لايمكن للمشروع الإسلامي أن يتعافي من عثراته ويتخلص من أخطاء أتباعه ويعود إلي واجهة الحياة من جديد من أجل راحة البشرية إلا بعد معرفة حقيقة الأخطاء والوقوف علي مكامن العثرات. فيحدث الانقلاب في حياة الإنسان من النقيض إلي النقيض فيتحول من كذاب وخائن إلي صادق وأمين ومن كاره لنفسه وللناس إلي محب لهما ومن إنسان شرير إلي إنسان خير يخاف الله ويعمل حسابه لدنياه وآخرته, ومن إنسان يسمع ويطيع دون تعليق إلي إنسان يعمل عقله في كل مايعرض عليه ليقدر فيه جانب الصواب من الخطأ فيتجنب الخطأ ويمضي قدما خلف الصواب ومن إنسان لايقبل المراجعة إلي إنسان يراجع نفسه دائما علي المعيار فيتحرر من عيوبه وأخطائه وعبودية قادته وزعمائه إلي عبودية الله وطاعة رسوله. وعلي أثر ذلك يتحول من شخص كثير الكلام عن الإسلام إلي شخص يعبر بسلوكه العملي وواقعه علي الأرض عن قيم وأخلاق الإسلام من خلال معايرة أفعاله علي منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة ماديا ومعنويا دون الأخذ في الاعتبار عدم الإلتفات لمناهج الأخرين الذين لايريدون سوي تقديس هذا الشخص أو ذاك. بعدها يملك إرادته ويدير شئون حياته بعد أن أصبح إنسان خاليا من العيوب والنقائص والشوائب في وجود الصيانة الدائمة لنفسه والتحديد لها علي المعيار وهذا يشمل الدعاة وعامة الناس بعد أن يتحول الجميع إلي موصل جيد للإسلام وليس موصلا ردئيا فيتحول إلي محب للأخر عارض بضاعته الثمينة بصدق وأمانة فيسعي إلي تنمية كنزه في عقله وزيادة فكره في قراءاته ومطالعته حتي ينهض بنفسه وينمي قدراته فيصبح حجر الزاوية في تنمية مجتمعه وتقدمه في شتي المجالات دون الأخذ في الإعتبار تفرقة الناس بل العمل علي جمعهم علي حب بلادهم وتقدم أوطانهم, ويعي ويدرك إن المشكلة الحقيقية التي وقع فيها الشعب هي في التقسيم الإستعماري للنخبة المصرية وغيرها مابين إسلامي وليبرالي وبعد أن وقعوا في الفخ تم إستدراجهم بواسطة أعوانه فدخول حظيرة الاستعمار مكرهين أو مستسلمين لتحقيق أغراضهم في السلطة والمال بعد أن تحولوا إلي تجار دين وتجار وطنية, وبمجرد أن القي لهم الطعم هوعوا اليه فخربوا دينهم وأوطانهم بهذه المسميات الكاذبة, فلا إسلامي تمكن من تطبيق مشروعه بمساعدة الاستعمار, ولا ليبرالي تمكن من تطبيق مشروعه بمساعدة الاستعمار بل فشل الجميع فشلا ذريعا ولم يحصدوا سوي التناقض والإختلاف بل وفرض الهيمنة والإقتتال مع أن الإتفاق والتوافق كان يجب أن يكون أقرب إليهما من حبل الوريد بعيدا عن مأسي الإستعمار. إن تقسيم الأمة إلي إسلامي وليبرالي لايصب في مصلحة الإسلام ولا المسلمين ولا الوطن ولا في مصلحة المشروع الإسلامي والليبرالي إنما يصب بالدرجة الأولي في مصالح الاستعمار ومصالح الطرفين اللذين لاهم لهما سوي العيش المترف علي حساب حياة الفقراء والمساكين والمعذبين من المصريين, فالإسلامي الذي يتاجر بدينه يحب هذه التسمية لأنها تعطي له فرصة إحتكار الإسلام والحديث باسمه ورسمه وصورته دون جوهره وأصله فلا يهدأ له بال هو وأتباعه إلا بعض أن يضمن له ولاء المصريين حتي ولو قسمهم إلي طوائف وجماعات ويبدو أن هذا التقسيم يصب في صالحه من أجل السلطة والمال فيدعي التدين ويتهم الآخرين بعدم الإيمان أو حتي بالكفر في وجود الإقصاء وعدم قبول الأخر مع إن هذا ضد المعاير وضد أبسط قواعد الإسلام, أما العلماني الذي يتاجر بوطنيته فهو يدعي العلم والتقدم ويتهم الإسلامي يالتخلف والتأخر فيحتكر العلم ويدعي المعرفة ولذلك فهو يدعي أنه أحق بالسلطة من الإسلامي من أجل أن يحل مشكلات الشعب التعيس بأفكاره التي تصب في نهاية المطاف في مصلحته الشخصية ومصالح أصحابه وأتباعه في السلطة وجمع المال فتجده يقوم بدور الممثل علي الشعب الغلبان في وجود الإقصاء وعدم قبول الأخر وهذا ضد أبسط قواعد الوطنية ومن هنا نجد أنه لافرق بين الإسلامي والليبرالي في عرف الاستعمار فالكل عنده سواء ومصالحه تتقدم علي مصالح كل هؤلاء ويمكن بيعهما في أول الطريق أو حتي إلقائهما في سلة المهملات,و بالرغم أننا إذا نظرنا إلي الحقيقة والواقع نجد أنهما قريبان لبعضهما البعض في التعاطي مع الإسلام والوطنية والذي في جوهرهما البحث عن المصلحة العامة للناس بغض النظر عن كل هذه التوجهات ولذلك من الضروري أن تختفي كل هذه ا لمسميات من بلاد العرب والمسلمين لأن الإسلام القائم علي منهج القرآن ومنهج النبوة ومصلحة الوطن هما الأصل الذي التف حوله الناس من أجل تأمين المصلحة العامة للشعب دون إفراط ولاتفريط في إطار المصلة العامة للأفراد والجامعات والمفروض أن هذا يصب في مصلحة إطار المصلحة العامة للأفراد والجماعات والمفروض أن هذا يصب في مصلحة الطرفين. ولو التقي الطرفان في منتصف الطريق الإسلامي بأفكاره والليبرالي بأفكاره بحيث يقبل الإسلامي أفكار الليبرالي المتفق عليها ويدع الأفكار المختلف عليها, وهكذا يفعل الليبرالي فيقبل أفكار الإسلامي المتفق عليها ويدع الأخري المختلف عليها, ويتقابل الاثنان في منتصف الطريق ليحصل التوافق والامتزاج في الحفاظ علي الهوية الإسلامية للدولة من منطلق الوطنية والإسلام الذي يحترم ويقدر ويحافظ علي الهوية الوطنية وعلي وحدة الوطن وثوابتها ومكونتها. وعلي هذا الأساس تتقلص الخلافات الي الحد الأدني ويسعي الجميع إلي المشترك بينهما وهو الحفاظ علي المصلحة العامة للشعب وحماية الوطن ومكتسباته وأمنه القومي وهذا يصب في نهاية المطاف في صالح جميع الأطراف فتكسر شوكة الاستعمار وتغلق فجوة الخلاف التي ينفذ منها أعوان الاستعمار من أجل تخريب البلاد وإنهاك العباد وهذا هدف وغرض الإسلام في دعوته إلي الناس فهل يفهم الجميع ذلك؟ أما إذا حدث عكس ذلك فمعناه أن هؤلاء عبدة للكراسي والمناصب والمصالح الشخصية وعلي الشعب ألا يضعهم في الاعتبار فيتخطاهم مع إيجاد البديل الذي يحافظ علي الوطن وهويته وبالتالي فإن نجاح المشروع الإسلامي يعتمد علي قدرات الفرد الذي يتمكن من إختيار الحكم الرشيد وكلاهما يفرز وطن قويا قادرا علي تنمية نفسه فيملك إرادته ويحافظ علي مقدراته وأمنه لأن تكاتف المواطن القوي مع الحكم الرشيد والوطن القوي هو الذي يؤدي إلي النجاح في وجود الإيثار والتضحية. أستاذ بكلية الطب رابط دائم :