ربما لم يتابع الشارع المصري ملابسات الخلافا بين المطربة الكبيرة فيروز, وعائلة الرحباني زوجها عاصي وأخو1يه منصور الذي توفي قبل أشهر لكن استجابة عريضة ظهرت بين رواد المواقع الالكترونية والفيس بوك لدعوة وجهها البعض إلي وقفة احتجاجية تضامنا مع فيروز في مواجهة حكم قضائي صدر بمنع السيدة فيروز من عرض مسرحية يعيش يعيش أو غناء أي من أعمالها التي لحنها لها منصور الرحباني. الدعوة إلي الاعتصام بدأت أولا في قلب بيروت بميدان المتحف, ثم انتقلت إلي دعوة موجهة لكل العواصم العربية للاعتصام يوم الاثنين المقبل. ومثلما لاقت الدعوة إلي التضامن مع فيروز تعاطف الكثيرين من محبي فيروز بين المثقفين المصريين, لاقت استنكارا من بعضهم, فاعترض الروائي الكبير سعيد الكفراوي علي الاندفاع وراء الاعتصام دون الالتفات إلي فكرة العدالة, وقال: ضمانة حقوق الشراكة مسألة شرعية, وعلي فيروز قبل الجميع ألا تتجني علي حقوق الآخرين, وهذه الضمانة لصالح المغني أولا, ففيروز جزء مهم من تاريخ الغناء العربي, لكي تستمر هذه المدرسة القيمة لابد أن تكون قائمة علي معايير وعلي احترام القانون, والورثة إذا ما حصلوا علي حقوقهم لن يمنع أحد فيروز من الغناء. وتابع: يجب ألا نضع فيروز في موقع الضحية, دون أن نلتفت إلي فكرة العدالة, فأنا لست مع أن تطالب فيروز بحقها في الغناء وفي رقبتها دين لورثة الملحن. وأكد أن الضحية الحقيقية لهذه الخلافات هو نحن المستمعون الغلابة وأخشي أن تكون هذه المؤسسة الغنائية العريقة القائمة علي الشراكة بين فيروز والرحبانية قد وصلتها القيم الفاسدة التي تسود عصرنا الآن, فإذا سيطر عليها حب الربح والاستحواذ علي المال فلنقل عليه العوض في الفن. أما الشاعر عبدالمنعم رمضان فابدي تضامنه مع فيروز في مواجهة الرحبانية, وقال: فيروز ليست ملكا لأحد لا منصور ولا عاصي الرحباني ولا حتي ملكا لنفسها, فيروز لم يعد من حقها أو من حق أحد عليها أن تمنع أو تمتنع عن الغناء, فقد شاركتنا أغنياتها الجميلة في أحلامنا وأحزاننا طوال سنوات, لذا فحقوق أولاد منصور أقل من حقوقنا نحن في فيروز. وعن قيمة فيروز في الغناء العربي يقول رمضان: فيروز في الغناء كانت ثورة تشبه ثورة الشعراء علي القصيدة التقليدية, وكانت أغنياتها الحداثية حليفا لنا في ثورتنا علي القصيدة التقليدية مثلما كان يوسف شاهين هو معادل هذه الثورة في السينما. كذلك استنكر الكاتب عزت القمحاوي فكرة الاعتصام وقال أنا من عشاق هذه الورشة الإبداعية مجتمعة ففيروز والرحبانية تجربة لا يمكن الفصل فيها بين حصة فيروز وعاصي ومنصور وزياد الرحباني, لكني ضد الدفاع عن أي خطأ. وأوضح لو كان ورثة أي مبدع سواء كانوا أبناء منصور أو غيره يحاولون الوصول لحقهم المادي فيما أبدع أبوهم فهذا حقهم ولابد أن نحترمه, أما إذا كان إجراؤهم هذا لمجرد عرقلة فيروز عرقلة فكرية فهذا ليس حقا لأحد ولابد أن نتصدي له, بالتالي لايجب علينا الدفاع عن فيروز ضد من يطالبون بحقهم المالي, لأنه لا يجوز لنا الدفاع عنها لمجرد أنها نجمة وأننا نحبها فالناس سواسية أمام القانون في الحقوق والواجبات. وتابع نحن لا ندافع عن النجومية لأن الشخص القيمة والرمز لابد أن يكون قدوة من حيث اعطائه الحقوق وأبناء منصور أصحاب حق في هذا المشروع مثلهم مثل فيروز ونحن نطالب باحترام هذا التراث العظيم واحترام الظاهرة الرحبانية التي هي أهم حدث ثقافي في تاريخ لبنان كله. واضاف مطالبة البعض بوقفة احتجاجية لمنع أبناء منصور من المطالبة بحقهم تذكرني بحملة التوقيعات التي أطلقها بعض الشباب لمنع تنفيذ القانون علي تامر حسني بعد تهربه من الخدمة العسكرية. بينما يقول الملحن محمد سلطان: إن منع الفنانة اللبنانية فيروز من الغناء هو شأن لبناني داخلي ولا يمسنا نحن! فهم لديهم نقابة موسيقية ونحن لدينا نقابة, هم لديهم جمعية مؤلفين ونحن لدينا جمعية منفصلة, هم دولة لها رئيس ونحن دولة لنا رئيس فما دخلنا بما يحدث هناك؟! إذا رأي القضاء هناك بوجوب منعها من الغناء فليمنعها وعلي أهلها ومواطنيها أن يقفوا احتجاجا إذا شاءوا.. أنا أحترم فيروز واحترم الجميع لكنني احترم حدودي, وحدودي هي بلدي, إذا كنا عندما نذهب إلي لبنان لا نسمع هناك إلا أغاني فيروز والأغاني اللبنانية, ولا نسمع صوتا مصريا واحدا, فلماذا مطلوب منا أن ندافع في مصر عن الفن اللبناني؟ أم أننا مثل القرع نمد لبرة؟! ويقول المطرب إيمان البحر درويش فيروز مثلها مثل أي مطرب آخر, من حقها غناء أي شيء تريده مادامت ستؤدي حقوقه, أما مسألة منعها من الغناء بحكم قضائي فهي تثير الاستغراب والشعور بأن هناك شيئا غامضا في الموضوع, قد يكون بوسعها منعها من غناء تراث الرحبانية مثلا لكنها ستظل قادرة علي غناء أي شيء آخر بالرغم من أن فيروز خارج التقييم لإن التاريخ قد قيمها لكنني أشك أن تستطيع الوقفة الاحتجاجية تغيير الحكم القضائي, كلنا متضامنون معها بلا جدال وإذا حدثت وقفة احتجاجية في القاهرة سأشارك بها إذا كان وقتي يسمح بذلك بشرط التأكد من أنها ستكون مؤثرة, أما المشاركة لمجرد الظهور في الفضائيات فأنا غير موافق عليه اطلاقا. أما الموسيقار هاني مهني فيقول منع فيروز من الغناء يعتبر شيئا استفزازيا ولا يمكن لأي حكم قضائي أن يمنع فنانا من الغناء بشكل مطلق, قد يتم منعه من غناء شيء محدد.. وفيروز علم من أعلام الغناء في الوطن العربي.. بل في العالم كله! فخلال سفرياتي إلي أوروبا وأمريكا لمست بنفسي حب المغتربين لها وعشقهم لصوتها, لذلك أقول إنه إذا كانت هناك وقفة احتجاجية في لبنان فلابد أن تكون هناك وقفة احتجاجية في القاهرة وكل عاصمة عربية بل وفي عواصم العالم المليء بمعجبيها, فهذه الوقفة لن تكون لفيروز بشخصها لكنها ستكون إعلاء لقيمة الفن الجيد, ودليلا علي أنه مازال هناك متلق جيد يبحث عن الفن الراقي وسط تلك الموجة من العبثية التي نعيشها. ومن جانبه, قال المخرج مسعد فودة نقيب السينمائيين نحن لا نتدخل ولانعلق علي أحكام القضاء اللبناني أو المصري ونحترمها تماما. لكن عندما ندقق في المشكلة التي تسببت في منع فيروز من الغناء نجد أنه كان من الممكن حلها علي مستوي الأسرة أو أي جهة نقابية أخري بعيدا عن القضاء حتي لانجعل القضاء يصدر قرارا بمنع الإبداع!!. وأضاف فودة صعب جدا أن يصدر حكم قضائي بمنع قامة عربية ووطنية في قيمة وقامة فيروز من الغناء, وهذا ما نرفضه شكلا وموضوعا لأننا يجب أولا أن نحافظ علي هذه القامات الفنية التي أصبحنا نبحث عنها بصعوبة لكي تعيد التراث العربي والفني إلي مكانه الحقيقي. ولا يمكن أن ننكر أن هذه القامات تشكل وجدان الأمة, وهذا الحكم صعب لأنه يضع فيروز في موضع المجرمين وبالتالي فهو مرفوض تماما, وإذا تم تنظيم وقفة موحدة لمساندة فيروز سنكون في مقدمة الصفوف. ويقول الملحن حلمي بكر محاولة منع فيروز من الغناء أو منع أي مطرب هي بدعة سخيفة بدأت للأسف من هنا.. من مصر عندما حاولت إحدي شركات الإنتاج منع المطربة أنغام من الغناء.. وأنا اعتبر أن فيروز هي قيمة تاريخية ملك للناس وقيمة وطنية بالنسبة للبنانيين مثلها مثل شجرة الأرز, لذلك فما يحدث هو سفه وإجرام, والمفروض علي أي ملحن أو كاتب أن يشعر بالفخر إذا غنت فيروز له أما عن الوقفة الاحتجاجية فأنا شخصيا لا أشارك في مثل هذه الاشياء الغوغائية لانني استطيع التعبير بصوتي عما أريد.. علي العموم فرب ضارة نافعة لان ما يحدث الآن قد يعيد فيروز علي عرش الغناء الذي ابتعدت عنه طويلا. ويقول نقيب المهن الموسيقية الملحن منير الوسيمي ما حدث من خلاف بين الرحبانية وفيروز ووصل إلي القضاء أصبح مشكلة قضائية بحتة لا دخل لنا أو لأي أحد آخر به.. فالطرف صاحب الحق من المؤكد أنه سيحصل علي حقه بالقضاء, ولا أتوقع أن يضيع الرحبانية وفيروز تاريخهم الفني الطويل بسبب خلافات مادية, لذلك ففي رأيي الشخصي لاداعي لأي وقفات احتجاجية خصوصا هنا في مصر من أجل قضية لبنانية صرفة.. أما من يريد أن يقف احتجاجا فليقف.. هو حر! في حين قال شريف عبداللطيف رئيس قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية للجمهور الله, وللمستمع العربي الله لأن ما يحدث مع فيروز هو ازهاق لصوت رائع لم يتكرر واستخدم كلمة ازهاق برغم أنها لاتستخدم إلا في ازهاق الروح لأن هذا ازهاق لروح فيروز ونفس الشيء حدث من قبل في مصر مع أعمال الراحل سيد درويش وحرم الجمهور من أعماله الرائعة لسنوات طويلة بسبب مشكلة مشابهة بين الورثة جعلتهم يفرضون قيودا علي كل من يحاول تقديم ألحانه الخالدة. واضاف اتمني أن تحل هذه الأزمة لانها في النهاية قتل لقيمة كبيرة مثل فيروز وان كانت فيروز نفسها لن تضار من هذا الفعل بقدر ما الضرر واقع علي المستمع العربي لأن فيروز غنت وأغانيها وصوتها سيبقي إلي الأبد يتردد في انحاء الوطن العربي, لكن هذه الاحكام القضائية هي قهر للمتلقي العربي وتفسح الطريق لاصحاب اللا أصوات وتنشر اللا فن, هي مؤامرة علي المتلقي العربي للانحدار بالذوق والمزاج العربي وليس مؤامرة ضد فيروز. واستطرد مضيفا لابد من مشاركة كل العواصم العربية في حملة مضادة لهذه المؤامرة حتي ولو بساعة لا يسمع فيها غير صوت فيروز في كل مكان ومسرح البالون سيبدأ بذلك وسيشدو صوت فيروز في الأرجاء, وفي نفس الوقت الذي سيقام فيه الاعتصام السلمي في بيروت.