لم يكن خطابا عاديا يميل إلي التهدئة كما حدث في المرات الأخيرة, وإنما امتلأ بالعبارات الحادة, والتلميحات المباشرة الموجهة إلي الأطراف اللبنانية حتي تحدد موقفها وموقعها من الأحداث القادمة. ظهر الشيخ حسن نصر الله علي الشاشة العملاقة في الضاحية الجنوبية ليتحدث عن الحكم الذي بات وشيكا من المحكمة الدولية بشأن عملية اغتيال رفيق الحريري, ويبدو أنه قد اختار أن يقول ما عنده علي دفعتين, حيث أرجأ الحديث عن توقعات الحرب والاستعداد لها ليكون محور خطابه المقبل, لكنه استفاض في البحث عن أسباب الصمت الحكومي علي عملاء إسرائيل, داعيا إلي محاسبة الكبار وليس الصغار فقط. والذين يتابعون أحاديث الشيخ حسن وخطاباته سوف يلاحظون الجدية البادية عليه, والدقة في اختيار كلماته. ولا نبالغ في القول إن خطاب نصر الله يمثل إنذارا واضحا حتي تعيد كل الأطراف مراجعة مواقفها قبل صدور قرار المحكمة. وهذا يعني في المقام الأول أن لدي زعيم حزب الله تأكيدات بنوع من الإدانة لبعض عناصر حزبه, وقد سارع عدد من المقربين لسعد الحريري بالنفي القاطع لما تردد عن صفقة بينه وبين حزب الله بأن يعتبر هذا التورط نوعا من التصرف الفردي, وألا يدين الحزب, وقال واحد من هؤلاء المقربين للحريري: إن الحديث عن صفقة وما شابه هو كذب وافتراء لا مجال لمناقشته. وهكذا يقطع الحريري الطريق علي أي محاولة للالتفاف علي نتائج التحقيق, في حين يوجه نصر الله تحذيرا وإنذارا بأن أي قرار ظني يصدر عن المحكمة سيكون حجر الزاوية في العدوان الجديد الذي ترتب له القوي المعادية للبنان وإيران. وقد يري البعض أنه من المبكر توقع ردود الفعل علي قرار المحكمة الدولية, إلا أن خطاب نصر الله وإنذاره يشير إلي أن لبنان تقترب من لحظة الحقيقة, وأن الهدوء الظاهر علي السطح يخفي تحته نيرانا لاتزال مشتعلة بين الأطراف اللبنانية نفسها, وأن إسرائيل لن تكون بعيدة عن مسرح الأحداث بصورة مباشرة أو غير مباشرة. muradezzelarab@hotmailcom