ملحمة لم تكتمل فصولها, أكبر من كل من يتصدون لكتابتها, حكاية ضخمة من حكايات التاريخ الكبري, تستعصي علي موهبة الرواة والحكائين مهما عزفوا علي الأوتار, ومهما أنشدوا في الأسوار, تكر الأعوام عاما من وراء عام, سبعة وثلاثون عاما ونحن نكتب, ونسجل, ونسطر, ونروي, وننشد, ونغني, وننقب, ونؤرخ, ونحلل, نحن وغيرنا, هنا وهناك, وبرغم ذلك كله تبقي ملحمة السادس من أكتوبر أكبر مما نظن, وأوسع مما نعتقد, وأعمق مما نتكهن. كل عام يأتي, وتتسابق الصحف, والتليفزيونات, والكتابات علي اكتشاف الجديد في هذا اليوم الخالد. نكتشف جذور الزعامة وخصائص القيادة عند الرجالات العظام, نتعرف علي قيادة مبارك, نعيد قراءتها من جديد, ونعيد النظر إليها من بعيد ومن قريب, وهو يعمل مع الرئيس السادات وطاقم القيادات السياسية والعسكرية والدبلوماسية التي أنجزت وسطرت هذه الملحمة الضخمة علي صفحة القناة والتاريخ معا. سجلوها في لحظة خاطفة, في ضربة مباغتة, وتركونا وتركوا الزمان معنا يعيد ونعيد اكتشاف ما حدث, ونحاول فك رموز ما جري, ونبحث عن معني الأشياء وراء أسرار هذا الحدث الكبير. نعيد النظر في إجلال وخشوع وإكبار إلي الرجال الذين فتحوا صدورهم للنار, فتحوا صدورا عامرة بالإيمان بالله والوطن, جادوا بأنفسهم في قلب النار, وخرجوا إلي لقاء الموت دون وجل, ولا هيبة, ولا تردد. وراء كل شهيد ملحمة, وتحت كل قطرة دم سر من أسرار تاريخنا المجيد, وعلي كل ذرة من رمال سيناء حكاية من حكايات الخلود. إنها ملحمة سوف تستغرق عشرات السنوات حين تكتمل فصولها, رغم أنها وقعت كأنها انفجار في لحظة مباغتة غافلت الزمان ثم أيقظته, وطرقت باب التاريخ فأذهلته, ويبدو أن هذا الذهول سوف يبقي, أو يتجدد كل عام, يقول فيه الناس, هذا يوم السادس من أكتوبر.