قال الكاتب فتحي عبدالسميع: إن معظم ما يجري منذ سقوط مبارك يُظهر أن أزمتنا ثقافية بالدرجة الأولي، لا أزمة طغاة وجلادين ولصوص وفاسدين وحسب، وهناك الكثير من الأحداث والسلوكيات المتخلفة التي جعلتنا نشعر بأن الثورة أكبر من ثقافة الشعب وقدرته علي استيعابها والسير بها في مسارها الصحيح. وأوضح خلال الجلسة الأولى من مؤتمر اتحاد الكتاب بعنوان "الثورة الثقافية لماذا وكيف" إن: إن النظام السابق لم يقم علي أفراد بقدر ما قام علي ثقافة معينة ما زالت منتشرة وسائدة. وتلك الثقافة هي التي صنعت النظام الفاسد ، وبدوره راح يرد لها الجميل ويكثف جهوده لدعمها كي تصبح أكثر قوة ، ونفوذا، وسيطرة علي الناس. وأكد أنه لكي تواصل الثورة نجاحاتها، يجب على الثوار إحداث ثورة فكرية في عقل الإنسان العربي ووجدانه، وان هذه الثورات لو نجحت في وضع دساتير جديدة، وانتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية نزيهة ولم تغير في العقول والضمائر والقلوب لأنتجت لنا رئيسًا أسوأ ووزراء أكثر فسادًا، لأن التحول سيكون أشبه بتغيير الأسماء دون الجوهر. ولفت عبدالسميع إلى أن تلك الثورة يبدو أنها غائبة عن أذهان القوى السياسية، فبرغم تضمن برامج الأحزاب السياسة التي أعلنت تأسيسها مؤخرًا عن برامج ثقافية إلا أن تلك البرامج خالية تمامًا من مفهوم الثقافة ولم يضعها أصحابها إلا تزينًا لبرنامج الحزب فقط، كما أنه تمح تنحية وزارة الثقافة حاليًا خارج القضية السياسية فلم يعد بحد تعبيره "لا أحد يسمع عنها شيئا، ولا يمكن لأحد أن يقارن أهميتها بأهمية وزارة الداخلية رغم أن غياب الأمن اثبت أن مشكلة مصر ليست في الجريمة، بل في الثقافة، وهذا يعني أن أهمية وزارة الثقافة لا تقل عن أهمية وزارة الداخلية، غير أن النظام السابق جعل من وزارة الثقافة شيئا لا أهمية له في حياتنا، حتى أن الغالبية العظمي لن تشعر بشيء لو استيقظت ذات صباح ولم تجد شيئا اسمه وزارة الثقافة". وفي سياق متصل قال الكاتب محمود الأزهري إنه :" إذا كنا نريد ثقافة مزدهرة وإنتاجا معرفيا غزيرا فيجب علينا العمل بكل جهد للارتقاء بالمستوي المعيشي للكاتب والمبدع والمثقف المصري والعربي، فلن يكون هناك إنتاج معرفي حقيقي غزير -كما وكيفا - في ظل تردي الأوضاع المعيشية والصحية للكاتب والمبدع، وإذا كان هناك كاتب يعاني من البؤس وقدم إبداعا جيدا أو فكرا مميزا فإن هذا هو الاستثناء غير المؤسّس على قاعدة". من جهة أخرى انتقد الناقد مهدي بندق فكرة التآمرية التاريخية الذي يرددها الإعلام في الفترة الحالية، مؤكدًا أن تلك الفكرة تنبع من هواجس ومخاوف البشر غير المعللة إلا بغموض الكون وتناقضات الحياة الظاهرة، وغالبًا ما تكون مقبولة عند العامة خاصة المهزومين منهم، إذ تتمحور فكرتها حول واقع المعاناة والضنك بحسبانه نتاج مؤامرة خفية نسجها الأعداء. وتساءل بندق "من هم هؤلاء الأعداء؟" وأردف:" كان بؤساء الأندلس يقولون في القرون الوسطى: إنهم المسلمون الغزاة ! واليوم سنقول نحن: بل اليهود الصهاينة والماسونيون الخبثاء. أم لعله القدر الغاشم؟ وقد يصور بعضنا هذه المعاناة وهذا الضنك مستعيرًا أسطورة سيزيف الإغريقي الذي عاقبته الآلهة بإجباره على رفع صخرة كبيرة من سفح جبل إلى قمته، وقبل أم يصل إلى القمة تهوي الصخرة من يديه إلى السفح ليعود لرفعها فتسقط وهكذا دوالي !! لماذا تفعل به آلهة الأولمب هذا الفعل القاسي؟ لتعاقبه على جرم ارتكبه. فأي جرم ارتكبناه نحن ؟ يقول السلفيون والأخوان إن هزيمتنا العسكرية في حرب 67 كانت عقابا من الله لنا أن سكتنا على الدكتاتور عبد الناصر وهو يعذبهم في المعتقلات، ولكنهم يتجاهلون تعذيبه للشيوعيين "الملاحدة" فهل كان الله ينتصف لهؤلاء أيضا ؟ وما ذنب الشعب المصري الذي لم يسمع لا بهؤلاء ولا بأولئك؟ بل وما ذنب الأجيال التي ولدت بعد موت الدكتاتور أن تعاني الفقر والإذلال والضياع؟! مؤكدًا أن تهافت تلك النظرية دائمًا ماتكون نابعة من عجز عن تقديم الأدلة والبراهين الكافية لاقتياد المتهمين الحقيقيين إلى ساحة المحاكم.