التأييد الذي نالته الجريدة السينمائية التي كان يقدمها فيرتوف والتهافت علي رؤيتها من كل فئات الشعب, هو ماسمح لفيرتوف بإخراج أفلام تسجيلية طويلة طبق فيها نظريات عيون السينما التي طالما نادي بها وكان أول أفلامه الطويلة تلك..يحمل عنوان( عيون السينما 1924) يحتوي الفيلم علي فصول عديدة كل منها يحمل عنوانا منفصلا, منها القديم والجديد, أطفال وشباب,تعاونيات وأسواق حرة, الخبز و اللحم..وبعد ذلك رسم لوحات واقعية عن إدمان المخدرات ومرض الدرن وأخيرا الجنون والموت, وذلك عبر ملازمة عربة الإسعاف في بحثها عن المصابين. أن فيرتوف مع هذه الثنائيات حاول استخدام الجمع بين الشيء ونقيضه, ومن خلال الصراع الثنائي بين هذين الطرفين يمكن الحصول علي محصلة هي النتاج لهذا الصراع والتي تكون مخالفة للنقيضين. تجول فيرتوف مع أخيه ومدير تصويره كوفمان في الأسواق والشوارع وهما يخبئان الكاميرا دون أن يشعر بهما أحد, وأقاما مع الفلاحين في قراهم. قدم فيرتوف في عام1925 فيلمين قصيرين من أروع أفلامه وأكثرها شاعرية, رغم أن موضوعي الفيلمين كانا شديدي الحزن الأول يحمل عنوان سينما الحقيقة اللينينية والثاني: أكتوبر بدون ايليتش. الأول, الذي قدم علي انه الحلقة(21) من الجريدة السينمائية التي كانت تعرف باسم كينو برافداموضوعه الأساسي جنازة لينين, حيث نشاهد مراسم الجنازة, وكذلك بالتوازي علامات الحزن علي وجوه أفراد الشعب. وينتهي الفيلم بمشاهد توضح فخر الشعب, لان تعليمات لينين في مجالات الزراعة والصناعة والحياة الثقافية يتم تنفيذها. أما أكتوبر بدون ايليتش فيستعرض الانجازات التي حققتها الثورة بدون قائدها لينين, ولكن في شكل شديد العاطفية بعيدا عن الموضوعية الجافة التي اشتهرت بها أفلام مجموعة عيون السينما. في عام1926, قدم فيرتوف ثاني أفلامه الطويلة:إلي الإمام ياسوفيت وهو فيلم شديد البساطة في تكوينه, يلعب فيه فيرتوف علي التوازي بين الواقع القديم والحاضر, حيث نري حاضر الأشياء والوضع الذي كانت عليه قبل قيام الثورة, أو الوضع في الدولة السوفيتية والوضع في البلدان الرأسمالية. في نفس العام قدم فيرتوف فيلم الجزء السادس من العالم الذي يظهر فيه تنوع كبير في المشاهد المصورة لأجزاء من جمهوريات الاتحاد السوفيتي لم تظهر أبدا في أي فيلم من قبل ليحقق هذا الفيلم نجاحا كبيرا بعد أول عرض له أمام أعضاء الحزب في مؤتمرهم الخامس عشر. فيرتوف لم يكن يستعمل من أدوات السينما سوي الكاميرا ومقص المونتاج, وهو ماجعل مخرجا مثل سيرجي ايزنشتين يصف أفلامه بأنها ليست سوي تركيبات شكلية وخدع من الكاميرا. في فيلمه السنة الحادية عشرة يقدم فيرتوف قصة صراع عمال الدولة الاشتراكية ضد قسوة الطبيعة من خلال العمال الذين يفجرون الجبال من اجل شق طريق للسكة الحديد ولكنهم مع تفجيرهم كتل الصخور يعثرون علي هيكل عظمي لأحد المحاربين القدماء راقدا في قبره وبجواره الهيكل العظمي لحصانه الحربي وعلي صدر المحارب القوس وأسهم الحرب.. ويعلق فيرتوف وعلي ذلك بقوله المحارب يرقد داخل قبره ومفردات عهد جديد تتقدم للأماموالمحارب يرقد داخل قبره والمصور يلتقط صورا للصمت الذي استمر الفين من الأعوام مع فيلم الرجل والكاميرا1929, خرج فيرتوف من مجال التسجيلية الشعرية أو سينما الحقيقة الي مرحلة السينما التسجيلية الانطباعية التي تدخل في نطاق تكوينات بصرية بها قدر كبير من الرمز, حيث نري فتاة ترتدي ملابسها والمصور يغير عدسة الكاميرا وكأن العدسة هي ثياب الكاميرا أو مشهد لبورصة سان بطرسبرج وهي تتحطم عبر خدعة في التصوير, كرمز لسقوط الرأسمالية في روسيا. أما فيلم الحماس أو سيمفونية دوناس 1930, فهو أول فيلم يستخدم فيه فيرتوف الصوت, وقد استخدمه بشكل متطور, فبمجرد أن شاهد شارلي تشابلن الفيلم بعث برسالة إلي فيرتوف يقول فيها: لم أكن أبدا أستطيع أن أتخيل انه يمكن تنظيم الأصوات الصناعية بحيث تبدو بهذه الروعة..أني اعتبر فيلم الحماس إحدي أفضل السيمفونيات المؤثرة التي سمعتها في حياتي أن السيد فيرتوف موسيقار, وعلي الأساتذة أن يتعلموا منه لا أن يجادلوه,هذا هو رأي شارلي تشابلن الذي كان يأخذ موقفا سلبيا من دخول الصوت للسينما ولكن فيلم فيرتوف أعطاه درسا في كيف يكون الصوت عملا فنيا داخل الفيلم السينمائي. ولم يكن تسجيل الصوت متقدما في تلك الفترة, فكان يتم التسجيل عبر ميكرفونات متصلة بدار الإذاعة مباشرة وقد ساهم فيرتوف نفسه في صناعة معدات تسجيل صوت متحركة. الحماس فيلم يحكي عن عمال المناجم الذين حققوا أهداف الخطة الخمسية في أربع سنوات فقط ولم يحقق الفيلم أي نجاح في روسيا وان كان قد أعجب الكثير من المخرجين الأوروبيين.