عنف وترويع واحباط واستفزاز ثقافي وعقائدي وانحدار فكري وابتذال انساني وفضائح حضارية...... إسفاف وتدني يشهده العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين علي يد تلك الجماعة الارهابية المسماة طالبان التي لم تتوار خجلا من تاريخها الملوث بل أضافت اليه تاريخا جديدا أكثر قتامة وبشاعة لتؤكد طبيعة هويتها للعالم الاسلامي بل للعالم الغربي كذلك, حتي لا يخطئها رأي أو ينبري للدفاع عنها عقل أو ضمير.. هكذا ابت الا ان تؤكد هويتها الملفوظة بين الهويات حين أباحت لذاتها في قناعة نادرة- اطلاق الأعيرة النارية ليس علي خصومها واعدائها وانما علي الطفلة ملالا يوسف التي خولت لها براءتها الفطرية وسط أولئك الأشباح المسكونين بالرعب والجهل والفحش- ان تطالب بحق الفتاة في التعليم وحقها في الاستزادة من العلم والمعرفة خلال مدونتها علي الشبكة الإلكترونية. لكن أي تعليم وهو يعد كفرا بواحا واي علم يرتجي وهو من منظور الغفلة معصية كبري بل خرقا لأركان العقيدة الاسلامية!!ان تلك القضية المطروحة بالطبع تخرج عن اطار التوصيف والتقييم والدراسة والتمحيص بل عن نسق الحكم عليها لأنها لا تسجل سوي معطيات الخبل المعرفي الحائلة بالضرورة دون المناقشة المنطقية أو استقصاء سبل الموضوعية, فهؤلاء لا يستهدفون دينا ولا عقيدة انما يلتمسون دوما التنفيس عن طاقات العنف المتفجرة في أعماقهم فهم يحاولون تبديد الكبت حتي لو ازهقوا أرواح البشرية جمعاء!!ولعل بعضا من ذلك قد اكد للغرب اعتقاده الخاطي ءفي وجود ذلك المكون العنفي داخل الشخصية الاسلامية فاعتبروا أن حركة طالبان هي حركة ممثلة في طابعها ومحتواها للعالم الاسلامي بصفة عامة وهو ما نحصد آثاره وانعكاساته في طرائق التواصل بين الشرق والغرب باعتباره ذريعة كبري لوصم العالم الاسلامي بوصمة الدموية والارهاب, وان الغرب لفرح فخور بوجود تلك الجماعات الارهابية لتظل الفروق قائمة لا تتزحزح بين الحضارة والبربرية بين قيم الشمال والجنوب بين جبروت العقل وحيوانيته بين الرقي والانحدار بين الثقافة الرفيعة والفوضي العارمة بين اهدار الجوهر الانساني وإعلاء مباديء الحرية والعدالة والاخاء.ان المعركة الحضارية قد حسمتها درجات التخلف والتردي التي يرزح العالم الاسلامي تحت وطأتها الصارخة ورغم كل هذه السوءات فان الغرب قد وظفها واستثمارها بل اعتبرها صحوة معنوية في المحيط الدولي تحقق شموخا جديدا يتطاولون به ويشمخون علي أولئك الهمج الذين حكموا علي انفسهم بالخروج المزري من التاريخ غير مأسوف عليهم. أقول ان هذه السوءات كان لها مردود غربي يحمل في مضمونه نوعا من التشهير بتلك البؤر الظلامية في الشرق الاسلامي ونوعا آخر من ضرورات الاشادة بالغرب وتمجيده ذلك حين منحت فرنسا الفتاة الباكستانية جائزتها الرفيعة.. جائزة الفيلسوفة سيمون دي بوفوار التي لا تحظي بها الا الشخصيات المدافعة عن حقوق المرأة ومكتسباتها علي الصعيد المحلي والاقليمي والدولي, كما وقع أكثر من أربعمائة ألف شخصية علي وثيقة اليكترونية تطالب بمنح الفتاة جائزة نوبل للسلام لهذا العام, بينما سيتم اطلاق اسمها علي كليات فرنسية وانجليزية وألمانية تأكيدا علي امتثال العالم ووقوفه الي جانب قضيتها العادلة, وفوق ذلك وقبله فقد خصصت اليونسكو نحو خمسة وسبعين مليون دولار لتعليم الأطفال في المناطق الفقيرة من العالم. وتبنت انجلترا كفالتها العلاجية بأكبر المستشفيات والمراكز الطبية لابرائها من تلك الرصاصات الغادرة التي اخترقت ذلك الجسد الطاهر. ثم جاءت كلمتها من مقر الاممالمتحدة قارعة لأسماع العالم منددة باستشراء الظلم الانساني وغياب مفهوم العدالة المتجسد في ذلك التفاوت البشع بين المجتمعات علي أصعدة عدة لتعلم العالم في مسيرته المعاصرة ضرورة استعادة التوازن بين الأطراف الحائرة للمعادلة الكونية. ان الاسلام يعرف المسلمين لكنه يخاصم ويجافي أولئك المتأسلمين, يعرف الدعاة وينكر الأدعياء, ينادي بصدق القول والفعل ويرفض لغو الحديث, يرفع المؤمن الثابت ويمحق المرجفون والمنافقون, يعلي العدل والحق ويسخط الظلم والباطل, يسيد العلم علي المال ويقدم الآخرة علي الدنيا لأولئك الذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا. لكن الذي لابد أن يؤرق المجتمعات الاسلامية المعاصرة هو.. هل أصبحت هذه المجتمعات تمثل الاسلام خير تمثيل أم أنها قد حادت كثيرا كثيرا عن روحه وجوهره؟ كيف استطاع أولئك المتأسلمون تصدير مفهوماتهم عن الاسلام كأنه عقيدة مضادة للانسانية؟ كيف حققوا مآرب الغرب في حروبه المتوالية علي الإسلام؟ كيف جعلوا من الاسلام عدوا زائفا بل ذريعة اقتتال؟ كيف صار المسلمون الذين حكموا العالم من وحي عقيدتهم الشامخة- نفايات بشرية مستهجنة؟ كيف تحولت ميكانيزمات الدفاع عن الاسلام لأدوات ادانة ومنهج اتهام وأسلوب استهجان؟ ان المأزق الأكبر للعالم الاسلامي انما يتجسد في تلك الازدواجية الجبارة بين أسس عقيدة وأهواء بالية أودت بهذا العالم سمعة وفكرا وتاريخا وهوية وحضارة!!