كلنا نعرف أن قضية الشاب خالد محمد الذي توفي في الإسكندرية, في ظروف ما, سيكشف عنها النائب العام, لن تمر ببساطة وستكون واحدة من نقاط التحول في التعامل مع بعض المشكلات المثارة في مصر, وأولاها تعامل بعض أقسام الشرطة مع المواطنين, فحتي لو ثبت أن ماجري لم يكن كما يقال, او أن ماقيل فعلا لايعبر عن الحقيقة, فإن الضجة قد انطلقت بالفعل, ونسمع الآن كل الأصوات التي تتردد عادة في تلك الاحوال, إضافة إلي أصوات جديدة. إن المسلمة الأولي هنا, هي أن حقيقة ماجري يجب أن تعرف, مهما كانت النتائج, فخالد محمد هو مواطن مصري, تستحق ذكراه, ويستحق أهله وأصدقاؤه, أن تهدأ نفوسهم بمعرفة الوقائع, وحساب المتجاوز, وليس لدي أدني شك في أن الحقيقة سوف يتم كشفها, فمن يتولي التحقيقات هو النائب العام, ولم يتم استخراج جثمان من قبره, إلا لكي يتم التوصل إلي الحقيقة, كما أن الكشف عن الوقائع, ستستتبعه جزاءات رادعة, في حالة ثبوت وقوع جريمة. وهنا يجب ان تكون المسائل مفهومة, ففي تلك الأوقات يفترض أيضا أن تكون هناك أصوات عاقلة, تقرر أن من قام بالتجاوز سوف يحاسب, ولايجب أن تمتد كلمات الفوضي إلي المساس بجهاز الشرطة, الذي هو ليس مخبرين وأقسام, وإنما جمارك وجوازات وأحوال مدنية, وإدارات للمخدرات والمرور والمصنفات, وحتي لو كان الامر يتعلق بأقساما الشرطة, فالمسألة ليست منهجية كما يحلو للبعض أن يقول. إن القضية تحولت إلي قضية رأي عام لأنها بشعة, لكن مشكلة قضايا الرأي العام أنها تكتظ بالتسييس, فسوف يعمل كل فرد لديه علاقة ببعد ما لتلك القضية علي إثارة الدنيا علي كل شيء, وسوف تسود العقلية الاكتساحية بصورة لن يتمكن أحدا من إيقافها ببساطة, وقد تجد الغالبية حرجا بالغا في أن ينطقوا بعبارة واحد تحمل معاني عقلانية, فأصوات الحرب في كل مكان. إن الفكرة هنا واضحة, فأسوأ مايمكن أن يحدث لأي مواطن مصري هو أن يعذب, لكن أسوأ مايمكن ان يحدث لمصر, هو أن يعيث البعض فيها عبثا, بضرب كل شيء, والصراخ مثل الأطفال, وعدم الانتباه إلي ماقامت به الدولة, أو الحديث بصورة غير مقبولة عن نتائج تحقيقات لم تعلن, فمثلما يجب أن يتم الإصرار علي الحقيقة, يجب أن يتم الانتباه إلي من يريدونها فتنة صغيرة, وإلي من يتربصون, في انتظار الخطأ, ولايمكنهم أن يكونوا جادين. إن هناك حقوقا يجب أن تسوي, لكن هناك أيضا واجبات يجب أن تحكم سلوك الناس, فنحن إزاء مشكلة جادة وليس' برنامج حوارات', والفارق كبير, لكن ماأنا علي يقين منه, أن الفارق سوف يتلاشي, ولن يلتفت أحد لأي عبارة عقلانية ولو لفترة, إلي أن تظهر نتائج التحقيقات, ووقتها سنعرف ما الذي سيتغير بالضبط في الجميع. [email protected]