وسط اشادة إفريقية وفرنسية بالجهد المصري الداعم لمسيرة التعاون بين إفريقيا وفرنسا والرؤية المتكاملة سياسيا واقتصاديا التي طرحها الرئيس حسني مبارك من اجل تفعيل هذا التعاون ليحقق انطلاقة واعدة اختتمت امس في مدينة نيس جنوبفرنسا اعمال القمة ال25 لهذا المحفل الاقدم من نوعه في هذا المجال. واكد البيان الختامي للقمة الذي صدر بعد ظهر امس اهمية العمل من اجل اصلاح الاممالمتحدة وعلي وجه الخصوص القيام باصلاح عاجل لمجلس الامن الدولي.. اضافة الي الدعوة إلي إصلاح الحوكمة والإدارة العالمية من أجل تمثيل أفضل للقارة الإفريقية داخل الهيئات الدولية وضمان تمثيل عادل لإفريقيا ضمن مجموعة العشرين حيث اعلنت فرنسا بمناسبة رئاستها القادمة لمجموعة العشرين انها تضمن مشاركة اوسع للدول الإفريقية في هذا التجمع وهذا ينطبق ايضا علي مجموعة الثماني التي ستتولي فرنسا في المرحلة المقبلة. وشددت فرنسا رئاستها علي أن تكون مهمة قواتها المتمركزة في إفريقيا هي العمل مع الدول الإفريقية والاتحاد الإفريقي والمنظمات الإقليمية لتحسين نظمها الخاصة بالأمن الجماعي وإدارة الأزمات.. وتلتزم فرنسا بتخصيص300 مليون يورو لدعم جهود الدول الإفريقية في هذا الصدد فضلا عن الالتزام بتدريب12 ألف جندي إفريقي للعمل في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة حتي عام.2012 تهديدات عابرة للحدود واكد رؤساء الدول والحكومات ضرورة الاهتمام بالتهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والقرصنة والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات والسلاح من خلال تعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة هذه الجرائم بشكل شامل. كما اكد الرؤساء رغبتهم في تجنب الأزمات المؤسساتية في القارة الإفريقية وضمان احترام المعايير الدستورية من خلال وضع آلية مشتركة للدعم الفني خلال العمليات الانتخابية. واشار البيان إلي أهمية انضمام جميع البلدان الإفريقية إلي اتفاق كوبنهاجن لمحاربة التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الحرارية. مؤكد العلاقة الوثيقة بين المناخ والتنمية و ضرورة احترام الالتزامات المعلن عنها في كوبنهاجن من قبل الدول المتقدمة بمنح30 مليار دولار أمريكي لتمويل عمليات حتي عام2012 كما يوافق علي هدف تقليص الانبعاثات الحرارية العالمية بنسبة50% بحلول عام2050 بالمقارنة بما كانت عليه عام.1990 الطاقة المتجددة وفيما يتعلق بأزمة الطاقة العالمية اكد البيان التزام قادة الدول والحكومات بالعمل من أجل التوسع في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة لتزويد إفريقيا بنظام كهربائي مستدتم يقوم علي مشروعات ملموسة ومصادر تمويل مبتكرة.. بالإضافة إلي إعداد خطة شمسية لإفريقيا للاستفادة من الطاقة الشمسية ذات التركيز الحراري عبر مشروع إفريقيا سول. واكد رؤساء الدول والحكومات موافقتهم علي إنشاء منظمة عالمية للبيئة ويؤكدون أهمية اعتماد أهداف طموحة وملموسة لوضع حد لتدهور التنوع البيئي والبيولوجي.. كما اكدوا ضرورة الالتزام بتعزيز الارتباط بين الهجرة واستراتيجيات التنمية وتشجيع المهاجرين الأفارقة المستقرين في فرنسا علي المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل بلدانهم الأصلية. واشار البيان إلي أهمية الدور المشترك للدول والشركات والمنظمات المهنية في تعبئة التمويل اللازم من أجل جودة أفضل للتدريب والتعليم وضرورة تحسين المناخ القانوني للأعمال لجذب الأنشطة الاقتصادية والاستثمارات. كما اقر رؤساء الدول والحكومات وضع أدوات تمويل فعالة لخدمة الشركات الصغيرة والمتوسطة للإسهام في تنمية إفريقيا.. وتلتزم فرنسا من جانبها بإعداد مبادرة أوروبية لإنشاء صندوق أوروبي لضمان الاستثمارات لصالح الشركات في إفريقيا. الأمن الغذائي واتفق الرؤساء الدول والحكومات علي العمل معا في إطار رئاسة فرنسا القادمة لمجموعة الثماني ومجموعة العشرين من أجل وضع آلية لمكافحة تقلبات أسعار المواد الأولية وتعزيز الأمن الغذائي في إفريقيا. واعلنت فرنسا عن إنشاء صندوق للمستثمرين من أجل الزراعة في إفريقيا موجه لدعم تنمية المشاريع الزراعية في إفريقيا وتوزيع المواد الغذائية.. ويسعي هذا الصندوق إلي حشد120 مليون دولار كمرحلة أولي تصل مستقبلا إلي300 مليون دولار. وقرر رؤساء الدول والحكومات الاجتماع كل ثلاث سنوات حيث تعقد القمة المقبلة في مصر عام2013 علي أن تحدد الموضوعات الرئيسية للقمة قبل انعقادها بعام ويعقد اجتماع لوزراء الخارجية قبل نهاية عام2011 يخصص لمتابعة قرارات قمة نيس. مصير مشترك وكان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد اكد في المؤتمر الصحفي الذي عقده في ختمام القمة بعد ظهر امس عن قناعته بأن حيوية النقاش الذي شهدته اعمال القمة أثبتت أن هناك الكثير الذي يمكن لفرنسا وإفريقيا أن يعملاه معا.. مشيرا الي ان فرنسا ليست فقط صديقة للدول الإفريقية الفرانكفونية وانما لكل إفريقيا. واشار الي ان مشاكل الفقر والنزاعات والحروب لا تقتصر علي الدول الفرانكفونية وانما تمتد في إفريقيا كلها لذا فإن فرنسا تهتم بالحديث مع كافة البلدان الإفريقية. واعرب ساركوزي عن قناعته بأن مصير إفريقيا واوروبا متصل وان فشل إفريقيا سيتسبب في كارثة في اوروبا وبالعكس فإن نجاح إفريقيا سيسبب نموا وسلاما واستقرارا في اوروبا ليس فقط فيما يتعلق بالهجرة وانما مجمل القطاعات. واضاف انه لا يمكن القبول بأن يكون25% من الدول الاعضاء في الاممالمتحدة من إفريقيا والا يكون لها اي عضو دائم في مجلس الامن و لايمكن ان تكون60% من عمليات حفظ السلام في العالم تتم في إفريقيا يتم تحديدها من خلال قرارات مجلس الامن الدولي دون ان يكون به اعضاء دائمون من إفريقا.. مشيرا الي ان هذا الامر يمثل نوعا من الاختلال. وقال إن فرنسا ستعمل من أجل ان تتم ادارة العالم من خلال مؤسسات تأخذ في الاعتبار تغيرات القرن الحادي والعشرين. دور القطاع الخاص وكانت الجلسة الختامية للقمة امس قد شهدت اعلان رئيسة رابطة اصحاب الاعمال الفرنسية لورانس باريزو عن انشاء جمعية رجال أعمال فرنسية إفريقية لمتابعة تقدم المشروعات والمبادرات التي تطلقها قمة فرنسا إفريقيا. ووصفت باريزو- في كلمتها خلال الجلسة- قمة فرنسا إفريقيا ال25 بأنها تاريخية لأنها ركزت علي دور القطاع الخاص في التنمية في إفريقيا وزيادة الاستثمارات ومضاعفة التبادل التجاري بين فرنسا وإفريقيا وزيادة فرص العمل في القارة. وأكدت ضرورة احترام القطاع الخاص للمعايير البيئية والاجتماعية وقيمة البشر في مشروعاتها وأعمالها التي تنفذ في إفريقيا.. وشددت علي رغبة مشاركة القطاع الخاص في العلاقات الجديدة المتميزة بين فرنسا إفريقيا مؤكدة اهتمام الجانب الفرنسي بمساعدة الدول الإفريقية في مجالات التدريب المهني ورفع كفاءة الايدي العاملة. واشارت الي ان الشركات الفرنسية وضعت ميثاق عمل تلتزم فيه بالمعايير الاجتماعية والبيئة في عملها في إفريقيا في اطار من تحقيق التنمية المستديمة. وكشفت عن اعداد شركات الطاقة الفرنسية لمشروع كبير لتوليد الكهرباء في الجزء الجنوبي من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء باستخدام الطاقة الشمسية والحرارية بفضل تكنولوجيا حديثة. مصر والسودان من ناحية اخري اجتمع امس احمد ابو الغيط وزير الخارجية الذي كلفه الرئيس مبارك برئاسة وفد مصر في اليوم الثاني للقمة مع وزراء خارجية فرنسا وإريتريا وتشاد وأثيوبيا والجابون والجزائر وجنوب إفريقيا بحضور نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وممثلين للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة حيث تم استعراض رؤية مصر لمستقبل السودان خلال أخطر عام في تاريخه الحديث. وصرح السفير حسام زكي المتحدث باسم وزارة الخارجية بان أبوالغيط اكد التزام مصر التام بدعم السودان ومساعدة شريكي الحكم علي تجاوز المصاعب التي تجابه شراكتهما بهدف إيجاد تصور مشترك لجعل خيار الوحدة جاذبا والاتفاق علي ضمانات تحقق احترام إجراء استفتاء شفاف وفي ظروف أمنية وسياسية مواتية بما يتيح لأهل الجنوب تحديد خياراتهم وأولوياتهم مع الحفاظ في الوقت ذاته- وبدعم دولي قوي- علي أولوية تمكين شريكي الحكم من حسم ترتيبات الاستفتاء المزمع إجراؤه في يناير2011 وقضايا ما بعد الاستفتاء. وأوضح أن وزير الخارجية أشار إلي أن مصر تجمعها بالسودان أواصر تاريخية غير قابلة للمساومات وهو ما يجعلها أكثر الأطراف الإقليمية والدولية قلقا علي مستقبل هذا البلد وخشية من اندلاع أعمال العنف بين شماله وجنوبه أو داخل الجنوب ذاته.. مشددا في الوقت نفسه علي أن مصر تعد من أكثر الدول حرصا علي كفالة الاستقرار في مختلف ربوع السودان الشقيق. وقال إن أبوالغيط حذر المجتمع الدولي من تداعيات غياب وجود رؤية متكاملة لدي الأطراف الدولية المعنية بالشأن السوداني تكفل تحديد الدور الذي يمكن للمجتمع الدولي القيام به بالتنسيق مع شريكي الحكم لحل مشاكل السودان وتجاوز المصاعب التي ترتبط بتنفيذ الاستحقاقات التي نص عليها اتفاق السلام الشامل. وأوضح أن الاجتماع عكس وجود توافق إفريقي بشأن إعطاء الأولوية لمستقبل السودان بأكثر من الاهتمام بتنفيذ استحقاقات بعينها وأن المهم هو التركيز علي توفير المناخ الملائم والمساحة الزمنية والدعم لشريكي الحكم لبناء شراكة استراتيجية بينهما وتصور موحد إزاء مستقبل السودان شمالا وجنوبا. وانتهي الوزراء المشاركون في الاجتماع إلي أهمية عقد اجتماعات مماثلة لبحث هذا الأمر بصورة دورية خلال الأشهر المقبلة وتحديد سبل تقديم الدعم الدولي المتكامل لجهود المحافظة علي استقرار السودان.