أقسم بكل الأيمان المغلظة, ونحن في ليلة النصف من شهر رمضان الكريم, الذي يصيبنا العطش وعدم التدخين فيه, بحالة خاصة من' الصفاء الذهني', التي لاتمكننا من التفكير في شئ مرتين أنني لم أكن أنوي الكتابة مرة أخري عن لوحة أزهار الخشخاش حتي لو وجدوها, باستثناء حالة واحدة أصبح كثيرون يتوقعونها, فقد أصبحت كل تفاصيل الموضوع تصيب بالغثيان, وأصبح النشر عنها في الصحف الخارجية يصيب بالإرهاق, فهناك رسالة مفادها أننا غير قادرين علي الحفاظ علي مابأيدينا, ولم يعد ينقصنا سوي أن يطالب احدهم بوضعنا تحت الوصاية الفنية, طالما أننا لم نتمكن من الحفاظ علي إحدي معالم تاريخ الفن في العالم. مايدفع للكتابة هذه المرة الاستثنائية, هو تلك الصورة التي نشرت للإطار الخشبي الفارغ الذي نزعت منه لوحة فان جوخ, بواسطة آلة حادة, إلي جانب الصورة الأصلية في نفس الإطار, وطبقا للدكتور وحيد القلش, مدير مقتنيات الأهرام, فإن فان جوخ كان ينتمي للمدرسة التعبيرية في التصوير, بطريقة يقول إنها عنيفة من شدة تأثيراتها فيمن يقف أمام لوحاته الأصلية, لكن طبقا لما جري في متحف محمد محمود خليل, فإن الفنانين المسئولين عن مقتنيات مصر الفنية, ينتمون إلي مدرسة أكثر عنفا, تكاد تصيب بالصدمة, فالإطار الخشبي الفارغ الذي تركوه لنا, يمثل مدرسة تعبيرية وحده. أحد المعلقين الظرفاء قال انه لم يكن يعرف سوي في وقت متأخر أن أزهار الخشخاش تتعلق بنبات يصنع منه الأفيون أو الحشيش, لكنه عندما وقف أمام اللوحة لمدة نصف ساعة ذات مرة, أيقن أنها تؤدي إلي تأثيرات مماثلة, وسوف أحرص علي أن أتصل به غدا لأدعوه إلي الذهاب لرؤية الإطار الخشبي, لمدة نصف ساعة أيضا, لنري مالذي سيصيبه, وعلي أي حال, فإن في بعض المصائب فوائد, وأقترح ألا لاتفرط وزارة الثقافة أبدا في الإطار الفارغ, وأنا متأكد بأن الآلاف من السائحين سيكونون علي استعداد للمجئ لمشاهدته, كأحد الشواهد الأثرية علي ثقافتنا, وأقترح تسمية اللوحة الجديدة, خشبة فان جوخ, وعلي أي حال, فإنهم سوف يسمونها هكذا. [email protected]