التعليم: واقعة التعدى على طالبة بمدرسة للتربية السمعية تعود لعام 2022    ترامب: الولايات المتحدة لن تعترف باستقلال "أرض الصومال" في الوقت الحالي    دوي انفجارات قوية في العاصمة الأوكرانية بعد قصف روسي    وضع حدا لسلسلة انتصاراتنا، أول تعليق من الركراكي على تعادل المغرب مع مالي    السحب الممطرة تزحف إليها بقوة، الأرصاد توجه تحذيرا عاجلا لهذه المناطق    بسبب الميراث| صراع دموي بين الأشقاء.. وتبادل فيديوهات العنف على مواقع التواصل    الجدة والعمة والأم يروين جريمة الأب.. قاتل طفلته    الصحة العالمية تحذر: 800 ألف حالة وفاة سنويا في أوروبا بسبب تعاطي هذا المشروب    البروفيسور عباس الجمل: أبحاثي حوّلت «الموبايل» من أداة اتصال صوتي لكاميرا احترافية    ترامب: احتمالات إبرام اتفاق تسوية للأزمة الأوكرانية خلال زيارة زيلينسكي إلى فلوريدا    منع جلوس السيدات بجوار السائق في سيارات الأجرة والسرفيس بالبحيرة    السيطرة على حريق أكشاك بمحيط محطة قطارات رمسيس.. صور    أعمال درامية خارج السباق الرمضاني 2026    سمية الألفي.. وداع هادئ لفنانة كبيرة    الرئيس والنائب ب"التذكية"، النتائج النهائي لانتخابات نادي الاتحاد السكندري    مصطفى بكري: "إسرائيل عاوزة تحاصر مصر من مضيق باب المندب"    أمم إفريقيا - فلافيو: أتمنى أن نتعادل مع مصر.. وبانزا يحتاج للحصول على ثقة أكبر    شيكابالا: الشناوي لا يحتاج إثبات نفسه لأحد    فين الرجولة والشهامة؟ محمد موسى ينفعل على الهواء بسبب واقعة فتاة الميراث بالشرقية    سقوط أمطار خفيفة على مدينة الشيخ زويد ورفح    بعد تداول فيديو على السوشيال ميديا.. ضبط سارق بطارية سيارة بالإسكندرية    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    فلافيو: الفراعنة مرشحون للقب أفريقيا وشيكوبانزا يحتاج ثقة جمهور الزمالك    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    عمرو أديب عن واقعة ريهام عبدالغفور: "تعبنا من المصورين الكسر"    مها الصغير أمام المحكمة في واقعة سرقة اللوحات    أستاذة اقتصاد بجامعة عين شمس: ارتفاع الأسعار سببه الإنتاج ليس بالقوة بالكافية    في هذا الموعد.. قوافل طبية مجانية في الجيزة لخدمة القرى والمناطق النائية    السكك الحديدية تدفع بفرق الطوارئ لموقع حادث دهس قطار منوف لميكروباص    البنك المركزى يخفض أسعار الفائدة 1% |خبراء: يعيد السياسة النقدية لمسار التيسير ودعم النمو.. وتوقعات بتخفيضات جديدة العام المقبل    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    منتخب مالي يكسر سلسلة انتصارات المغرب التاريخية    يايسله: إهدار الفرص وقلة التركيز كلفتنا خسارة مباراة الفتح    الأمم المتحدة: أكثر من مليون شخص بحاجة للمساعدات في سريلانكا بعد إعصار "ديتواه"    لم يحدث الطوفان واشترى بأموال التبرعات سيارة مرسيدس.. مدعى النبوة الغانى يستغل أتباعه    في احتفالية جامعة القاهرة.. التحالف الوطني يُطلق مسابقة «إنسان لأفضل متطوع»    خبيرة تكشف أبرز الأبراج المحظوظة عاطفيًا في 2026    بعد حركة تنقلات موسعة.. رئيس "كهرباء الأقصر" الجديد يعقد اجتماعًا مع قيادات القطاع    الفضة ترتفع 9 % لتسجل مستوى قياسيا جديدا    لماذا تحتاج النساء بعد الخمسين أوميجا 3؟    صلاح حليمة يدين خطوة إسرائيل بالاعتراف بإقليم أرض الصومال    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    الإسكندرية ترفع درجة الاستعداد لإعادة انتخابات مجلس النواب بدائرة الرمل    الأمم المتحدة: الحرب تضع النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار    د. خالد قنديل: انتخابات رئاسة الوفد لحظة مراجعة.. وليس صراع على مقعد| حوار    غدا.. محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    بدون حرمان، نظام غذائي مثالي لفقدان دائم للوزن    أخبار مصر اليوم: رسالة عاجلة من الأزهر بعد اقتحام 2500 مستوطن للأقصى.. قرار وزاري بتحديد أعمال يجوز فيها تشغيل العامل 10ساعات يوميا..التعليم تكشف حقيقة الاعتداء على طالب بمدرسة للتربية السمعية    الشدة تكشف الرجال    جامعة قناة السويس تستكمل استعداداتها لامتحانات الفصل الدراسي الأول    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    رئيس جامعة كفر الشيخ يفتتح المؤتمر السنوي السادس لقسم القلب بكلية الطب    أوقاف الفيوم تفتتح مسجد الرحمة ضمن خطة وزارة الأوقاف لإعمار بيوت الله    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي ومفتي الجمهورية ومحافظين السابقين وقائد الجيش الثاني الميداني يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد العباسي    خناقة في استوديو "خط أحمر" بسبب كتابة الذهب في قائمة المنقولات الزوجية    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفتنة الطائفية‏...‏ أين أخفقنا؟
بقلم‏:‏ د‏.‏ حنا جريس

حدثتك في المقال السابق عن طبيعة العلاقات الاجتماعية‏,‏ فأشرت إلي نوعين من العلاقات‏,‏ الروابط بين الأفراد في المجتمعات الفرعية للمجتمع‏,‏ والمعابر التي تقوم بين الشبكات الاجتماعية الفرعية لتشكل المجتمع الأكبر‏.‏
وأشرت إلي أن الوطن يكون في أحسن حالاته عندما تسمح المعابر بعلاقات وطيدة بين مختلف الشبكات‏,‏ وحين تتدفق موارد المجتمع المادية والمعنوية لكل أفراد المجتمع من خلال تلك العلاقات الصحية بين الأفراد ومن خلال الروابط والمعابر الاجتماعية‏.‏ ثم ادعيت أننا خضنا مثل هذه التجربة مع مشروع الدولة الحديثة الذي حقق علي مدي السنين أقوي العلاقات بين مكونات المجتمع المصري‏.‏
فإن بتنا في محنة التنابذ الطائفي فلا بد أن خللا ما أصاب هذه العلاقات‏,‏ ويصبح السؤال ما هي أسباب الخلل الذي أصاب المعابر بين المسلمين والأقباط؟
وعندي أن أهم هذه الأسباب يتعلق بمشروع الدولة الناصرية التي أممت فيما أممت الفضاء الاجتماعي العام الذي تعيش فيه المعابر الاجتماعية بين الشبكات‏,‏ وفي الوقت نفسه لم تستطع بالطبع القضاء علي الروابط الداخلية للشبكات الاجتماعية الصغري‏,‏ بل علي العكس هذه الروابط أصبحت أكثر قوة ليس فقط لدي الأقباط بل أيضا لدي المسلمين‏,‏ وأيضا أزاحت الدولة الناصرية‏,‏ وما بعدها حتي الآن‏,‏ النخب الثقافية والمهنية العلمانية من الأقباط من مواقعهم علي رءوس المعابر الاجتماعية وسلمتها للمؤسسة الكنسية‏.‏ فعلي مدي العقود الخمسة الأخيرة‏,‏ ومنذ مطلع الستينيات‏,‏ حددت الدولة الوسيط الوحيد بين الأقباط والمجتمع العام ليكون بابا الأقباط ومن ورائه الأكليروس‏,‏ وقد قبل الإكليروس الهدية شاكرين‏.‏
ومنذ أن انسحبت الدولة من مجال الخدمات الاجتماعية الجادة تركت المجال للمجتمع العام لسد الفجوات بأعمال البر والإحسان ذات الطابع الديني وتقدمت المؤسسة الكنسية بمشروعها لرعاية أبنائها إجتماعيا‏,‏ غير أن هذا المشروع توسع ليشمل خدمات اجتماعية أخري لم يكن في وسع الأسر المسيحية من الطبقة المتوسطة القيام بها مثل السياحة الدينية والنشاطات الترفيهية الموسيقية والمسرحية والسينمائية وغيرها‏.‏ وكان من نتائج ذلك أن قويت الروابط الداخلية بين الأقباط بشكل غير مسبوق في الوقت الذي تقوضت فيه المعابر الاجتماعية بينهم والمجتمع العام وكان ما تبقي منها يخضع لتقدير وتقييم الإكليروس‏.‏
مع مطلع الثمانينيات أضيف عامل جديد يتمثل في الصراع بين الدولة وظاهرة الإسلام الراديكالي الذي يحمل السلاح‏,‏ وطرح التيار الإسلامي فكرة أسلمة المجتمع كشرط أساسي من شروط النهضة حسب قناعات البعض‏.‏ فمن ناحية أدي الصراع إلي تديين المجال العام وتبدل مفردات اللغة اليومية واللغة السياسية‏?,‏ فقد تحول النضال الوطني إلي جهاد ديني وأصبح الحديث عن الأغلبية والأقلية في المجال السياسي قائما علي أساس ديني وطائفي‏.‏ ومن ناحية أخري لم يقدم المفكرون الإسلاميون تصورا فقهيا واضحا يوضح إيمانهم بالدولة الحديثة والمواطنة والمساواة الكاملة‏.‏ ومن ثم تعاظمت قوة الروابط الداخلية للجماعة علي أساس الهوية الدينية‏,‏ وأنقبضت الكتل الاجتماعية الفرعية وعلي رأسها الطائفية علي ذاتها لتشكل ثقوبا سوداء اجتماعية‏.‏
مع دخول رجال الأعمال إلي الساحة إزدادت عملية تراجع المعابر الاجتماعية خاصة في ظل مناخ يصر فيه بعض المسلمين والمسيحيين بمن فيهم أصحاب الأعمال علي اعتماد ديانة الشخص كأحد معايير القبول في الوظائف وإن يكن بشكل عرفي‏,‏ كما أن رجال الأعمال المسيحيين ولعدة أسباب ارتبطوا بشكل أو بآخر بالدولة والمؤسسة الكنسية لتكتمل الدائرة‏.‏
كان من نتائج هذه التحولات السياسية والاجتماعية أن أصبحت رؤوس المعابر الاجتماعية التي تتدفق منها الموارد المادية والاجتماعية بين الأقباط والمسلمين تحت سيطرة الدولة ورجال الأعمال ورجال الدين‏,‏ وتم التخلي عن دور واسهامات النخب المثقفة التي ليس لها علاقة بهذه القوي الثلاث‏.‏ ومن الناحية القبطية أصبح رجل الدين هو الذي يعبر عنهم وهو الذي يحصد فائض الثقة من خلال موقعه الديني‏.‏ وربما من خلال شكله الرمزي وملبسه ولغته الدينية‏.‏ فالدولة تستجيب فقط لمطالب رجل الدين وهي تبحث عنه في بعض الأحيان لتمرير بعض الصفقات أو لضمان استقرار قطاع من قطاعات المجتمع‏.‏ ومن ناحية أخري فإن تدفق الموارد من خلال رجال الدين لايخدم بالضرورة الحاجات الاجتماعية والاقتصادية لمجمل لأقباط‏.‏
وربما نحتاج لبحوث جادة لدراسة حركة تدفق الموارد في الشبكة القبطية‏,‏ لكننا هنا نكتفي بالإشارة إلي أن الهم الأساسي لرجل الدين‏,‏ أيا كان دينه‏,‏ هو ضمان عدم خروج أحد من الطائفة ليس فقط إلي دين آخر وإنما إلي طائفة أخري‏.‏ فمن المنطقي أن يكون لصاحب المشروع الديني أو رجل الدين اهتمام وهم‏(‏ بفتح الهاء‏),‏ واهتمامه هو طائفته الدينية‏,‏ وهمه هو تقويتها إلي أعلي مستويات القوة‏.‏ ويدرك أولا يدرك فمشروعه في النهاية يقوض مشروع الوطن بوصفه أرض الأجداد لكل من يعيش عليها ومن حقه أن يتقاسم مواردها المادية والاجتماعية أيضا‏.‏ ففي مشروع الطائفة تحتل المؤسسة الرسمية وقوتها سلم الأولويات بينما يأتي مفهوم تطور الأفراد داخل المنظومة الاجتماعية في المرتبة الثانية‏,‏ إن كانت له أية أهمية‏.‏
وفي النهاية هل أخفقت النخبة في منع سقوط الجسور والمعابر بين أبناء الوطن؟‏,‏ أظن أننا جميعا نحاول ترميم العلاقات وبناء الجسور الجديدة لكننا جميعا بحاجة ماسة إلي قراءة مجتمعنا وشبكاته الفرعية‏,‏ وأيضا إلي قوانين حركة تدفق الموارد بين الشبكات‏,‏ فظني فهمها سيتيح لنا إبداع حلول جديدة قابلة للحياة‏.‏ وهو ما سأحاوله في المقال المقبل‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.