ماذا لو قبلت الدولة التصالح مع الإخوان ووافقت علي ما يطرحه التنظيم من بنود مبادرات يقدمها قادته أحيانا, ويرسلها عبر وسيط في حالات أخري ويهيئ لها في ثالثة- ظروف المرور برعاية حكومية؟ وأري أن مبادرة عز الدين شكري مقرر لجنة المسار الديمقراطي تعكس نوايا بعض نشطاء حكومة الببلاوي الذين يراعون صالح الولاياتالمتحدة أو أصابعها في المنطقة أو صالح الإخوان أنفسهم إذ أن كل المبادرات الإخوانية كانت تشترط عودة مرسي ومجلس الشوري ودستور2012 واعتبار خارطة الطريق كأن لم تكن والإفراج عن جميع المقبوض عليهم من أعضاء وقيادات الجماعة, في حين تنفرد مبادرة شكري بتقديم مرسي وجماعته وحزبه اعتذار للشعب والإفراج عمن يثبت عدم تورطهم في أعمال قتل أو عنف أو تحريض ويسمح لهم بحرية مزاولة العمل السياسي. وبعيدا عن القائلين إن المصالحة مع الإخوان تمثل أكبر خطر علي أمن الوطن وإنه لا توجد ضمانات تحمي أي اتفاق مع جماعة أثبتت لكل المصريين خداع اتفاقها ونقض عهدها وكذب حديثها, وإنه إذا كان هذا التنظيم يتمسك بأنه لا مصالحة مع خارطة الطريق, فمن الأولي ألا تكون هناك مصالحة مع من تلوثت أيديهم بالتخطيط لقتل المصريين وأفراد جيشهم وتشويه صورة أكثر من30 مليونا خرجوا يرفضون دولة المرشد فاعتبرتهم الجماعة من الكفرة وأعداء الإسلام. والذي لا أجد له مبررا أن المبادرات التي تخرج من الغرف السرية لحكومة الببلاوي تكاد تكون برؤية إخوانية وصياغة أمريكية لا ترتقي إلي مسمي المبادرات وأنها لا تزيد عن مجرد مذكرة لتمكين الإخوان وإعادة وضعهم علي المسار السياسي والمحاولة من جديد لخداع الشعب والعودة إلي العرش بعد تجربة فاشلة تلاعبوا فيها بالشعب وخدعوه وقسموا أركانه وحاولوا تأجيره سياسيا لصالح من يدفع أكثر للجماعة, وهذا ما جعل شخصا مثل محمد علي بشر يتحدي الدولة ونظامها علنا ويمتدحها في الغرف المغلقة وهو المفهوم الإخواني للمصالحة الذي يجعله يهرول لها ثم يصرح في راحته من الهرولة لموقع إلكتروني بأنه لا بديل عن عودة مرسي والشرعية الدستورية وأن عدم استجابة النظام لهذه المبادرة سيجعل تحالف الشرعية يواصل إستراتيجيته لإسقاطه, فهو يفاخر بقوة لا يمتلكها ويهرول لا إراديا من رفض الشارع لعنف جماعته وإرهابها وبدء محاكمات قيادات التنظيم ومحمد مرسي, والتقارب المصري الروسي, وعودة الوفود السياحية, وبشائر التحسن في الوضع الاقتصادي, وكلها علامات بارزة تحرك المؤشر الإخواني نحو قبلته الأمريكية والتعبد في محرابها. والذي لا يعلمه رسل المصالحة أن الإخوان ينسفون فرصها في تظاهرات العنف والقتل والتخريب, وأن صقور الجماعة خلف القضبان لا يريدون أكثر من الخروج الكبير حتي ولو عبر نفق المصالحة المرفوض من جانبهم, وبالتالي فإن قبول الدولة للمصالحة مع الإخوان لن يتحول إلي واقع إلا إذا حقق مصلحة الجماعة وفتح لها مسارا جديدا بعيدا عن مطبات تاريخها الأسود مع الشعب. رابط دائم :