أجمع عدد من المثقفين والمفكرين المصريين علي اختلاف انتماءاتهم علي تميز المشروع الفكري للدكتور حامد نصر أبو زيد علي الرغم من تحفظات بعضهم علي النتائج التي انتهي اليها في تحليل الخطاب الديني, وهنا شهادات لمثقفين تابعوا مسيرته الشهادات المفكر الاسلامي الدكتور عبد المعطي بيومي: أخطأ في المواريث كان أبو زيد رحمه الله يحاول الاجتهاد فيخطئ أحيانا ويصيب أحيانا, ونتفق معه حينا ونختلف حينا, لكن الثابت أنه كان أستاذا جامعيا ومفكرا حاول أن يؤدي أمانة المفكر علي قدر ما تراءت له وعلي قدر ما اعتقد أنه يؤدي هذا الدور وطبيعة كل مفكر أن يخطئ ويصيب, ونرجو له الله أن يغفر له ما أخطأ فيه ويجزيه أجر ما أصاب فالله سبحانه لطيف بعباده ويتعامل مع الاعمال بالنيات. وقد اتفقت مع الدكتور نصر في دعوته إلي الاجتهاد وحمل أمانة النص وهو أمر يستحق الاشادة لكني اختلفت معه في تطبيق هذه الدعوة, فالنص ليس كله قابلا للتأويل والاجتهاد, فهناك نصوص قطعية لا تحتاج اجتهادا مثل الميراث وأخري ظنية, ومن حسن حظ الامة أن النصوص التي تدعو للاجتهاد أكثر من النصوص القطعية بنسبة236 إلي6000 نص. وكنت أختلف مع الدكتور نصر في أنه حاول الاجتهاد في قضية الميراث وهي قضية لا يمكن أن يتغير فيها تأويل النص بتغير الزمان, وهذه نقطة الخلاف التي أثارت الكثيرين ضده. لكن من المهم هنا أن نشير إلي أن الدكتور نصر كان مؤمنا بحجية القرآن والسنة, ولم يكن رأيه صادرا عن مكابرة إنما عن اعتقاد بأنه كان علي حق لا عن جحود. وواجه الدكتور نصر الحكم في قضية الحسبة بالتفريق بينه وبين زوجته باجتهاد لكنه أخطأ في تقدير الموقف, اذ رفض المثول أمام القاضي ليشرح وجهة نظره, اذ عز عليه أن يقف موقف المتهم في دينه والقاضي أيضا معذور فلابد أن يطلق حكما, ولو أنه كان ذهب إلي المحكمة وكشف عن ايمانه ونواياه واجتهاداته ربما كان للقاضي حكم آخر, لكن هكذا جرت الاقدار. الناقد الدكتور محمد بدوي: عمل علي تأويل النص الديني بطريقة بلاغية نصر حامد أبو زيد كان أستاذي وصديقي فقد درس لي البلاغة العربية وكان نموذجا لشخصية الريفي المصري سمح الخلق ومطالبه قليلة في الحياة فهو ليس محبا للمال أو السلطة, وكانت حياته هادئة قضاها في البحث العلمي إلي أن حدثت الازمة حول بحثه للترقية الي درجة أستاذ. كان أبو زيد تلميذ الدكتور عبد العزيز الاهواني أستاذ الأدب الأندلسي لكنه أبو زيد رحمه الله تخصص في الدراسات الاسلامية من منظور بلاغي سيرا علي درب الشيخ أمين الخولي وكان له وجهة نظر في فهم النص القرآني عن طريق تحليله بلاغيا, واستقي أبو زيد مفهومه عن النص القرآني من مصدرين أولهما الكتب القديمة في تفسير النص والثاني علم تأويل النصوص المقدسة وهو علم مزدهر في الغرب. وتأتي أهمية الدكتور نصر كعالم مدقق لا يرضي بالمهمة التقليدية الموكلة للمهتمين بشئون التراث وهي تبجيل النصوص التراثية, بل تعامل أبو زيد مع النص التراثي كمنتج بشري وأن المقدس الوحيد هو النص القرآني وكل ما حوله نصوص لابد أن تحلل وأن تدقق ويعاد النظر فيها. وقد شكل الانتاج الفكري لأبو زيد صدمة كتلك التي قدمها الدكتور طه حسين في كتابه الشعر الجاهلي. استاذ الفلسفة الدكتور صلاح قنصوة: نقطة فارقة في الفكر المصري الدكتور نصر علامة فارقة اذ ميز بين فريقين من الباحثين, أولهما الكتاب الذين يكتبون من عقولهم يجتهدون فينتجون فكرا خلاقا وبين الكتبة الذين لا يفكرون بل يتسلطون بحكم وظائفهم سواء في الافتاء في الجامعة والقضاء, وكل هذه المجالات انكشف فيها الكتبة بعد أزمة الدكتور نصر وصدامه مع الفكر المحافظ فظهروا كحفظة ومرددين لما لقنوه دون تفكير أما أبو زيد فقد كان في زمرة الكاتبين الذين استخدموا عقولهم الحرة واراداتهم وسخر اجتهاده هذا لخدمة الاسلام والانسان. خبير الحركات الدينية نبيل عبد الفتاح: واجه جمود الفكر الديني يعد مشروعه احد أهم المشاريع البحثية حول دراسة النص الاسلامي, حاول أن يضع النص الديني الوضعي وانتاجه في سياقات تاريخية واجتماعية محددة. كما حاول أن يفكك الخطاب الديني والسياسي والمعاصر الي قضايا رئيسية تتصل بالسياسة والاقتصاد والمصالح السياسية والذاتية التي يصاغ في سياقاتها الخطاب الديني والسياسي المعاصر وحاول الكشف بين الارتباطات الاقليمية وانتاج النص الديني, كذلك اولي عناية خاصة للمشروعات الاجتهادية التي حاول بعض المفكرين المعاصرين تقديمها علي الرغم من محاولات التعنت والرفض والتي واجه فيها حكم الاعدام. ولا يزال مشروعه بصرف النظر عن الانتقادات يقدم مجموعة من الاقتراحات المنهجية لاعادة درس الانتاج الفقهي والتأويل الوضعي الا ان ذلك لم يخرجه من نطاق الايمان الاسلامي وفي نفس الوقت هو مشروع له جذوره في مشروع الشيخ حسن العطار والطهطاوي وطه حسين ومصطفي المراغي والشيخ محمود شلتوت والنويهي من حاولا دراسة مصادر العطب في التاريخ الفكري الاسلامي ليجددوا.