جامعة أليا في ولاية البنجاب الغربي الهندية ذات الأغلبية المسلمة هي الوريث الشرعي لواحدة من أقدم مؤسسات التعليم الحديث في الهند. الجامعة تكونت نتيجة لتطوير مدرسة كلكتا التي يرجع تاريخ تأسيسها إلي عام1781, أكثر من مائتين وثلاثين عاما كانت خلالها مدرسة كلكتا من أهم منابر التعليم والاستنارة في الهند. قبل عامين فقط تحولت مدرسة كلكتا إلي جامعة أليا, وكان متوقعا لها أن تواصل القيام بدورها القديم في ربط الحداثة بالتقاليد الهندية الأصلية بمكوناتها المتنوعة, خاصة الهندوسية والإسلامية, لكن الرياح تأتي بما لا تشتهيه السفن. بينما كان القائمون علي الجامعة يعملون علي تطويرها, كانت طبيعة المجتمع الطلابي في الجامعة تتغير. زاد نفوذ التيارات الإسلامية المتشددة بين الطلاب, حتي سيطر المتشددون علي اتحاد طلاب الجامعة, وراحوا يفرضون قوانينهم الخاصة علي المؤسسة التعليمية العريقة. لوائح الجامعة لا تلزم الطلاب أو الأساتذة بارتداء ملابس معينة, لكن اتحاد الطلاب بدأ في فرض الحجاب علي الجميع. الأستاذة سيرين ميدايا رفضت الاستجابة لضغوط الطلاب فمنعت من إلقاء دروسها منذ ثلاثة شهور. القضية تكشف أزمة الانشغال إلي درجة الهوس بقضية لباس المرأة بين بعض المسلمين. القضية أيضا تثير أسئلة كثيرة حول إدراك الإسلاميين لمعني الحرية, كما تجدد المخاوف بشأن ما ينوي أنصار التيار الإسلامي فعله بالسلطة التي قد تئول إليهم عبر الانتخابات. التحق الطلاب الإسلاميون بجامعة لها تقاليدها الأكاديمية والثقافية, فما أن فازوا ببعض السلطة حتي انقلبوا علي تقاليد المؤسسة ولوائحها. إدارة الجامعة لا تريد تصعيد المشكلة مع اتحاد الطلاب, فواصلت دفع راتب الأستاذة سيرين ميدايا رغم أنها لم تعد تقوم بأي عمل. حكومة ولاية البنغال الغربي التي يسيطر عليها تحالف من أحزاب يسارية امتنعت عن التدخل, فلم تستجب لنداءات الأستاذة ميدايا أو اتحاد الأساتذة الذي يساندها. أحزاب اليسار الحاكم في البنغال الغربي تخشي من الصدام مع التيار الإسلامي المتشدد في الجامعة حرصا علي أصواتهم في الانتخابات القادمة, حتي لو كان ثمن ذلك هو التضحية بمبادئ اليسار, وتعريض الولاية كلها لمخاطر تصعيد الصراعات الطائفية في قلب الهند المتعددة الطوائف والأعراق. المتشددون الإسلاميون في الهند يعملون بلا كلل من أجل عزل المسلمين الهنود عن محيطهم المتعدد الأعراق, رغم ما يؤدي له هذا من تعميق الصراعات الطائفية في البلاد, أما اليسار الهندي فيساهم في تدمير مستقبل الهند بدعوي مراعاة مشاعر الجماهير.