تابعت الدماء المصرية المسالة أنهارا في القاهرة والجيزة ونحو عشر محافظات في شمال مصر وجنوبها. وبعيدا عن مشاعر الحزن والألم التي انتابتني كملايين المصريين... جلست اتأمل المشهد الدامي وأحاول تحليله عبر قراءتي لأحداث التاريخ مند عهد الملك مينا موحد القطرين حتي حسني مبارك فلم أجد علي مدار تاريخنا جماعة احتكرت التحدث باسم دين تدين به غالبية الشعب سوي جماعة الاخوان التي نشأت في عشرينيات القرن الماضي علي يد الشيخ حسن البنا. قرأت الخطاب السياسي للأمير سيف الدين قطز عندما عبأ وحشد الشعب المصري كله مسلميه ومسيحييه لصد هجمات التتار في موقعة عين جالوت فلم أجد فيه لمحه بتفرقة عنصرية او دينية وكذلك لغة خطاب صلاح الدين الايوبي عندما وقف وراءه الشعب المصري كله لصد الحروب الصليبية. لم يحتكر اي من القائدين الحديث باسم الاسلام. وعندما جاء الشيخ حسن البنا وأسس جماعة الاخوان المسلمين وعلم أن بعض اتباعه يريدون تكوين ميليشيات عسكرية سرية قال قولته الشهيرة: لا هم إخوان ولا هم مسلمون لأن ديننا العظيم اكبر من ان يعكر نقاءه اراقة الدماء التي هي أغلي وأقدس عند الله من هدم الكعبة المشرفة, إذن من حمل السلاح من أتباع الجماعة لا هم إخوان ولا هم مسلمون كما قال الشيخ البنا. شوارع مصر لأول مرة عبر تاريخها القديم والحديث تتحول الي بحور من الدماء بسبب تابعين انحرفوا بفكره النابذ للعنف وإراقة الدماء. حديث النخبة الآن يدور حول ضرورة اجتثاث الاخوان من المشهد السياسي تماما وتطبيق السيف القانوني عليهم وكل نفس بما كسبت رهينة. وأنا اختلف مع هذا الحديث الذي بلورته مشاهد الدماء الغزيرة في شوارع المحروسة. فلندع القانون يفرض سطوته علي من تلطخت اياديهم بالدماء وينزل بهم عقابه الرادع ولنمد أيدينا للعقلاء في هذه الجماعة بشرط ان يخرجوا علينا ويعلنوا رفضهم لما ارتكبه المارقون منهم من جرائم ويطالبون بالقصاص من القتلة. قد يبدو حديثي هذا غير مقبول في ظل حالة فوران الغضب التي يعيشها الشعب المصري من جرائم هذه الجماعة ولكن لنحكم صوت العقل في هذه المرحلة الفارقة والمصيرية من حاضرنا ومستقبلنا فهناك من داخل الجماعة من يرفض هذا السلوك الدموي. فلتأخذ النخبة الحاكمة بأيدي من لم تتلوث أياديهم بالدماء الذين نبذوا هدا الفكر والسلوك الدموي ونحاول دمجهم مرة أخري في المشهد السياسي ورب ضارة نافعة فقد أخرجت هذه الاحداث الخبث ليميز الله الخبيث من الطيب هذا هو حديث العقل في وقت ربما غاب فيه العقل.