لأن فعل الزنا هو بمثابة الفاصم والهادم لوحدة الزوجين في جسد واحد, لإذ يترك أحد الزوجين الزوج الأخر ليعطي جسده وكيانه لأخر غريب عنهما فيكون قد ارتكب افعال الخيانة والكذب والسرقة والأنانية فهل يمكن القول بأن ما جمعه الله يفرقه البطلان ؟. وقياسا علي ذلك يمكن رؤية الأسباب الأخري المؤدية للحكم بالتطليق, لأنها تنتج نتائج لا تجعل الأسرة تعيش في حوزة الله وبحسب ترتيبه. في محاضرته النصف شهرية لقداسة البابا شنودة الثالث التي يلقيها بالكاتدرائية المرقسية بالأسكندرية, تعرض قداسته للتيار العلماني رافضا اقدامهم علي التقدم برؤيتهم في المشروع المقدم من الكنائس المصرية مجتمعة, وتساءل عن شرعيتهم التي تخول لهم هذا, واستطرد متهكما بأنهم لا يزيدون عن عشرة افراد, فيما يقدر العلمانيون بالملايين فهم شعب الكنيسة فمن اعطاهم حق الوكالة عن تلك الملايين. ونحن نشكر له أنه اعلن أخيرا أن هناك ما يسمي بالتيار العلماني فقد دأب طيلة سنوات ينكر أنه يعرف عنا شيئا, وعلي الرغم من حرصنا منذ بدأنا عملنا الجماعي تحت مسمي التيار العلماني علي ارسال الدعوات الأولي لمؤتمراتنا البحثية الي القيادة الكنسية والي قداسته يدا بيد عبر مكتب سكرتارية قداسته وبعض الآباء الأساقفة العموميون, وكذلك نفعل مع ابحاث وتوصيات تلك المؤتمرات والفعاليات والتي بدأت منذ عام2006, ويبدو أن طاقم المعاونين لقداسته لم يوصلوا كل هذا لقداسته أو وصلت ولم تجد طريقها الي التقارير اليومية. واللافت ان قداسته انتبه لمن طرح المشروع لا إلي ما قدم, ولعل السؤال هل العدد له اهميته فيما يطرح ؟, ومنذ متي كانت الدعوات التنويرية والإصلاحية تقاس بالعدد؟ وهل نحن بصدد عمل شعبوي انقلابي أم عمل فكري بحثي يقاس بما يحتويه, وبالضرورة يتطلب الرد الموضوعي الجاد ؟ وفي كل الأحوال يحق للقارئ الوقوف علي القواعد والأطر التي انطلق منها مشروعنا والتي قدمنا بها مشروعنا لوزارة العدل وهي: نحن نؤمن أن الزواج يقوم ليبقي, ومن ثم يصبح حماية الأسرة والحفاظ علي استقرارها أمرا لا خلاف عليه, وعلي كل مؤسسات وأفراد المجتمع الإسهام الجاد في ذلك, وعليه يصبح الطلاق أو التطليق استثناء يتوجب العمل علي تقليصه. الكنيسة هي الجهة المنوط بها رعاية الأسر وتوجيهها بما يتفق وهذا الهدف باعتبارها المجسدة لكل تعاليم السيد المسيح وامتداد وجوده الدائم في العالم, وهي مهمة تتقدم بقية المهام الأخري, وعليه لابد من أن تفتح ابوابها لسماع أنين أولادها وتفعل قيم المحبة والرحمة والأبوة فيها, وتولي اعداد خدامها ورعاتها اهمية قصوي في مجتمع انغمس في التيارات المادية ووقع تحت ضغطها, ولا تنسي أنها الملجأ للمتعبين والمرفأ للضالين, والمستشفي للمرضي, وعليها أن تجاهد الإنحياز تجاه رعاياها, أو الكيل بمكيالين, أو التمييز في تقديم خدماتها لكل الناس بحسب وصية السيد المسيح. أن فترة الخطبة هي الباب الرئيسي لنجاح أو فشل الزواج المترتب عليها, لذا يجب النص صراحة علي التزامات الكنيسة الرعوية في اعداد الخطيبين لتقليص اسباب النفور فيما بعد, وكذلك وجوبية التزام الخطيبين بترتيبات الكنيسة في هذا الشأن. لا يجب قبول زواج القاصر تحت أي ظرف تمشيا مع جهود الحد من هذه الظاهرة بتداعياتها. فيما يتعلق بالكنائس التقليدية; فالسر الكنسي لا يعني' أمر لا يعلن' أو' عمل يتم في الخفاء' بل هو نعمة الروح القدس لللإنسان من خلال الصلاة والتي تنكشف لنا كلما تعمقنا في معرفة الله, وكلما تكشفت لنا يبقي فيها المزيد, غير المدرك, الذي يستعلن تباعا ولا ينتهي, وهي تقودنا في مسعي الأبدية. التطليق يبقي الباب الأخير لحماية اطراف الزواج, وعليه فتلك الحماية تستوجب فهما أوسع لمفهوم الزنا ولمفهوم ما جمعه الله, ما جمعه الله يتأسس علي المحبة, التي هي الله نفسه, بحسب تعبير القديس يوحنا اللاهوتي في رسالته الأولي فصل4: ايها الاحباء لنحب بعضنا بعضا لان المحبة هي من الله وكل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله ومن لا يحب لم يعرف الله لان الله محبة. فسر الزيجة يعلن حضور الله الذي يربط الزوجان ليصيرا جسدا واحدا في المحبة, فإذا رفضا حضور الله بإصرار, واستبدلا المحبة بالبغضة والكراهية إلي أن إستحالت العشرة بينهما, يكونان قد أكدا انشقاق ما جمعه الله, بعد أن فارقهما روح الرب. ولأن فعل الزنا هو بمثابة الفاصم والهادم لوحدة الزوجين في جسد واحد, لإذ يترك أحد الزوجين الزوج الأخر ليعطي جسده وكيانه لأخر غريب عنهما فيكون قد ارتكب افعال الخيانة والكذب والسرقة والأنانية, واعتبار شريكه في الزيجة شيئا لا انسانا شريكا في استهتار بعطية الروح القدس وكسر لتقديسه للكيان الواحد, فيسقط معه سمة التناظر والتساوي بين الشريكين مما يرتب انهيار الوحدة الزوجية, وقياسا عليه يكون كل ما ينقض الوحدة الزوجية هو شكل من اشكال الزنا يتوجب مقاومته وإصلاحه بغير استهانة, فلو لم تفلح جهود الإصلاح يكون التطليق حق للمتضرر. أن ما جمعه الله يبقي غير قابل للإنفصام طالما بقي في حوزة الله ومتسقا مع ترتيبه, ولعل هذا يفسر أن بطلان الزواج متي ثبتت أسبابه تؤدي إلي اعتبار الزواج كأن لم يكن رغم استيفاؤه للركن الكنسي والطقسي, وإتمام صلوات' سر الزيجة' فهل يمكن القول بأن ما جمعه الله يفرقه البطلان ؟. وقياسا علي ذلك يمكن رؤية الأسباب الأخري المؤدية للحكم بالتطليق, لأنها تنتج نتائج لا تجعل الأسرة تعيش في حوزة الله وبحسب ترتيبه. أن القول بعدم زواج المطلق بسبب زناه, فيه إفتئات علي كفارة دم المسيح, وانتقاص من قدرته علي مغفرة الخطايا, وعلي فعل التوبة ومن ثم الغفران, وقد استقر عند الآباء أن التوبة تعيد للمرء كل حقوقه كإنسان كامل في المسيح, وأن التعامل مع المخطئ التائب يتم وفق قواعد تأديبية أقروها ومارسوها عبر تاريخ الكنيسة الممتد, تعيد تقويمه وإصلاحه, وعليه فليست هناك خطيئة ابدية طالما قدم عنها توبة مستوثقة ولا عقوبة أبدية. أن عدم إجازة زواج أخت الزوجة أو أخ الزوج فيه تعسف في فهم معني القرابة المتولدة بين الزوجين بعد الزواج وصيرورتهما جسدا واحدا, لأكثر من سبب: .1 أن مفاعيل سر الزيجة تنحصر في شخصيهما ولا تنسحب الي بقية أفراد عائلتيهما, وإلا لتم تحريم زواج اخوة وأخوات احدهما من إخوة وأخوات الأخر. .2 أن الكنيسة كانت تجيز هذه الزيجات دون اعتراض وهناك علماء لاهوتيين أقروا صحة هذا الزواج في ابحاث منشورة وموثقة لعل ابرزها بحث الدكتور الأسقف الانبا غريغوريوس اسقف البحث العلمي والمعاهد اللاهوتية بالكنيسة القبطية الارثوذكسية. وقد أجاز البابا الراحل الأنبا كيرلس السادس هذا قبلا. .3 حتي لو سلمنا بحجة من يطرحون هذا فإن الموت يرتب الحق للزوج الباقي علي قيد الحياة بالزواج الثاني, فلو كان التحريم قائما, لكان لنا ان نعتبر ان الزواج الثاني من اي شخص خارج نطاق القرابة من الزوجة أو الزوج المتوفي باطلا باعتبار ان اثاره مازالت قائمة. .4 أن البعد الإنساني يقر بهذا الزواج باعتبار أن الأخ أو الأخت اكثر حنوا علي ذرية اخيها أو أخته. .5 أنه ليس لدينا نصا أو إشارة تصريحا أو تلميحا تحمل معني تحريم ذلك, بل هي اكثر اتساقا مع شريعة كنيسة العهد القديم, ولم ينقضها أو يكملها السيد المسيح. أن فلسفة رؤيتنا للمشروع تنطلق من مبدأ تجفيف المنابع الذي أرساه السيد المسيح له المجد في عظته علي الجبل كما وردت بإنجيل متي, حين اشار الي علاقة الغضب بالقتل والنظرة بالزنا, وهو ما ارتأيناه في الأسباب التي ترتب التطليق, والتي إن تركت علي ما هي عليه بالتضييق الوارد في المشروع محل التناول, تقودنا إلي القتل والزنا حتما. إن التبني ليس موضوعا ثانويا بل هو في صميم العقيدة استنادا الي أن فعل الفداء مبني علي التبني الذي صار لنا في المسيح لله. ويحتاج الي افراد قانون قائم بذاته يفصل الإجراءات والضوابط, ويحكم عملية التبني لحمايتها من استغلال بعض الأطراف العاملة في مجال الطفولة والإيواء وبعض الوسطاء حتي يتفق مع الغرض الانساني التكافلي منه. أن اقرار صحة الزواج المنعقد في أي من الكنائس والطوائف الملتزمة بهذا القانون من بقية الكنائس والطوائف أمر وجوبي حماية لاستقرار الأسر وتأكيدا علي اتفاقهم, بغير أن يكون هذا ماسا بالمواقف العقائدية المتباينة. نري لزاما علي الكنيسة إنشاء آلية علمية تسند إلي متخصصين وذوي الخبرة من العلمانيين تسهم بالمشورة والرأي في المشاكل الأسرية المختلفة وتتواصل مع الأسر من خلال اجتماعات الكنيسة ولها ان تصدر الكتب والبرامج المتعلقة بهذا, وتعقد مؤتمرات شهرية وفصلية وسنوية علي مستوي الكنائس المحلية في الاحياء والقري والمدن أو علي مستوي المحافظات منفردة أو علي نطاق اقليمي أو علي مستوي الجمهورية, وتتلقي الاسئلة والشكاوي والاستفسارات للرد عليها أو إحالتها لجهات الإختصاص للمعاونة في حلها داخل وخارج الكنيسة. نتطلع إلي اتخاذ خطوات قانونية أخري في اتجاه سن تشريع يقر الزواج المدني لكل المصريين, انطلاقا من كون مصر دولة مدنية, وبغير أن يحسب بديلا عن الزواج الديني, ولا يرتب أية أثار علي المؤسسات الدينية, ومن ثم لا يحتاج لإتمامه موافقة تلك المؤسسات, بغير أن ينسحب علي حق ابناء هذا الزواج من الإنضمام للكنيسة طالما أقروا بقبولهم الإيمان استنادا إلي أن الإيمان لا يورث ميكانيكيا وعلي الكنيسة أن تقبل انضمامهم حال طلبهم هذا مشفوعا بإقرارهم ايمان الكنيسة. وللحديث بقية. kamal -zakher@hotma