حرب أكتوبر لم تحظ أبدا بالتقدير اللائق في الانتاج الفكري العربي هذه الحملة هي خلاصة دراسة صادرة مؤخرا في المجلس الاعلي للثقافة الدراسة صدرت تحت عنوان حرب أكتوبر في الانتاج الفكري وهي للباحثة نجوان فخري, وفي المقدمة التي كتبها د. حشمت قاسم أستاذ المكتبات بجامعة القاهرة, اشارة الي أن الدراسة هي الأولي من نوعها في مجال بحوث الوثائق والمعلومات والمكتبات التي تلتفت للبحث في الانتاج الفكري والابداعي المنشور. الدراسة حصلت بها نجوان فخري علي درجة الماجستير وبحثت من خلال احصاءات تسمي في علم المكتبات بالاحصاءات الوراقية بهدف التعرف علي الصورة التي قدمت بها حرب اكتوبر كما وكيفا في النتاج الفكري العربي بجميع فروعه بدءا من الابداع الادبي مرورا بالدراسات الاجتماعية والعسكرية المنشورة في الكتب أو الدوريات او بالابحاث الاكاديمية المسجونة داخل اروقة الجامعات. وهذه الاساليب الاحصائية نفسها قد يفسر وصف د. حشمت لها في مقدمته كونها سببا في عدم اقدام الباحثين علي هذا النوع من الدراسات فهو يقول: نظام الضبط الوراقي للانتاج الفكري العربي ابعد ما يكون عن الدقة والاكتمال, الأمر الذي يضاعف العبء الذي يتحمله من يفكر في تطبيق القياسات الوراقية علي أي قطاع من هذا الانتاج توزع الكتاب بين خمسة فصول تضمنتها, بدأت بالتعرف علي حرب اكتوبر في التاريخ العربي المعاصر وهو الفصل الاول الذي يتناول الحرب وتعريفا بها يربط بين الدراسة وقضية الصراع العربي الاسرائيلي التي يرجعها باحثوا التاريخ والعلوم السياسية الي نهايات القرن التاسع عشر, الا ان الباحثة قدمت استعراضا سريعا لتاريخ الصراع منذ موجة الهجرة اليهودية الاولي لفلسطين عام1882 وهي الموجة الكبري الاولي التي سبقت المؤتمر الصهيوني الاول الذي شهد اول اعلان عالمي عن بدء العمل علي تأسيس الدولة اليهودية الحلم. ثم تنتقل الباحثة لتقدم عرضا للوضع السياسي في المنطقة قبل حرب اكتوبر1973, فالوضع العسكري في المرحلة ذاتها. ثم تستعرض استراتيجية الحرب التي رأت أن هدفها الاول لم يكن تحرير الارض بل تحدي نظرية الامن الاسرائيلي تمهيدا لهز ثقة العدو ودفعه( طوعا) للتخلي عن الاراضي العربية التي استولي عليها خلال هزيمة1967. وفي هذا المحور تطرح الباحثة سؤالا مؤرقا وهو:( هل كانت اكتوبر1973 حربا محدودة ام حربا شاملة؟!!) وتستعرض للاجابة عن هذا السؤال رأيين متضاربين خطهما اثنان من كبار مفكري وباحثي العالم العربي هما الراحل د. جمال حمدان, وطه المجدوب. ولا تتورط الباحثة في وضع اجابة تاركة امام القاريء كلا الرأيين ليتخير منهما ما يميل اليه. لتنتقل هي الي استعراض الاسلوب العلمي الذي قامت عليه الحرب ثم تستعرض النتائج المباشرة للحرب والتغيرات التي طرأت علي المجتمعات العربية وبخاصة المجتمع المصري بعد اعلان وقف اطلاق النار. الفصل الثاني يشكل قلب الدراسة فالفصل الحامل لعنوان( نمو الانتاج الفكري بالعربية حول حرب اكتوبر1973) يتناول تفصيلا كل ماكتب وسمح بنشره حول حرب اكتوبر فتستعرض الفئات الموضوعية لما نشر في محاولة للتعرف علي خصائص مانشر من قبل المتخصصين في العلوم العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها. وترصد الباحثة هنا صدور قائمة ببلوجرافية( مرتبة ابجديا وزمنيا) اصدرتها الهيئة العامة للكتاب تجمع ماصدر حول حرب اكتوبر حتي عام1991. وتحوي هذه القائمة ما نشر بالعربية وباللغات الاجنبية عن الحرب واشتملت تلك القائمة علي113 كتابا بالعربية قسمت الي خمس فئات هي( المعارف العامة, الجغرافيا العامة, العلوم الاجتماعية, الادب والفنون) كما تستند الباحثة الي قائمة أخري اصدرتها المؤسسة العربية للدراسات والنشر تحوي استعراضا لمائة كتاب عن حرب اكتوبر واعدها ماهر الكيالي صدرت عام1989. وقسمت هذه القائمة الي فروع الجوانب السياسية والدبلوماسية للحرب, الجوانب العسكرية والاقتصادية, الجوانب الاقتصادية واخيرا الجوانب التربوية والاجتماعية والثقافية وترصد الباحثة عبر جدول بياني ان المنشور حول الجوانب السياسية للحرب كان هو الاغزر بنسبة35% مما نشر ويليه الجوانب العسكرية بنسبة31% فدراسات وكتب حول كامب ديفيد بنسبة11% مما نشر ولم يتخط المنشور من الدراسات الاجتماعية4% في حين جاءت نسبة المنشور من الاداب والفنون حول الحرب ومايتعلق بها لتشغل فقط نسبة0.9% مما نشر وتأتي الدراسات القانونية في أدني المعدلات بنسبة%. كل هذه التصنيفات تتلخص في2786 وثيقة متنوعة رصدتها الباحثة وتستعرض هنا رأي الباحث عوني عز الدين الذي يقول فيه أنه عندما انتصرت اسرائيل في حرب1967 أغرقت العالم في طوفان من الكتب والافلام والمذكرات التي تحكي تفاصيل النصر الكبير وبالمثل عندما هزمت في1973 اغرقت العالم في طوفان مماثل يقلل من اهمية الانتصار العربي. بينما اخترنا بارادتنا أن ندع لاسرائيل قصب السبق في كتابة تاريخ المنطقة بتخاذل حركة البحث والنشر المتعلقة بالحرب ثم جلسنا نتباكي لكون العالم لايدري حقيقة الانتصار ولا حقيقة القضية والمطالب العربية المشروعة ويؤكد هذا الرأي انيس منصور في مقال له نشر بصحيفة اكتوبر عام1983 يقول فيه: ستدخل حرب اكتوبر أبواب كتب التاريخ تحت عنوان( الحرب المنسية من أهلها والمذكورة من كل الناس) بينما يرجع استاذ التاريخ د. قاسم عبده قاسم هذا التراجع الي النتاج السياسي الهزيل والمتراجع للحرب علي حد قوله. ترصد الباحثة في هذا الفصل الاهم ان الانتاج الفكري حول الحرب بدز غزيرا ثم أخذ في التراجع تدريجيا, وتفصل ذلك في أن عام1974 كان اغزر الاعوام انتاجا فبلغت نسبة المنشور فيه من المجموع الكلي(2786 وثيقة) نسبة12,31% وعام1975 نسبة8% وهكذا. وتري الباحثة نجوان فخري أن هذه نتيجة طبيعية في ظل طزاجة الحدث والاهتمام به فاذا مابلغنا عام2005 وجدنا ان الحديث عن حرب اكتوبر لايخرج عن مقالات متفرقة تنشر في الذكري السنوية للحرب.