يعرف الاستاذ محمد سلماوي رئيس اتحاد الكتاب والادباء العرب تقديري الشديد له شخصيا وللدور الذي لعبه في تنشيط الاتحاد وتحديثه,لكن هذا التقدير لايمنعني من التعبير عن دهشتي من البيان المرتبك الذي صدر عن الاتحاد في صيغة رسالة وجهها رئيسه الي رابطة الادباء في دولة الكويت فالاستاذ سلماوي وهو كاتب عرف دائما بمناصرته ودعمه لقضية الحرية هو ذاته من يثمن موقف رابطة أدباء الكويت من أزمة مصادرة الكتب المصرية ومنع دخولها معرض الكويت وهي أزمة تفاعلت في الايام الأخيرة ولا أعرف في الحقيقة من هو مصدر المعلومة التي جعلت سلماوي يعتقد ان موقف الرابطة يستحق الثناء خاصة وهو موقف لايمكن وصفه الاب الموقف المرتبك والمتخاذل من قضية أساسية وضرورية للكتابة ولحرية الابداع.ومن العجيب حقا ان الفقرة الثانية من رسالة الاستاذ سلماوي التي احتفت بها الرابطة لدعم موقفها الذي هاجمه عدد من كتاب الكويت الكبار في الصحف الكويتية الرئيسية, تنطوي علي تناقض لافت اذ يقول سلماوي موجها حديثه الي أعضاء رابطة أدباء الكويت. أبعث اليكم بتهنئة حارة علي موقفكم المشرف في هذا الموضوع, وسأقوم بإعلام جميع أعضاء الاتحاد العام بذلك تقديرا لما تقومون به في خدمة الأدب والأدباء في الكويت الشقيق. وإننا إذ نقف مثلكم ضد الحجر علي أي فكر, ومصادرة أي كتب, فإننا ندرك تماما أن القرار الصادر من معرض الكويت للكتاب ليس موجها بشكل خاص ضد مصر وكتابها, وإنما هو قرار ثقافي عام. وانا هنا اسأل الاستاذ سلماوي: منذ متي كانت القضايا المرتبطة بحرية الرأي والتعبير ليست موجهة لاحد؟ فلم يقل أحد من الذين تناولوا الازمة ان هدفها الاساءة الي العلاقات المصرية الكويتية, كذلك لهم افهم موقفك وانت رئيس اتحاد كتاب مصر قبل ان تكون رئيسا لاتحاد الكتاب العرب, كيف تقبل بالاتهامات التي روج لها بعض انصار المصادرة حين نظروا للكتب الممنوعة بوصفها تنطوي علي اساءات للمعتقدات الدينية او لشعب الكويت. في حقيقة الامر كان من الواجب علي الاستاذ سلماوي ان يلتزم بالمبدأ, من حيث هو مبدأ لايمكن فصلة عن الازمة التي تعاني منها الحرية في عالمنا العربي كله, جري في الكويت اليوم, عاشته مصر ولاتزال تعيشه, وبالتالي فالازمة هي مرض تنتقل عدواه الي الجميع لتأكيد مقولة يوسف ادريس ذات يوم من ان الحرية الموجودة في العالم العربي لاتكفي لكاتب واحد. من بعيد تبدو الصورة في الكويت شفافة اكثر, لاننا علي الاقل علمنا في الازمة الاخيرة ان قرار المصادرة او منع عرض الكتب صادر عن مؤسسة رسمية اعلنت موقفها المخزي بشجاعة تحسد عليها وهي شجاعة يندر ان تجد مثلها في أي بلد عربي آخر حيث جرت العادة ان يكون فعل المصادرة من الافعال المخزية لمن يدافع عنه ويتبناه, لكن وزارة الاعلام وبالتحديد المجلس الوطني للفنون والاداب وهو الجهة المنظمة للمعرض دافع عن القرار باعتباره قرارا داخليا وهذا صحيح اذا تجاهلنا حقيقة واحدة وهي ان الكويت بلد رائد في مجاله وقدم في فترة من الفترات نموذجا رائدا في التنمية الثقافية عبر دعمه غير المحدود لمؤسسات جامعية وثقافية ومطبوعات استقطبت قامات فكرية كبيرة مثل احمد ابو زيد وفؤاد زكريا وعبد الرحمن بدوي وزكي نجيب محمود وعلي الراعي واحمد بهاء الدين وغير هؤلاء الكثير ممن وجدوا في الكويت واحة للديمقراطية لم تغلق أبوابها وتعتبر عطاء هؤلاء الكبار شأنا داخليا أعرف ان ازمة مصادرة الكتب في معرض الكويت ليست جديدة لانها تتكرر كل العام لكن الجديد هو وجود اعلام شفاف, لم يعد يقبل بتواطؤات من النوع الذي كان قائما في الماضي. كنت انتظر من الاستاذ سلماوي ان يتبني الموقف ذاته الذي تبناه الكاتب السعودي عبده خال اوالكاتب المصري الكبير يوسف القعيد حين أصر علي مقاطعة فعاليات المعرض كرد فعل رمزي وتضامني مع الكتاب الذين صودرت أعمالهم وشوهت أو علي الأقل يوجه بيانه الي جهة المصادرة ليدفعها الي التراجع بدلا من تلك التحية المبهمة التي وجهها الي رابطة يتسم تكوينها بالضعف والهشاشة حتي أنها سقطت في أول اختبار حقيقي كان من شأنه أن يؤكد وجودها لم افهم كيف يمكن لكاتب ناصر الحرية ودافع عنها طوال أربعين عاما إن يسقط في اختبار من هذا النوع, كيف لسلماوي الذي بدأ خططه لإصلاح اتحاد الكتاب العرب وتبني الدعوة لتأسيس مرصد لحرية الرأي والتعبير أن يقبل بسقوط رايته في معركة واضحة, من السهل أن نضع فيها خطوطا فاصلة بين أنصار الحرية وأعدائها لا أحد يطلب من المسئولين في الكويت إهدار قيم الديمقراطية وتجاوز القانون,ما نطلبه حقا أن يؤمن هؤلاء أن القانون والدستور الكويتي يصون حرية التعبير وان هذا البلد ذاته كان حضانة لكل أفكار التنوير في الخليج العربي وعلي من آمنوا بدوره أن يدافعوا عن تاريخه, بدلا من التصفيق لمن يريدون منه التخلي عن هذا الدور, وأعود وأؤكد للأستاذ رئيس اتحاد الكتاب العرب أن من يقف ضد المصادرة في الكويت هو من يرغب بالتحديد في استعادة هذا البلد لماضيه الذي كسرته حرب الخليج,نريد الكويت الذي أعاد تصدير ثقافتنا ورموزنا بدلا من الكويت الذي يغلق أبوابه أمامنا