«الديهي»: حملة «افتحوا المعبر» مشبوهة واتحدي أي إخواني يتظاهر أمام سفارات إسرائيل    «التعليم» ترسل خطابًا بشأن مناظرة السن في المرحلة الابتدائية لقبول تحويل الطلاب من الأزهر    موارد دولارية كافية ورسالة طمأنة للأسواق والمستثمرين فى اجتماع الرئيس السيسى بمحافظ البنك المركزى.. وتوجيهات رئاسية بضرورة مواصلة العمل المكثف لتوفير الظروف الملائمة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية    «بلح البحر ب300 جنيه».. أسعار السمك والمأكولات البحرية بأسواق الإسكندرية اليوم 18 أغسطس 2025    ارتفاع جماعي لكافة مؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم الإثنين 18    تخفيضات تصل إلى 70%.. تفاصيل الأوكازيون الصيفي 2025    انقطاع مياه الشرب مساء اليوم عن قرية المشارقة ببنى سويف لربط خطوط غاز    رئيس الوزراء الفلسطيني: سنعلن قريبا تشكيل لجنة مؤقتة لإدارة قطاع غزة    "الأغذية العالمى": نصف مليون فلسطينى فى غزة على شفا المجاعة    آس: كوناتي يقترب من ريال مدريد.. وليفربول يرفض بيعه بأقل من 50 مليون يورو    رضا عبد العال: خوان ألفينا سيجعل جماهير الزمالك تنسى زيزو    "لا نقبل بإرهاب يورتشيتش".. بيراميدز يقدم شكوى لاتحاد الكرة ضد أمين عمر    وزير الرياضة ورئيس الأولمبية يستعرضان خطط الاستعدادات لأولمبياد لوس أنجلوس    ضبط سلع غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر بمركزى جرجا وسوهاج    وفاة شاب صدمته سيارة مسرعة بطريق القاهرة – الفيوم    إصابة عامل في حريق شقة سكنية بسوهاج    ريهام عبدالغفور عن وفاة تيمور تيمور: «كنت فاكرة أن عمري ما هتوجع تاني»    من هشام عباس إلى علي الحجار.. جدول فعاليات مهرجان القلعة 2025    وزير الثقافة ومحافظ الإسماعيلية يفتتحان ملتقى السمسمية القومي    وزيرة التضامن الاجتماعي: دعم مصر لقطاع غزة لم يكن وليد أحداث السابع من أكتوبر    نشأت الديهي يكشف مخططات «إخوان الخارج» لاستهداف مصر    مي عز الدين تخطف الأنظار فى أحدث ظهور من إجازتها الصيفية    «متحدث الصحة» ينفي سرقة الأعضاء: «مجرد أساطير بلا أساس علمي»    «الرعاية الصحية» تطلق حملة «صحتك أولًا» للتوعية بالسلامة الدوائية في بورسعيد    «الصحة» تكشف عن 10 نصائح ذهبية للوقاية من الإجهاد الحراري    استشاري مناعة: مبادرة الفحص قبل الزواج خطوة أساسية للحد من انتشار الأمراض    وزير الإنتاج الحربي يشهد حفل تخرج دفعة جديدة من الأكاديمية المصرية للهندسة والتكنولوجيا    مدرب نانت: مصطفى محمد يستحق اللعب بجدارة    جامعة مصر للمعلوماتية تستضيف جلسة تعريفية حول مبادرة Asia to Japan للتوظيف    حلوى باردة ومغذية فى الصيف، طريقة عمل الأرز باللبن    مصر تدعم السلطة الفلسطينية لاستعادة الأمن بغزة    إعلام عبري: تقديرات الجيش أن احتلال مدينة غزة سوف يستغرق 4 أشهر    إسرائيل تقر خطة احتلال مدينة غزة وتعرضها على وزير الدفاع غدا    محافظة بورسعيد.. مواقيت الصلوات الخمس اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء (صور)    أحمد محارب: أقاوم الاحتلال الإنجليزي في «درويش» وحقبة الأربعينات ممتعة بصريًا للمشاهد    دار الإفتاء توضح حكم شراء حلوى المولد النبوي والتهادي بها    وسط حراسة مشددة .. وصول المتهمين في حادث مطاردة فتيات بطريق الواحات لمحكمة جنح أكتوبر    التعليم تحسم الجدل : الالتحاق بالبكالوريا اختياريا ولا يجوز التحويل منها أو إليها    انطلاق امتحانات الدور الثاني للشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء    جدول مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الاثنين 18 أغسطس 2025    4 شهداء بينهم طفلة بقصف إسرائيلى على غزة والنصيرات    ارتفاع سعر اليورو اليوم الإثنين 18 أغسطس 2025 أمام الجنيه بالبنوك المصرية    رابط نتيجة وظائف البريد المصري لعام 2025    كم سجل عيار 21 الآن؟ أسعار الذهب اليوم في بداية تعاملات الاثنين 18 أغسطس 2025    "2 إخوات أحدهما لاعب كرة".. 15 صورة وأبرز المعلومات عن عائلة إمام عاشور نجم الأهلي    دعه ينفذ دعه يمر فالمنصب لحظة سوف تمر    ترامب يهاجم وسائل الإعلام الكاذبة بشأن اختيار مكان انعقاد قمته مع بوتين    أسفار الحج 13.. من أضاء المسجد النبوى "مصرى"    الرئيس اللبناني: واشنطن طرحت تعاونًا اقتصاديًا بين لبنان وسوريا    بدء اختبارات كشف الهيئة لطلاب مدارس التمريض بالإسكندرية    التحقيق في مقتل لاعبة جودو برصاص زوجها داخل شقتهما بالإسكندرية    رضا عبد العال: خوان ألفينا "هينَسي" الزملكاوية زيزو    "لا يصلح"... رضا عبدالعال يوجه انتقادات قوية ليانيك فيريرا    سامح حسين يعلن وفاة نجل شقيقه عن عمر 4 سنوات    مواجهة مع شخص متعالي.. حظ برج القوس اليوم 18 أغسطس    تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الثالثة.. كليات التربية ب أنواعها المتاحة علمي علوم ورياضة وأدبي    مرصد الأزهر: تعليم المرأة فريضة شرعية.. والجماعات المتطرفة تحرمه بتأويلات باطلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحياة الأخري

‏(‏والله أنه لا يمنعني من اللعب إلا ذكر الموت‏)‏ علي ابن ابي طالب‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ كانت يدها معقوفة علي سكين صغير ذي نصل حاد تقطع به اللحم الذي طلبته مني هذا الصباح
قبل أن اذهب إلي عملي كانت ملابسها زاهية نظيفة معطرة‏,‏ خالية من روائح المطبخ المعتادة وهذا ما لم أعتده منهاو خاصة في الآونة الأخيرة‏..‏
وقفت قبالي وهي تتناول اللحم مني تثبت نظراتها الناعسة الهادئة علي غير العادة‏,‏ بقوة علي رقبتي التي تحسستها برفق‏,‏ طلبت منها الاسراع في اعداد الطعام لارتباطي بموعد مهم مع اصدقاء المقهي الحميمين‏,‏ بالطبع كنت أكذب عليها في ثبات ورباطة جأش حتي لا تشم بغريزتها أنني علي موعد مع الأخري‏.‏
كانت نظراتها لا تريم عن عنقي‏..‏ اقتربت مني وشعرت بحرارة أنفاسها اللافحةوخمنت؟ أن تهبني قبلة أو ضمة متواضعة أو أي شيء يلهيني عن نوبة القلق حولها وحول سلوكها المريب نحوي‏,‏ همست في أذني قائلة‏:‏
لقد عرفت كل شئ‏.‏
ثم سرعان ما هربت وراوغتني ودخلت المطبخ وقد اعارتني ابتسامة باهتة صفراء‏.‏
اربكتني‏,‏ ولا أعرف لماذا تذكرت فجأة‏(‏ تي‏)‏ الزوجة الثانوية للملك رمسيس الثالث التي تأمرت علي قتله مع ابنها بنتاؤدر‏,‏ وباب رع المشرف علي الخزانة الملكية يعاونها الضابط النوبي بنموسي والذي انضم للمؤامرة بتأثير أخر له في الحريم الملكي وكذلك بيبس قائد الجيش‏.‏
‏..‏ كان ذلك من وسوسة الشيطان الذي زين ل‏(‏ تي‏)‏ ان تقتل سيدها حتي لا يصبح ولده الأثير رمسيس الرابع ملكا علي مصر ويحرم ابنها من اعتلاء العرش‏,‏ لكن أنا ليس لدي انهار‏,‏ أو جوار وليس لي سلطان علي شعب مصر اللهم سوي شاليه متواضع بالساحل الشمالي مكون من غرفة واحدة وصالة كانت قد ساعدتني في شرائه ببعض من ذهبها ورفضت حينها أن أكتبه باسمها حدث ذلك قبل أن تعرف انها عاقر بعد سنوات قليلة أخذت تراودني عن نفسي كي أكتبه باسمها حتي لا يستولي عليه أخي وأولاده الولاعون بعد أن أقضي نحبي‏.‏
ظهرت الأخري كالوميض‏,‏ كانت حياة أخري غير التي اعتدتها مع سمية‏,‏ كان حديثها رطبا سلسا رائقا‏,‏ لا تحب تلوين الشفاه أو صبغ الوجوه أو تخضيب الكفوف وتمقت الملابس العارية المفتوحة من أسفل أو أعلي‏,‏ جعلتني أحب القصائد وينهزم قلبي أمام ترنيماتها الشجية‏,‏ أول لقائي بها في المؤسسة الحكومية التي أعمل بها‏..‏ كانت ومازالت طازجة ترهبها اللوائح والتعليمات ويزعجها القيل والقال‏,‏ كانت لا تنتمي الي عالمنا
‏..‏ كانت تشبه الحياة الأخري في عزوفها عن معطياتنا وقوانينا المحدودة بتطلعاتنا وطموحنا قصير النظر‏.‏ لم تكن سعيدة بكونها موظفة ساكنة غير مسموح لها بفك قيودها قبل الساعة الثانية بعد الظهر‏,‏ ملت من التطلع إلي نفس الوجوه والسحنات‏,‏ وشغلت نفسها بأوراقها وألوانها‏..‏ ترسم ويتلون الورق الأبيض بقصائدها القصيرة‏,‏ تخصني بها واعتبرته امتيازا لأشياء أخري انتظر أن تفاجئني بها يوما ما‏.‏
قالت ذات يوم وقد هالني وأفزعني حبها للموت‏:‏
أني أفكر في الموت كل يوم وعندما أضع رأسي للنوم‏,‏ أحيانا أتهيأ له‏,‏ تجتاحني رائحته في المنامات‏,‏ أخشي أن يأتيني دون أن أتهيأ له‏.‏
في لحظات هرب خاطر الشهوة وقوانين الجسد الدونية وشرعت أفكر مثلها في مصيري بعد الموت‏.‏ كانت امرأة مختلفة تعشق ركوب الخيل‏,‏ عندما نكون معا تتشاغل بالنظر للسماء وتتمني لو هبطت عليها من السماء أرجوحة من الحرير والزبرجد تنقلها دون ألم إلي الحياة الأخري فلقد رأت جدها وهو يغرغر وقد بلغت الروح الحلقوم‏,‏ كان يكابد وحده‏.‏
لا أحد معه من أولاده الستة‏,‏ كان ينظر في اللاشئ‏,‏ كان بصره في ذلك اليوم حديدا‏!‏
وضعت سمية أمامي طبق اللحم وبجواره أرغفة الخبز الساخنة وبعض المرق‏,‏ سألتني عن احوال العمل فأجبت باقتضاب‏:‏
لا جديد‏.‏
تنهدت ووجدتها تخرج ذات السكين ذات النصل ذي الحاد من بين طيات ملابسها تمزق به اللحم أمامي‏,‏ فاستنكرت فعلتها فقالت بين الجد والهزل وهي مستمرة في تقطيع اللحم جزلا صغيرة‏:‏
لقد عرفت كل شيء وحان الوقت للحساب‏.‏
ثم نهضت وخطت بنصل السكين علي ذراعي فسال الدم ولم أشهق كما توقعت هي والغريب انها لم تجفل لرؤية الدم واستطردت‏:‏
تعاقبني لأن بطني لا تحمل بذورك وتريد ان تحيا حياة أخري بدوني‏.‏
قلت في نفسي‏:‏
لقد أصابها مس من الشيطان وعلي ان اعالج الأمر والا‏....‏
لم تمهلني اكمال الجملة وباغتتني بوضع السكين علي رقبتي فقلت لها مازحا‏:‏ ارتغبين في قتلي ياصغيرتي؟‏!‏
قالت في نعومة حاقدة‏:‏
نعم
قلت‏:‏
أطباء التبت في كاتماندو يعتبرون أن جرح الجسم خطأ قد يرتقي الي مستوي الخطيئة‏.‏
قالت وهي تصك علي أسنانها‏:‏
أريد أن أساعدك أن تحيا الحياة الأخري‏.‏
قلت‏:‏ بدونك ستكون جحيما مقيما‏.‏
قالت‏:‏
ومعها ستكون الجنة
قلت وقد أزاحت السكين عن رقبتي وحككتها برفق وتأكدت من عدم وجود دم علي ملابسي‏:‏
لقد وشي بي أحدهم و‏..‏
باغتتني‏:‏
لقد رأيتك‏.‏
قلت‏:‏
رأيتني ببصرك ولم توغلي في بصيرتك‏!‏
قالت‏:‏ دائما مقتصد في حبك‏.‏
مضت عشر سنوات عجاف وأنا أتلهف الخلاص‏.‏
قالت‏:‏
أتيت إليك بأمرأة في الحلال كي ترزق الولد وتكون لك عشيرة‏.‏
قال لها‏:‏
أنها كالبهيمة لو وقعت عليها‏.‏
قالت‏:‏
هذا قدري‏.‏
قلت‏:‏
شروطك كانت قاسية لا أحتملها‏.‏
قالت‏:‏
كانت قروية ساذجة‏!‏ وماذا أفعل بغفلتها عندما تشب النار في الدار‏.‏
كانت الطعنة قوية غائرة نافذة للقلب‏,‏ تسير أغواري الممتدة والمتعلقة بجسر الحياة الأخري‏..‏ شعرت بتقطع أوردتي وشراييني وشعرت بالنصل يحز عضلة قلبي قلت بين الألم والمراوغة‏:‏
كل شئ باطل‏.‏
قالت‏:‏
مازال أمامي الكثير وطقوسي الليلة ستكون بك ولك‏.‏
ارتميت بين قوائم المائدة وشعرت بفوران الدم علي ظهري‏..‏ ركلتني
بهدوء ازينت وأتت زخرفها وبعثرت بعض ذهبها حولي ولعلة ما لا أفهمها كسرت مزلاج الباب بعنف وبعثرت محتويات المكان في فوضي غير منظمة ولم تنس أن تغمد السكين في راحة يدها‏,‏ باشفاق أغمضت عيني وطلبت منها أن تكف عن تعذيب نفسها لأجلي‏.‏
سقطت في متاهات اللاوعي‏,‏ وحاولت اغلاق عيني فلم استطع‏..‏ كان رأسي ثقيلا وحركتي ضعيفة‏,‏ حاولت النهوض فارتطم رأسي بالحائط وسقطت بجواري لوحة الجيوكندا‏,‏ حاولت أن أقيمها وأسندها علي الحائط لأري نظراتها فهي تبتسم لي كلما نظرت اليها من أي اتجاه‏(‏ هكذا كنت أتوهم‏)‏ كان أصدقاء المقهي يشاركونني هذا الوهم المريح‏.‏
طلبت منها كوبا من الماء البارد فقالت لي‏:‏
أنا في عجلة من أمري‏,‏ انتظر اشخاصا مهمة‏.‏
قلت لها بين الألم والتوجع‏:‏
في هذا الوقت؟‏!‏
قالت في سخرية‏:‏
لا يأتون إلا في هذا الوقت‏.‏
مددت يدي وحاولت أن أخلع ملابسي المبتلة بالدماء‏.‏
شعرت أن طوابير من النمل تزحف إلي جلدي وتتسرب تحته وبألم قاس ينشب أظلافه في كل مكان بجسدي روحي تنسل مني وتمزقني كشد السفود من الصوف المبلول‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.