مع كل جريمة ترتكبها إسرائيل في حق الإنسانية, تتعالي الأصوات المطالبة بالثأر, وتقرع طبول الحرب في المنطقة, وتتداعي الخطابات الداعية لإلغاء السلام مع الدولة العبرية, وطرد سفرائها من العواصم الإسلامية والعربية. والمثير أن تركيا الدولة المتضرر الأول من العدوان علي قافلة الحرية و التي تبني رئيس وزرائها خطابا سياسيا حاد اللهجة غيرمسبوق في العلاقات العميقة بين البلدين, لم يتطرق إلي خيار الحرب, بل إن نائبه أكد غياب هذا الخيار تماما عن أدوات التعامل مع الأزمة بين أنقرة و تل أبيب. بين الدولتين الآن دماء سالت, وأرواح أبرياء أزهقها العدوان وبشر قتلهم جيش احتلال في عملية قرصنة بالمياه الدولية, وهي مبررات كفيلة بإشعال حرب في المنطقة لا تبقي علي شيء, غير أن هذا الخيار مازال خارج نطاق الخدمة لدي الدولة المعتدي عليها. بل أن تركيا لجأت كما يفعل العرب في الأزمات مع إسرائيل إلي الهيئات الدولية و الأقليمية مثل الأممالمتحدة والجامعة العربية و الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي, مايعني أن وسائل التعامل مع الأزمات في المناخ الدولي السائد واحدة لا تتبدل ولا تتغير, ولا مجال لخيارات أخري إسرائيل تسعي في ظل حكومة نيتنياهو المتطرفة سياسيا و المدعومه من المتطرفين الدينيين إلي تمزيق آخرما تبقي من حالة السلام الهش القائم, والقضاء المبرم النهائي علي فكرة التفاوض السياسي لإنهاء الاحتلال لبقية الأراضي العربية. ولعل كل ممارسات هذه الحكومة مع غزة, أو الاجتياحات و العمليات المتعددة في الضفة, أو الإعتداءات علي الأقصي, والتوسع و الاستيطان في القدس, وأخيرا العدوان علي قافلة الحرية, كلها مؤشرات تقول إن الهدف الإستراتيجي الإسرائيلي هو الخروج من فخ الاستقرار الإقليمي الذي سيضع حدا لأفكار التوسع الاستيطاني العنصري للدولة الصهيونية المخطط لها في المنطقة. وفي المقابل فإن الهدف العربي الإقليمي يجب أن يستند علي رؤية إستراتيجية تستخدم كل الأدوات المتاحة والثغرات في الإستراتيجية الإسرائيلية لتحقيق الهدف الأسمي وهو إنهاء التحتلال و إقامة الدولة الفلسطينية علي حدود آمنة و قابلة للحياة في الأراضي المحتلة عام1967, و محاصرة الدولة العبرية في حدود نهائية غير قابلة للتلاعب أو التغيير. هذا ليس أوهاما و لا خيالا و إنما واقع صعب علينا التعامل معه لتحقيق الهدف الأسمي. [email protected]