كان السؤال الأول الذي تم توجيهه إلي الأستاذ صلاح عيسي في حلقة برنامج وراء الأحداث, التي ستذاع الأسبوع المقبل هو' ماهو المقصود بالإعلام بالضبط كانت الحلقة تدور حول واحدة من القضايا الحرجة, التي تقوم علي افتراض أن الإعلام أصبح لاعبا سياسيا, فلم تعد وسائل الإعلام مجرد أدوات إعلامية تقدم المعلومات والتحليلات فقط, ولم تعد أيضا مجرد مسألة ثقافية تتعلق بتوجهات الناس, وإنما لاعبين سياسيين حقيقيين يؤثرون علي توجهات الناس في نواحي معينة, خاصة ان برامج الحوارات قد اتجهت إلي مستوي من' الشعبوية' الذي تتم من خلاله مغازلة الجمهور للاحتفاظ به أمام الشاشات, كما أن الصحف المستقلة لم تعد كذلك, فهي بحكم الملكية علي الأقل صحف خاصة, اتجه بعضها إلي اليسار وبعضها نحو اليمين, وبالتالي لدينا قضية للنقاش. كانت المفاجأة هي الجانب التاريخي من الموضوع, فحسب الأستاذ صلاح عيسي, وهو مؤرخ عتيد للحياة المصرية, كانت لدينا وزارة في آخر وزارات الحقبة الملكية, اسمها' وزارة الدعاية', ويبدو أن كلمة الدعاية وقتها لم تكن سيئة, ثم أصبحت لدينا بعد الثورة مباشرة' وزارة للإرشاد القومي' هدفها إرشاد الناس, قبل أن يتم تبني مفهوم الإعلام, بمعني تقديم المعلومات, مقترنا بالثقافة أو منفصلا عنها, المهم في هذا الوقت, أن الواقع والتصورات المتعلقة به, يشيران إلي أن وسائل الإعلام كانت قابلة للسيطرة أو التوجيه, فلم يكن هناك سوي الصحف والإذاعات وبدايات التلفزيون, قبل أن ينفجر مفهوم الإعلام في وجه الجميع لتظهر أشكال من وسائل الاتصال لايمكن حصرها, أو السيطرة عليها. لكن فكرة السيطرة لاتزال في الأذهان, وسط قناعة عامة بأن الإعلام الحالي غير قابل للسيطرة عليه, إلا أن المشكلة هي أن الإعلام الجديد ليس أيضا' مجرد إعلام', فكثير من المواقع هي أجنحة إعلامية لتنظيمات سياسية, وقد تعلم الكثيرون الإرهاب من الإنترنت عبر التقاط الكتب المتطرفة أو تصميمات القنابل, وحاول البعض إثارة اضطرابات إليكترونية, كما بدأت ظاهرة القرصنة تنتشر علي نطاق واسع علي ساحة الشبكة الدولية, إضافة إلي أن كثيرا من المواد التي تبث تدمر أشياء مهمة, من توجهات الأطفال إلي الكرامة الشخصية, فقد أصبحت' الدنيا سايبة', لذا بدأ تعبير شرطة الإنترنت في الظهور في محاولة من' الأخ الأكبر' للسيطرة علي قطاعات معينة, تعتبر الأكثر خطورة, في ظل قاعدة اشتباك واضحة تشير إلي أننا مقبلون علي' الإعلام مابعد الجديد حتي يظهر له اسم ما الذي سيضطر الجميع إلي التفكير, ليس في معني كلمة الإعلام, ولكن في معني كلمة' السيطرة'. [email protected]