علي الرغم من الاختلافات الواسعة التي أحاطت بالدكتور البرادعي, بعد أن قرر أن يتجاوز صورة' المصري المتميز الذي شغل موقعا دوليا هاما, كانت هناك حالة من الاتفاق علي أن الرجل ذكي, والأذكياء يمكنهم ببساطة أن يربطوا بين النقاط المتباعدة, ليكونوا' شكلا' له معني, يمكنهم من إدراك ماهم مقبلون عليه, ولأن الرجل الذي كانت تنقصه الخبرة بالسياسة في مصر, فإنه قرر أن' يجرب', لكن يبدو أن التجريب يسير به في طريق أبعد بشكثير مما كان يمكنه أن يتصوره, إلا أنه الآن يعتقد أنه مضطر للسير فيه, فعليه الآن منطقيا أن يذهب إلي الإخوان المسلمين, طالما أنه اعتقد منذ البداية أنه لاأمل في الدستور القائم أو الأحزاب المدنية. في فيلم' الإرهاب والكباب', توجد لقطة لاتنسي, فبعد أن سيطرت المجموعة التي لاتعرف بعضها علي المجمع, ووجدوا فجأة أن في أيديهم بنادق, سأل أحدهم عادل إمام, عما يريدونه بالضبط, وعما سيفعلونه, فكان الرد' أننا سوف نضبش', والتضبيش هنا مرحلة من مراحل التجريب, التي يبدو أن الدكتور البرادعي قد وصل إليها سريعا, فالرجل يبتعد شيئا فشيئا عن فكرة' مرشح الرئاسة' التي جاء بها, ووضع شروطه المسبقة بناء عليها, إلي صورة' داعية الإصلاح' الليبرالي التي يبدو أنه يقولها وتقال له, كما وضح من لقائه مع الكتاتني, لكن مانشرته صحيفة الشروق بعنوان' حرب بلا عنف', حول نوايا أنصاره الافتراضيين, تشير إلي اقترابه بسرعة من صورة' مثير المتاعب'. لقد اعتمد البرادعي في البداية علي الجمهور الافتراضي الذي كان يريد أن يجد أي شخص مستعد للعب الدور الذي يريدونه حتي لو كان ذلك' رغم انفه', ومن الافتراضيين سار بسرعة نحو جماعات اليسار المختلفة, والقوي السياسية الهامشية التي تمتلئ عقولها ب' الهندسة السياسية' التي لاتوجد لها أضلاع في الشارع, والآن سار الرجل في طريق التضبيش ليحصل علي الشارع, من الإخوان المسلمين, وأقنع نفسه بأنهم يريدون' دولة مدنية', رغم أنه ذكي, والآن يفكر في خطوته التالية, فقد جمع بين الافتراضيين من ناحية, والحانقين من ناحية, ثم المتدينين من ناحية ثالثة, ويدرب جماعته علي الحرب بلاعنف. هناك نصيحة مخلصة حقيقية, قبل أن يتم السير طويلا في هذا الاتجاه, وهي أن يقوم الدكتور البرادعي بمشاهدة الكليبات السريعة التي تبثها قنوات ميلودي حاليا, والتي يظهر فيها فريق الإعلانات في القناة, وهم يستعدون لإنتاج إعلان جديد, بينما يقومون بالإعلان بالفعل, خاصة تلك اللقطات التي يصدر فيها محمد حمزاوي الصوت' بف', ليصرف من أمامه, فمايمكن أن يأمله أي شخص مسئول هو أن يكون الرجل ذكيا فعلا. [email protected]