اختلطت ملامح الحزن والفرح علي وجوه الأمهات والثكالي في باحة مسجد الشرطة بالدراسة.. كانت الجثامين الأربعة قد استوت في مكانها بالمسجد واصطف المصلون خلف الإمام يتقدمهم وزير الداخلية في انتظار مراسم صلاة الجنازة.. بالقرب من باب المسجد كانت تقف إحدي أمهات شهداء الشرطة الأربعة. لم تكن تبكي ابنها ولم تكن تنعيه أو تنعي رفاقه.. كانت رابطة الجأش تتمالك أعصابها وتتحدث في هدوء وبصوت خافت وكأنها تكلم ابنها الشهيد المسجي غير بعيد عنها داخل المسجد وكأنه يقف أمامها.. تقول له وهي تبتسم إن مكانه في الجنة ينتظره وأن هذا يوم عيده لا يوم حزنه.. وخلف ابتسامة الأم رابطة الجأش أتي صوت بكاء ونحيب لزوجة أحد الشهداء غير مصدقة أنها لن تراه مرة أخري. وما بين ملامح الحزن والفرح بالشهداء علا صوت إمام مسجد الشرطة بتكبيرات صلاة الجنازة العسكرية حيث تم وضع جثامين الشهداء علي أربع سيارات من الحماية المدنية وأحاط بكل جثمان أربعة من الجنود تتشابك أيديهم قبضة كل منهم في قبضة الآخر من أعلي الجثة وكأنهم يحتضنون زميلهم قبل أن يزفوه بمارشات الموسيقي العسكرية الجنائزية إلي مثواه الأخير في الجنة مع الشهداء والأنبياء والصديقين كما وعده ربه. بعد أن أخذت العربات طريقها في الشارع المجاور لمسجد الشرطة كان اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية قد وقف إلي جوار أهالي الشهداء ومعه اللواء أشرف عبد الله مساعده للأمن المركزي وعدد كبير من قيادات الداخلية يتلقون العزاء في أبناء الشرطة الذين قدموا أرواحهم فداء لاستقرار بلدهم وأمنها. وفور انتهاء المعزين من تقديم العزاء وما إن تأهبت السيارات لحمل الجثامين للمثوي الأخير حتي أطلقت أمهات شهداء الشرطة الزغاريد في مشهد اختلطت فيه الدموع والفرح في استشهاد أبنائهم, حيث رددت إحدي أمهات الشهداء في الجنة يا ابني وحسبي الله ونعم الوكيل, قتلوك الخونة. فيما تعالت الصرخات من أبناء الشهداء, وصبوا جام غضبهم علي جماعة الإخوان, بوصفهم بالإرهابيين الذين قتلوا آباءهم. وفي سياق متصل أصدرت وزارة الداخلية بيانا رسميا نعت فيه شهداء الشرطة جاء فيه: في يوم بطولي ترتفع فيه رايات الوطن سيدونه التاريخ بأحرف من ذهب بكل معاني العزة والشرف ودفاعا عن أمن وطنهم وتكريسا وتمجيدا لقيم الشهادة.. رجال الشرطة يقدمون أكثر من43 شهيدا من رجالها والمئات من المصابين في يوم تترسخ فيه قيم المعاني السامية للبذل والعطاء وحرصا علي حفاظهم علي أمن واستقرار البلاد ولأهمية الدور المنوط بهم لتحقيق رسالة الأمن السامية, والنهوض بمهامهم الأساسية في تعزيز مقومات المجتمع الآمن المستقر الذي يأمن فيه كل مواطن علي نفسه وعرضه وماله وتترسخ فيه سيادة القانون وهيبة الدولة.. فإن الحفاظ علي أمن البلاد واستقراره مهمة مقدسة لا يتهاون فيها رجال الشرطة يتصدون من خلالها بكل حسم لكل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر, ومن منطلق تحملهم مسئولياتهم تجاه تحقيق أمن الشعب وحماية ممتلكاته فقد عاهد رجال الشرطة الله والشعب المصري للتصدي لكل ما يهدد أمن واستقرار الوطن.. وقدموا أروع التضحيات والبطولات ليثبتوا للجميع أنهم علي قدر المسئولية التي يحملون أمانتها علي الرغم من كل المصاعب والتحديات والمخاطر التي تواجههم. وجاء في البيان أن استشهاد أكثر من(43) شهيدا من رجال الشرطة والمئات من المصابين كان تلبية لنداء الواجب وحفاظا لأمن واستقرار الوطن حيث أحبط هؤلاء الرجال بدمائهم الغالية مخططا كانت تسعي قوي الشر وعناصر الإجرام والتخريب والإرهاب لنشر الفوضي في البلاد وزرع بذور الفتنة وتقويض ركائز الأمن والطمأنينة والاستقرار وترويع المواطنين. ويواصل رجال الشرطة خلال تلك المرحلة من تاريخ الوطن تضحياتهم في شجاعة وعزم ينبع عن عقيدة وإيمان راسخ برسالتهم السامية لإعادة الأمن لأبناء وطنهم من خلال التصدي لكل عناصر الشر والإرهاب. وقد غادر وزير الداخلية محيط مسجد الشرطة متوجها لزيارة المصابين من رجال الشرطة بمستشفيات الشرطة بمدينة نصر والعجوزة الذين أصيبوا خلال المواجهات الأمنية أثناء فض اعتصامات ميداني رابعة العدوية والنهضة, وبعض الميادين في عدد من المحافظات علي مستوي الجمهورية. كما اطمأن علي الحالة الصحية للضباط والأفراد والجنود المصابين خلال المواجهات الأمنية وأوجه الرعاية الطبية المختلفة التي تقدم لهم, وأشاد بما قدمه رجال الشرطة من أجل تحقيق رسالة الأمن, موضحا أن تلك التضحيات يضعها الجميع موضع التقدير والاحترام, وتعد دافعا لباقي رجال الشرطة لاستكمال مسيرة العطاء. ووجه اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية قطاع الخدمات الطبية والأجهزة المعنية بالوزارة بمتابعة الحالة الصحية للمصابين أولا بأول وتلبية كل احتياجاتهم تقديرا لجهودهم وتضحياتهم.