إجراءات حازمة للحد من الغش بالامتحانات    محافظ الإسكندرية: نعمل على تنفيذ حلول جذرية للاختناقات المرورية بالمناطق الحيوية    متحدث الوزراء: الدولة تعمل على توفير حوافز عديدة للقطاع الخاص    أسعار الغاز الطبيعي الأوروبية تتجه إلى انخفاض سنوي حاد رغم تراجع المخزونات    أسواق اليوم الواحد حققت نجاحًا كبيرًا.. وافتتاح سوق جديد بإمبابة الأسبوع المقبل    العملة الإيرانية تهوي إلى أدنى مستوى تاريخي وتفاقم الضغوط على الأسواق    محافظ حضرموت يدعو أبناء الولاية لمغادرة مواقعهم في قوات المجلس الانتقالي    كاف يعلن الاحتكام للقرعة لحسم صدارة المجموعة السادسة بأمم أفريقيا    الزمالك يُعلن قائمة فريق الشباب للقاء الاتحاد السكندري    حصاد 2025.. عام استثنائي من العمل والنجاحات بمديرية الشباب والرياضة بالجيزة    2025 عام الإنجازات الكبرى.. ميداليات عالمية ومناصب دولية تؤكد ريادة مصر في رياضات الإعاقات الذهنية    جنايات كفر الشيخ تقضي بإعدام عامل قتل حماته لسرقة قطرها الذهبي    شديد البرودة وشبورة كثيفة وأمطار متفاوتة.. تفاصيل حالة الطقس أول أيام 2026    28 يناير.. الحكم على طالبات مشاجرة مدرسة التجمع    العثور على جثة شخص أمام مسجد عبد الرحيم القنائي بقنا    أحمد السقا عن طليقته مها الصغير: لا خلاف أو عداوة معها.. وحرصت على التوازن من أجل أبنائي    كنوز| مصطفى أمين الشاهد الأمين على كرم «صاحبة العصمة»    «هنو» يتابع تنفيذ توصيات لجنة الدراما مع «عبد الرحيم»    معتز التوني: أذهب للجيم للكلام فقط.. ومهنة المذيع أصعب من الإخراج    كنوز| «الضاحك الباكي» يغرد في حفل تكريم كوكب الشرق    الجمهور يغنى بحماس مع تامر عاشور بحفل العاصمة الجديدة    العملة الإيرانية تهوي إلى أدنى مستوى تاريخي وتفاقم الضغوط على الأسواق    رئيس تايوان: التدريبات العسكرية الصينية تهدد الاستقرار الإقليمي    نجاح جراحة دقيقة لسيدة سبعينية بمستشفى قنا العام لاستخراج دعامة مرارية مهاجرة    السجن المشدد 15 سنة للمتهمة الأولى وتغريمها 2 مليون جنيه في قضية سرقة «إسورة المتحف المصري»    عن اقتصاد السّوق واقتصاديات السُّوء    منسقة أممية للشئون الإنسانية بالسودان تصف الوضع الراهن بالصادم للغاية    إكسترا نيوز: التصويت بانتخابات النواب يسير بسلاسة ويسر    ظهور مميز ل رامز جلال من داخل الحرم المكي    هل يجوز الحرمان من الميراث بسبب الجحود أو شهادة الزور؟.. أمين الفتوى يجيب    مدافع جنوب إفريقيا: علينا تصحيح بعض الأمور حتى نواصل المشوار إلى أبعد حد ممكن    "التعليم الفلسطينية": 7486 طالبًا استشهدوا في غزة والضفة الغربية منذ بداية 2025    خالد الجندي: الله يُكلم كل عبد بلغته يوم القيامة.. فيديو    وزير «الصحة» يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لإحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد    وزير الصحة يتابع تنفيذ خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد المجيد    الداخلية تضبط تشكيلًا عصابيًا للنصب بانتحال صفة موظفي بنوك    حصاد 2025| حرس الحدود في المنطقة الدافئة بالدوري.. وينافس في كأس مصر    بشرى سارة لأهالي أبو المطامير: بدء تنفيذ مستشفي مركزي على مساحة 5 أفدنة    «التضامن»: تسليم 567 طفلًا لأسر بديلة وتطبيق حوكمة صارمة لإجراءات الكفالة    حصاد جامعة العاصمة لعام 2025    ذات يوم 31 ديسمبر 1915.. السلطان حسين كامل يستقبل الطالب طه حسين.. اتهامات لخطيب الجمعة بالكفر لإساءة استخدامه سورة "عبس وتولى" نفاقا للسلطان الذى قابل "الأعمى"    دون أي مجاملات.. السيسي: انتقاء أفضل العناصر للالتحاق بدورات الأكاديمية العسكرية المصرية    حصاد 2025| منتخب مصر يتأهل للمونديال ويتألق في أمم أفريقيا.. ووداع كأس العرب النقطة السلبية    إيمري يوضح سبب عدم مصافحته أرتيتا بعد رباعية أرسنال    انطلاق مبادرة «أمان ورحمة» بتعليم قنا    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    مواعيد مباريات الأربعاء 31 ديسمبر - الجزائر وكوت ديفوار والسودان في أمم إفريقيا.. وكأس عاصمة مصر    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    "القومي للمسرح" يطلق مبادرة"2026.. عامًا للاحتفاء بالفنانين المعاصرين"    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    الدفاع عن الوطن.. مسئولية وشرف    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    شوارع وميادين الأقصر تعلن جاهزيتها لاستقبال احتفالا رأس السنة الجديدة    التضامن: إلزام الأسر المستفيدة بالمشروطية التعليمية ضمن برنامج تكافل وكرامة    قصف وإطلاق نار اسرائيلي يستهدف مناطق بقطاع غزة    انقطاع واسع للكهرباء في ضواحي موسكو عقب هجوم بطائرات مسيرة أوكرانية    رضوى الشربيني عن قرار المتحدة بمقاطعة مشاهير اللايفات: انتصار للمجتهدين ضد صناع الضجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محراب العدالة‏..‏ الماضي التليد والحاضر المأزوم

ليس هناك شيء تركه قدامي المصريين واستثار شعوب العالم الحديث مثل العدالة لكن الاحداث الاخيرة في ساحات العدالة زلزلت اعمدة هذا الابتكار المصري الصميم‏,‏ واهم معطيات المصريين للبشرية‏
بعد ان ظل شامخا لالاف السنين ينأي بنفسه عن اي صراعات او اهتزازات فئوية‏,‏ الا ما تمليه عليه مصالح الوطن ودواعي الحق والعدل‏..‏ وهكذا خصصنا
هذشا العرض الخاطف‏,‏ لاولئك الذين يقفون في محراب
العدالة الان‏,‏ وهم انأي الناس عن العدالة‏.‏هناك راي بات يعتقد في صحته الكثيرون يتمثل في ان من خصائص المصريين المميزة‏.‏ سعيهم الدائب لتتفق افعالهم مع الوازع الخلقي جريا علي اساس مبدأ ما يحبه الناس ويرضي عنه الرب اي ما يجمع بين ما هو صالح وعادل‏,‏ وهكذا‏,‏ فقد لعبت العوامل الاجتماعية دورا مهما في حفظ الامن‏,‏ ولعل هذا مادعا المؤرخ الكبير ول ديورانت ان يقول‏:‏ ليس في العالم كله امة غير مصر اذا استثنينا الامة الصينية جرؤت علي ان تعتمد كل هذا الاعتماد علي العوامل النفسية لحفظ الامن في البلاد‏,‏ وهذه العوامل تتداخل حتي يصعب فصلها احيانا‏,‏ علي اننا يمكننا ان نجملها في نقاط ثلاث‏:‏ الملكية الالهية والوازع الديني‏,‏ وفكرة الماعت‏,‏ اي العدالة‏,‏ وهي القانون الذي سنه الاله رع اول من حكم الارض‏,‏ وهذا بدوره جدير بان يفسر لنا عظيم اهميتها‏,‏ فالآلهة والبشر ولاسيما الملك‏,‏ يعيشون علي مبادئها‏,‏ وقد ظلت العدالة تسير علي وتيرة واحدة‏,‏ او وتائر متقاربة‏,‏ طوال حقبات الحكم الوطني لمصر‏.‏
وتعني ماعت في الأصل‏:‏ النظام كأساس للعالم ولحياة البشر وقد فهم مفكرو مصر القديمة الاجتماعيون اصطلاح‏(‏ ماعت‏)‏ علي هدي التجارب التي تجتازها بلادهم‏,‏ والمشكلات التي تجابهها‏,‏ والمحن التي تمربها‏,‏ وبالنتيجة‏,‏ فقد نبعت الحاجة الي نظام الملكية في مصر القديمة‏,‏ انطلاقا من ان الملك هو الشخص الوحيد الذي يدرك متطلبات الماعت ويستطيع بدوره توصيل ذلك الي الاخرين‏,‏ وبعبارة اخري‏.‏ لم يكن هناك وجود مستقل للعدالة او القانون‏,‏ خارج عدالة العرش والقوانين الصادرة عنه وكان هناك دائما مبدأ عام متفق عليه‏,‏ وهو ان الفراعنة انما يحكمون طبقا لمبادئ ماعت المرادفة تماما لفكرة العدل والحقيقة والصدق والصراط المستقيم‏,‏ وهكذا غدت الماعت دعامة الحكم المصري وعماده‏,‏ ولو انحرف عنها الحاكم او الزعيم‏,‏ انصرف عنه المحكومون والمرءوسون ولم ينل منهم سوي الحقد والكراهية‏.‏
وتربصوا به الدوائر‏.‏
وهكذا يمكننا ان نخلص الي ان الفكرة المصرية عن النظام الخلقي والاداري ما هي الا حصيلة تطور اجتماعي وحكومي‏,‏ استمر بضعة الاف من السنين في كنف حياة قومية منظمة تنظيما عاليا وفي ظل تكافل اجتماعي وطني‏,‏ سبقت مصر بتحقيقه مجتمعات العالم الاخري بالاف السنين‏,‏ وهكذا فإن فكرة الماعت هي اعظم اختيار اجتماعي روحي اداري عرفته مصر القديمة‏,‏ كانت لها اهميتها القصوي في ترسيخ مركز الانسان في المجتمع‏,‏ واستنادا الي ذلك نري اول واعظم نظام قضائي عرفته البشرية‏.‏ولقد يحق لنا ان نستدرك في هذا الصدد فنقول‏,‏ انه من خلال هذه المعطيات وبها‏,‏ قد توافرت للقضاء اسباب الاستقلالية كلها‏,‏ فكان القاضي في المحاكم المصرية‏,‏ يعلق علي صدره صورة من الازورد لربة العدالة ماعت في هيئة امرأة رشيقة صغيرة جالسة تضع ريشة نعامة فوق رأسها‏,‏ فإذا حكم لاحد الخصمين‏,‏ ادار اليه الرمز‏,‏ مشيرا الي ان الربة هي التي حكمت لصالحه واصبحت هذه الربة هي التي تقاوم الفوضي والظلم والخداع‏,‏ ومن ثم انبعث لاول مرة في التاريخ حشد من القيم السامية عالمية الطابع‏,‏ تتجمع حول حاكم مؤله هو رع اله الشمس‏,‏ وجعل المثقفون المصريون ماعت ابنته‏,‏ وبفضل الايمان بدورها‏.‏ تطورت حياة المصريين الروحية والفكرية وقادتهم الي الاهتداء الي الوحدانية قبل اي شعب في العالم‏,‏ وهذا هو المقصود بقول ديورانت بتداخل العوامل النفسية لدرجة يصعب فصلها احيانا‏,‏ ولقد ظلت الماعت طوال التاريخ المصري‏,‏ وازعا خلقيا قويا‏,‏ يدفع الناس الي الفضيلة والعدالة والحق‏,‏ ويتمثل لنا اثرها فيما خلفه لنا اولئك القدماء من كتابات‏,‏ يؤكدون فيها براءتهم من عمل السوء وتشبثهم بالعدالة فقد وجدنا في عصر مبكر مثل عصر الاهرام‏,‏ ان الوزير العادل خيتي قد صار مضرب الامثال بسبب الحكم الذي اصدره ضد اقاربه‏,‏ عندما كان يرأس جلسة للتقاضي‏,‏ كانوا فيها احد الطرفين المتخاصمين ونجد في القرن الثامن والعشرين ق‏.‏م‏,‏ ان احد القاب الملك وسركاف الرسمية‏,‏ لقب مقيم العدالة وكذلك تقص علينا متون الأهرام أن الملك والناس كان يخرج كل يوم معه‏,‏ وتتضمن متون الاهرام ايضا دليلا مفاده ان المطالبة باحقاق الحق وتمكين العدالة‏,‏ اعظم قوة من الملك نفسه‏,‏ وان المصريين جميعا سواء امام رع الاله الاعظم‏,‏ ويطالعنا نقش من الاسرة السادسة يقول‏:‏ ان الملك بيبي لم يرتكب اثما ولا يستثني الملك نفسه من المثول امام محكمة الاله للتدليل علي براءته‏.‏ ومن تعاليم الوزير بتاح حتب‏2670‏ ق‏,‏م‏,‏ ان العدل عظيم‏,‏ طريقه سوية مستقيمة‏,‏ هو ثابت علي الدوام‏,‏ انه لم يتغير منذ عصر الاله خالقه‏,‏ من يخالف القوانين يعاقب‏,‏ ومن استحل حقوق الناس حراما‏,‏ اخذ الحرام معه الحلال وذهب ومن تعاليم الامير نب كاورع إلي ابنه الامير مري كارع من الاسرة السادسة ايضا‏:‏ اقم الحق طوال حياتك علي وجه الارض‏,‏ وواس الحزين ولا تظلم الارملة‏,‏ ولا تطرد رجلا مما كان يمتلكه ابوه‏,‏ ولا تلحق ضررا بالقضاة فيما يتصل باحكامهم‏,‏ وكن حذرا مدققا حتي لا تظلم احدا او تعاقب دون وجه حق ويتلقي مري كارع من ابيه هذه النصيحة‏:‏ لا تفرق بين الخاصة والعامة ولكن وجه اهتمامك لافعال الشخص‏..‏ كن عادلا يكن لك البقاء في الارض‏,‏ كفف دمع الباكي لا تغتصب مال ارملة لا تجرد ولدا من ميراث ابيه‏,‏ لا تنزل موظفا كبيرا عن رتبته لا تظلم احدا وفي نص يشير الي الملك امنحتب الثالث من الاسرة الثامنة عشرة نجد دعاء يقول للملك‏:‏ فلتجعل البلاد مزدهرة‏,‏ مثلما كانت في قديم الزمان‏,‏ وليكن حكمك طبقا لتعاليم ماعت ولسنا نريد ان نتابع هذه الامور بالتفصيل فليس في هذا المقال موضع لتقصي كل هذه الكتابات ولذلك نكتفي بالاشارة الي ان القضاء قد اختلف نظامه باختلاف عصور التاريخ المصري بالغ الطول‏,‏ ومن ثم تخللته تقلبات وتغيرات عميقة منها ابان الاسرة السادسة عندما تحولت الاقاليم الي امارات واصبح المحافظون امراء يمارسون كل مظاهر السيادة في اماراتهم ومن بينها ولاية القضاء‏..‏ مما كان له اثره في تطور اجراءات التقاضي وفي وسعنا ان نحدد علي وجه التقريب‏,‏ ان النظام القضائي حتي عهد الاسرة السادسة كان يعتمد علي القوانين المدنية والجنائية‏,‏ التي كانت غاية في الرقي كما كانت قوانين الملكية والميراث قوانين مفصلة دقيقة‏.‏ وكان الناس متساوين مساواة تامة امام القانون ومن ثم كان النظام القضائي المصري انذاك‏,‏ لا يقل في شأنه عن النظام القضائي في هذه الايام‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.