ما ان نبتت فكرة قصة في رأس الكاتب حتي أضحت كل الاشياء تدور في فلك واحد, مثل الأكل والنوم وعلبة الثقاب والاغاني, اوكأن يعاني من استولاد معاني واستنطاق شخوص تتخفي في اوهام وافهام ربما.. غيران اكيد الكاتب لحظة بداية وانطلاقة نهاية, تجعله الاقرب للسبق فلا تأتي الاشياء ابدا عفو الخاطر الا في النادر ولذلك تحمل في المجمل كل اقاصيص الكتاب الموهوبين بصمه ليست مصطنعة فيها من دم وريد القلب ورائحة الجلد ورؤيا الاعين شهادة صدق علي ما آل اليه وضع الناس حتي لو كان السر سترا في نفس الراوي يغطيه بداعي اللاوعي ليخاطب به من يفهمه. عن مركز نهر النيل للنشر في95 صفحة من القطع المتوسط صدر للكاتبة عزة دياب مجموعة قصصية بعنوان الاجنحة الورقية محتواها واحد وعشرون قصة قصيرة وقصيرة جدا كلها بذور افكار مكثفة بطريقة مدهشة حقا والعجيب ان هذه الافكار الكثيفة يلزمها اكثر من الاجنحة الورقية لتطير بها أهي اقصي سرعة واكثر قدرة لتحقيق هدف خاطف تاركة للذاكرة مهمة الاستعادة وتذوق مرارة او حلاوة التجربة او هو قلق السارد عن الحكي وتبرم من التفاصيل رغم عمق الافكار وتفلسفها الواضح رغم الاخفاء, عاده ما تكشف القصة المسماة باسمها المجموعة لغز الكاتبة ومداها في تصوير الاشياء وعلي قصر القصة وخيط اللاعب بالطائرة الصغيرة نكشف حجم الفارق في التعبير لموضوع قديم قدم الزمن نفسه العمر وبقايا الايام, قصر الوقت الممنوح والمتبقي لنجيب عن اسئلة الساعة, اي جمال هذا تحمله الريح فوق مياه البحر, هؤلاء المحترفون في القصة الاخري هل اجادوا اللعبة حقا, او مازالت عساكرهم تحميهم وتقطع بر و بحر الزمن القادر اللامتناهي, من يمسك اذن بخيوط من هذا هو الفخ يتبدل اللحم والريش والزقزقه بقليل من المال, نعم ان المال طيب ويطيب للقناص ان ياخذ منه حظه ولكن السؤال يأتي هنا هل للمستأجر ان يفكر نعم اذا خاب النشان سيكون وحده المستهدف, اراها قد اوضحت الافكار, ارادت الا تكون ثقيلة فصنعتها علي اشكال وفي الاجمال لم تتمكن من تجريد نظرتها بل درجتها نحو ان تصبح اقاصيصها من ذوات الابعاد, بعد الزمن العابث بكل خبايا الاشياء بعد اللامعقول وطمع الانسان في الاستحواذ مثل الظل فاقد الحبل بعد الرغبة تفصح عنها المكبوتات في بلا انف والصدع القمر بدر اذن هي ايضا يلزمها التحليق والتحديق من خلف زجاج الحافلة ومقعدها الخلفي فكلما نظرت لمقعده وجدته خاليا حيث عمق التجربة قبضة ريح في داخلها كل القوة وكل الضعف وتصير الايام ومضه قصف النور في اعقاب الرعد عزه دياب تخاطبه في نور ودموع : سأترك باب القفص مفتوحا, اخرج للنور, لا تنسي حاول المرور امام شرفتي, سأعرف صوتك, اللغة ايضا لاعب اساسي الي جوار الافكار فهي اجنحة المعاني وهي موصلات امرار الحدث الي الشعور الداخلي للمتلقي.. انها هنا ذات رائحة قوية في ذات الوقت وقت ومعني التجربة مع ما تحمله من رمزية تشارك في جعل المجموعة القصصية ذات لحن خاص, وقد تدفع المتلقي الي الاستنتاج وتحفز خياله علي الانطلاق نحو افكار اخري لم يتعرض لها الكتاب ولن اتعرض لها انا ايضا كوهها اصبحت لي. دعني اتساءل في النهاية بكم جناح حلقت المجموعة القصصية لعزة دياب ربما باكثر من عشرة بين الرقصة والقفزة وتغير ما قبل الخريف ومجروش الثلج دعني احاول ان اسقيك من نبع النور, فإذا انت تحاول المرة تلوا المرة وقد اخفقت, واذا انت تواصل محاورة الذات.. هل لابد من الخيط.. خيط واهي او فرط العقد؟ احمد محمد عبده جلبي. باحث معهد البحوث والدراسات الافريقية جامعة القاهرة