عندما يحدث أمر يتعلق بخلاف بين المسلمين والأقباط من أبناء هذا الوطن يصبح هذا الأمر مثار الحديث في الصحافة والفضائيات وتتناقله وكالات الأنباء ويصوره الإعلام بصورة تجعل من الحبة قبة كما يقولون, ويتضخم الأمر خاصة عندما يتناوله أبناء المهجر ويجعلون منه مثار أحاديث المجتمعات التي يعيشون فيها, ولكن عندما تكون هناك أمور تدل علي أصالة هذا الشعب, وعلي أن الود والحب والصفاء هو الذي يسود أبناء هذا الوطن, وأن التآخي والمودة هي التي ترفرف بأجنحتها علي ربوع قري مصر ومدنها, حيث يعيش الجميع لا فرق بين مسلم ومسيحي لا يعيرونها التفاتا أقول هذه الكلمات بعد المشهد الحضاري والأخوي الذي شهدته قرية الوشوشة التابعة لمركز ابو تشت محافظة قنا, فقد شيد أبناء القرية بعزم وجهد من الأستاذ المستشار الدكتور أبو المجد عيسي رئيس محكمة جنايات سوهاج وابن عزبة الوشوشة مسجدا يقع إلي جوار كنيسة القرية, حيث يتجاور بيتان من بيوت العبادة وتتعانق المئذئة مع البرج, يقول لي السيد المستشار أنه علي مدي المدة التي بني فيها المسجد كان الداخلون إلي الكنيسة والخارجون منها يلقون السلام علي البنائين والعمال ويقولون الجملة التي تتردد علي ألسنة أبناء الصعيد في هذه المناسبة, وهي الله يديكم العافية ويسترسل السيد المستشار أبو المجد عيسي قائلا أن يوم افتتاح المسجد كان يوما مشهودا في القرية النائية في صعيد مصر, فقد جاءت الإذاعة وبرنامجها الرئيسي والقنوات الإقليمية في جنوبالوادي, وشمال الصعيد وجنوب الصعيد والوادي الجديد لتشارك في حفل الافتتاح بإذاعة صلاة الجمعة التي حضرها العديد من المسئولين في المحافظة ووزارة الأوقاف, وكذلك وزارة الداخلية التي جاءت بعدد من الجنود والضباط للإشراف علي النظام, وكل هذا كان متوقعا وجميلا, ولكن الأجمل, والذي لم يكن متوقعا لدي بعض من لا يعرفون عادات وتقاليد أبناء الصعيد هو ما حدث عقب انتهاء الصلاة, حيث تجمع المئات في السرادق الذي أقيم احتفالات بالمناسبة, إذ أقبل آباء الكنيسة وكهنتها, وعدد من أعيان المسيحيين ليشاركوا في المناسبة جاءوا, كما يقول السيد المستشار ومن خلفهم عربة ربع نقل تحمل عشرات من صناديق المرطبات تحية للمناسبة ولضيوفها أقبل الجميع مسلمون وأقباط يحتضنون بعضهم البعض دليلا علي الحب والاخاء والصفاء, ولم يتوان مذيع الإذاعة عن تسجيل المناسبة, حيث أدار حوارا بين المستشار أبو المجد عيسي وراعي الكنيسة اللذين تحدثا عن الجذور العميقة التي تربط بين أبناء الوطن الواحد لا فرق بين مسلم ومسيحي, ولقد كان جميلا ان تخصص شبكة البرنامج العام وقتا في سهرة نفس اليوم لإذاعة البرنامج الذي سجله ابننا المذيع حسن مدني, ولقد ذكرني ذلك كله بما شاهدته بعيني رأسي, وأنا بعد طفل صغير عندما ذهبت مع والدي إلي قرية تجاور قريتنا, حيث شارك والدي في تشييع جنازة أحد اصدقائه من المسيحيين. لقد شاهدت والدي يرتدي بساط الرحمة ويسير أمام النعش مع مجموعة من المشاركين في واجب العزاء وجميعهم يرتدون بساط الرحمة, وهو أشبه بالعباءة مطرز عليها الصليب منهم المسيحي ومنهم المسلم, كما أن جارنا في القرية الخواجة بولس كان يشارك في صوم أول يوم في رمضان, ويتناول طعام الإفطار مع جيرانه المسلمين حول المائدة في الدوار. يقول لي السيد المستشار أنه علي مدي المدة التي بني فيها المسجد كان الداخلون إلي الكنيسة والخارجون منها يلقون السلام علي البنائين والعمال. صناديق المرطبات تحية للمناسبة ولضيوفها أقبل الجميع مسلمون وأقباط يحتضنون بعضهم البعض دليلا علي الحب والاخاء والصفاء.