ضربت المرأة المسلمة أروع الأمثلة في الصدق والأمانة والجهاد, فهي كانت وستظل نبراسا وأوة حسنة لباقي النساء في كل العصور, فلا يسني لها التاريخ الإسلامي أدوارها البطولية في أوقات الصعاب والشدائد التي واجهت الدعوة الإسلامية في مهدها, وهذا ما وضح جليا في حدث هجرة الرسول صلي الله عليه وسلم وأصحابه من مكةالمكرمة إلي المدينة لتبدأ الأمة الإسلامية عهدا جديدا انطلقت منه منارة اضاءت الدنيا بأسرها ونشرت في الكون مطاهر العدل والإحسان. في البدابة ذكر الدكتور عثمان أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الازهر أن السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها كانت أول امرأة علمت بهجرة الرسول صلي الله عليه وسلم, من ابن عمها ورقة بن نوفل, فحينها نزل الوحي علي رسول الله ورجع يرجف فؤاده, فدخل علي زوجته خزيجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال: زملوني, زملوني, فزملوة حتي ذهب عنه الروع, فقال لخديجة: لقد خشيت علي نفسي,فقالت خديجة: كلا والله ما يخزيك الله ابدا, إنك لتصل الرحمو وتحمل الكل, وتكسب المعدون, وتعين علي نوائب الحق, فانطلقت به خديجة حتي أتت ورقة بن نوفل, فقالت له خديجة: يا ابن عم, اسمع من ابن اخيك, فقال له ورقة: يا الن أخي ما ذا تري؟ فأخبره رسول الله صلي الله عليه وسلم ما رأي, فقال له ورقة: هذا الناموس) جبريل عليه اليلام( الذي نزل الله عليه موسي, يا ليتني فيها جذعا)( ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك), فقال: أو مخرجي هم؟ قال ورقة: نعم, لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي, ومن هنا يتضح أن ورقة ابن نوفل تنبأ بهجرة النبي صلي الله عليه وسلم. وأشار الدكتور زكي إلي الدور المشهود للسيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما في رحلة الهجرة والذي اتسم بالتخطيط والتنظيم والشجاعة, فكانت رضي الله عنها تحمل الزاد والماء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ووالدها ابي بكر الصديق رضي الله عنه في الغار علي الرغم من انها كانت حامل في الشهر السابع وتبلغ من العمر نحو ثلاثة وعشرون عاما, وجدير بالذكر أنها لم تجد ما تعلق به الزاد والماء فلاحت في أفقها فكرة قطع نطاقها نصفين الأول علقت به الزاد والآخر للماء, وحين رآها رسول الله صلي عليه وسلم وقد شقت نطاقها نصفين قال لها: قد أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقيم في الجنة ليخلد التاريخ ذكر هذه الفتاة وتسمي ب ذات النطاقين. هذا إلي جانب تحملها لأذي المشركين حينما جاء ابو جهل لمنزل أبيها ابي بكر الصديق للبحث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فقابلها وسألها عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ووالدها فلم تخبره وقالت له: لا أدري, فضفعها علي وجهها فطار قرطها من أذنها ولم تضعف بل كانت في شجاعة باسلة فدورها كان دورا رائعا يجسد شخصية المجاهدة التي شاركت في الهجرة مشاركة ايجابية. ومن جانبه يقول الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء إن المرأة المسلمة لعبت دورا عظيما في الهجرة وأثبتت طقها وأمانتها وتحملها للشدائد, فها هي السيدة أم معبد الخزاعية التي استضافت النبي صلي الله عليه وسلم وهو في طريقة إلي المدينة حيث حدثت معجزة الهجرة التي لم تكن تتوقعها, وذلك حين قدمت شاتها العجفاء أي التي لا تدر لبنا والمتخلفة عن القطيع الذي خرج للري, فما كان من النبي صلي الله عليه وسلم إلا أن مسح علي درعها فحدثت المعجزة بأن زنتج اللبن الكثير منها ليشرب هو وصاحبه سيدنا أبو بكر وبدالله بن أريقط دليلهما في الطريق. وأضاف أن هذه المرأة استطاعت أن تحتفظ بالسر الذي يتعلق بوجود النبي صلي الله عليه وسلم عندها وبالوجهة التي اتجه إليها عندما جاء من كان يتابع الركب لكي يحصل علي الجائزة التي أعلنتها قريش لمن يستطيع ان يعرف المكان والوجهة التي اتجه إليها الركب الكريم. وأوضح أبو كريشة أن ما قدمته المرأة المسلمة في الهجرة من تضحيات سيظل باق إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها ودليل علي إخلاصها لدينها وحرصها الشديد علي كتمان الأسرار والمساعدة علي تضليل الأعداء, فضلا عن أنه يؤكد أنها جزء أصيل في المجتمع الإسلامي لا يمكن أبدا أن يتخلف عن أداء أي دور يسند إليها طالما لا يغضب الله ورسوله. رابط دائم :