماذا نتصور أن خاتمة كل علاقة, في أحدنا أن يكون الخسيس بامتياز؟ لم أحزر لليوم ما هي عيوبي لكي أكشفها أمامك, ولم أنتبه لعيوب ليزا لكي أجهر بها لنفسي. طبيبتي النفسية أيفا تقول بكلمات عادية وصوت خفض حازم: أظن, ربما, كان عليك أن تحب ليزا أكثر مما يمقدورك لكنك لم تفعل, من الجائز لم تقدر. ربما, أنني لا أقول الحقيقة في هذه اللحظة كما هو المخلوق البشري كأكثر المخلوقات انتهازية. بسبب هذا وغيره كنت أضع لليزا وغيرها اسما مستعارا كما هو الكود, وأقوم بتكريمها, سرا, ومن حين لآخر, بالاتصال عبر الهاتف, في أعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة, لا يحدث هذا دائما ومعهن جميعا بالطبع. من هنا بدت لي ليزا كتلك اللعبة البلاستيكية التي شاهدتها في المعرض, لم يعد ممكنا وجود علاقة غدت أو تحولت كما لو أنها تحصل نتيجة معالجة إلكترونية. آه, هي لعبة مرهفة بصورة ملفتة لكن عناصرها قابلة للتغير. بالطبع هذا يرد عليه وبايجابية, أعني علي دعوة مارثا روزلر التي تقول: علاقة وصور يظهر فيهما أثر التلاعب. راوية, هناك أمر فقد هيبته وهالته بعدما تحقق بأكمله, واليوم يبدو لا معني له, غير صالح, ولا نافع, وربما ضدي. والعشيقة الجديدة, أتحدث عن نفسي, أتصورها ذهبا عيار أربعة وعشرين, كما كانت جدتي تردد وهي تصف والدي وليست والدتي الأجنبية. مازالت صاغ وسليمة العدة مشبوبة الرغبات لكنها تؤلمني, فهي تجعلني وجها لوجه واقفا أمام هاويتي أنا, فأدرك يوميا ولو بمكابرة سخيفة, أنني فعليا أقضم حالي, فكل علاقة أستسلم لها تجعل مخزوني من العزيمة في تآكل, فأدخل في عداوة خفية مع هذه العشيقة أو تلك, هذه هي الخطوات التي أحاول تحديدها لنفسي وليس لك, فأبدو ولأول مرة علي استعداد لإعلان تعلقي الشديد بك ولكن بتكاليف مرتفعة وشديدة الإرهاق. ففي هذه المرحلة من السن وبدءا من منتصفه كما في حالتي, يضيق المرء بالمؤشرات التي تأتينا من الأعضاء والخلايا والأعصاب وتثير عندنا القلق وقلة الحيلة, فكنت أتصور ومازلت, حتي المسرات واللذائذ التي تنتظرني منك وفي عمري هذا مخاطرة!. عندما أعود إلي ليزا ولمرات عدة في هذه الصفحات, فأنها ظلت معي وقتا طويلا نوعا ما. كنت أريد شيئا ما لا أعرف ما هو بالضبط, أن تكون أكثر ضعفا لكي أستطيع أن أصبر ضدها. بقيت طبيعية وهادئة, هذا في البداية, ثم بدأت تشرب بإسراف شديد وتنتظرني عارية في باب الشقة وهي تنتحب بصوت يسمع من أسفل السلم, وأنا أجري صاعدا فأراها بشعرها الطويل الفاتح, وعندما تبصرني تبدأ بتمريغه بالأرض. تتمايل ويكاد يغمي عليها وهي تولول, وبعض الجيران, النساء علي الخصوص, تركن الباب مواربا ووقفن بعيدات يسمعن صوتها وأنا أشاهد دموعها: أريد أن أمسح خطواتك وآثار أقدامك. أمسحك أنت وكل ترهاتك وسخافاتك وجبنك وأمراضك. أدعك غير موجود, ليس ميتا, كلا, أن أعرضك للسخرية والاحتقار) كانت في وضعية سيئة جدا, وأنا شديد الاستياء, ولا توافق علي لمسها. تواصل صراخها: قاتل, أنت بشع كريه. أنت خراء). صفات عديدة أخري لم أعد أتذكرها تطلقها في وجهي وأنا أحاول بهدوء وبدون صوت لكي ندخل الشقة. يجب عليك يا رالف ألا تبالي بجميع هذه المبالغات فجميع العلاقات غير آمنة. أنت في المقدمة ياراوية. وهناك من يذكرني بجميع الصفات ونقاط الضعف التي كشفتها لي ليزا والباقيات الغائبات, كلهن ودون استثناء تحدثن بغل متماسك ومفردات مؤثرة وبكرم أجهل أنه موجود بهذه الوفرة. لم يتركن لي أيه درجة من فضول أو ردة فعل فجائية, فكنت أتصور أن كل واحدة منهن بدت معشوقة مزيفة, وما تهذيبها ومرحها ولذتها معي إلا مرحلة من خداع النظر وصلنا تخومها أخيرا وهذا هو وقت العودة الي القاع. فكيف يكون بمقدوري أن أكون وأظل وأستمر عاشقا فذا فريدا مثقفا بارعا وسيما معطرا مبجلا أنيقا والأوفر حظا في النظافة, هذه الأخيرة أعدك بصفحات وسخة عنها أتصور أنها ستعجبك وتضحكك. راوية, لا أريدك أن تثقي بما أقول مائة بالمائة لكن دعيني أخبرك إياه فقط. لو تدرين كم هو أمر بالغ الأهمية أن نقرأ أو نعرف القليل عنا من قبل غيرنا. كان الأذي الجسدي والروحي متساويين وهما يصاحبانني وأنا جالس أمام طبيبتي النفسية في عيادتها الكائنة في شارع أكسفورد في مدينة هوف. كنت أستعمل جاذبيتي الطافحة بالإثارة الشديدة وأنا أروي لها كيف ألتقط الأفلام لممثلات المسرح وبعض العارضات المبتدئات والهاويات, والمخرجات المستجدات. كانت أجسادهن مشتهاة بصورة فاجرة رخوة ومعضلة, حيوية ويافعة جدا, فكنت أنام مع معظمهن وأشعر أنني رجل مستورد من الشرق, عنواني مؤقت وحقيقتي مزركشة. كلا, لم أحس يوميا, بالدونية, لكنني لم أتمتع يوما بالوصول إلي المرتبة الأولي. فكان أمامي متسع من الوقت وأنا أتنقل بينهن لكني دائما بانتظار أمر ما سيحصل مرددا, ستحضر تلك العزيزة علي القلب. حقيقة, كلهن كن غاية في اللطافة والإغراء ونحن معا علي الفراش, ونحن علي وشك التهام فاكهة الموسم, أنا الفاكهة والوجبة الكاملة الدسم. فلا أحاول النوم بالوكالة عن أحد, أبي مثلا, فأقطر عنجهية وتكمن أرستقراطيتي في درجة التبرم الذي يزيد من اللبس والغموض, ويرتفع صوتي أمام طبيبتي علي غير عادتي: لا أريد أن أنجز أمرا آخر. أنا فارغ ومقطع إلي اجزاء, وأبدو أنني من صنع الخيال, خيالي, والأدق أنا زائف. أخفي هذا الزيف بوجهي الشهواني ورشاقتي كأي جنتلمان أوروبي فريد. أحداهن قالت لي: أنت منقح كثيرا فلم يبق منك أي شيء تتباهي به. * كاتبه عراقية: صدر لها في مصر في الثمانينيات حبات النفتالين, وفازت بجائزة نجيب محفوظ من الجامعة الامريكية بالقاهرة عن روايتها محبوبات.. وهذا فصل من روايتها الجديدة غرام براغماتي التي تصدر عن دار الساقي.