"11 قصيدة لشاعرات وشعراء من سوريا".. أعدت الملف: نور طلال نصرة ===== "رأيتُ كيف يكون العالم" حين اختصرنا الحديث ومرّت بنا الأشجار تباعًا مُعلّقة بكلّ منها من القلب شظيّة نعم.. رأيتُ العالم اليوم من نافذة السيارة وذو الشّفاه الجّافة بجانبي يمتطي الطريق وأنا المرطّبة بالدمع على شفاهي المتشقّقة ألعق جرحي المندمل مُلامسةً بعينيّ أزهار الطريق أحصي ما تبقّى بعد الحتّ والتّعرية من مشاعر مُجاورةً من لا يرى إلاّ زجاج النافذة وبعضاً من العجلات وكالكرة التي بعد أن ركلتها على الجدار عادت وأفقَت عيني... (هناء عبدو) ===== بعيداً عنك أنا الوجه الآخر ل"القمرة" شجرتي سماء أقطف عن صدرها النمش المزرق خرزاً أملأ سلّتي بالعيون و"المخمسات" ثم أعود إلى سريري آكل حبّات الخوف وحدي أطبطب على وحدتي بكل الكفوف الحارسة وأقرأ: "سبحان الذي وسع قلبه ما كان مني" * شجرة العسل في كفّي ترشح ذهباً مذ قلت "هات يدك" أنا الأنثى التي دمها نحل قلبي إسفنجةُ خيّاط عتيق عناقي مقصّ للرحيل أذني خليّة لشهد الوادعات الحلوة أنا جعبة النّدم التي يثقب فراقك ظهرها فتعود إلى وكر أحلامها يتبعها كلّ نمل الأرض ليحمل من قلبها دبق الاحتمالات.. ( لو) أنك كنتَ! (يارا أحمد) ===== في الشام القديمة يوشكُ قلبي أن يتمدد في لبلاب أن يتمزّق في أروقة ضيّقة تتعانق في همسٍ وعتاب يوشك عمري أن يتقوّس مثل قناطرَ راح يعانقها الضوء فذاب وأنا الشبّاك العاشق والمجنون لكفٍّ تنسى طرقتها فوق الباب يوشك قلبي أن يتبرّأ من شريانه أن يلقيَ بالزهر الذابل من شبّاكه أن يقطعَ أوردة الذكرى لتسيل دماء الشام على شرفاته يوشك قلبي والعمر زقاق خريف أن يسقط.. كالورق الذابلِ فوق رصيف و مساؤك قربي.. كالغيمة كنسيم الريح خفيف وحفيف الأشجار يناغيه يوشك قمرٌ وأنا أمشي في خطواتك أن يسقط من علياء سمائك ويتابع في العتمة رقص ظلالك لكأنّ الليل ستارٌ من بعض ردائك تسحبه أيدي الضوء وتُرخيه... بدمي نهرك يجري وكذا بردى، بدمي يجري وفراشاتك فوق قميص الزّهر تشربُ حبّات الضوء على أثري وأنا نهر دون ضفاف يجري والأيام كذلك تجري معنا تجري نحو التيه... (إبراهيم منصور) ===== خصرك خط استواء ينتظرني ليلتقط ساقي عن الخريطة يحملِقُ في الخطّ أسفل النعل أهو السّكك التي مرّت فوق جسدي البارحة أم الإله بعل يصلي قليلاً قبل المطر أنهض أجنّب صدري أسراره المفتوحة أبلع لساني من سكرةٍ غائبة أنظّف الوسائد وألقي شعري على واحدة فيهبط السقف متأبطاً جناحي قبلة وساقي؟! نسيتها بين أثينا ومقدونيا تقاتل صربيا يجتمع الشعب على اكتنازها ويلعق الفكرة لمن حبل الغسيل يصطف عليه سياسي الأمس؟؟ ولمن المدائن تُعلّق في رائحتها عرق الشرق؟؟ أسدلتُ هذا الجوّ على كتفك وبدأتُ العدّ: أربعمائة عام وتركيا تنتف ذقنك وأنت الآن تقف في الصّف ( Bien sure) فرنسا تمتّص لغتك لتبصقها أنت ولبنان تأكلك في أهليتها وأنت في مخيماتها تنتظر الرب؟؟ " خصرك خط استوائي" وزرع أسنانه تحت روح الجلد عرفت حينها أن الحيوان قد جن نزعتُ كل قلائدي واستسلمت للعجن خصري يتكوّر في آخر الفم ينبسط على صدري يُطوّق تفاحتي الكتف إني مقلوبة بحجم وطن يلاحق مداره بين عنقي وأسفل الخريطة حين وُضعت تحت قدمي (أريج حسن) ===== الكتفُ الذي لا يستند أحدٌ عليه، يضمر.. وأنتَ توضّبُ وحدتك في غرفتك المكعّبة، كنتَ حذرا من أن تثير الجلبة، فتُسيء إلى موسيقا طقطقة مفاصل الليل هناك.. كنتَ لبقاً كما لو كانت حبيبتك نائمة.. أحكمتَ إغلاق الحقيبة كما لو كانت وحدتك حسّاسة للبرد الآن في المحطة، تَشغل نفسك بالصّفير وإثارة جلبة صغيرة ريثما يصل القطار.. "النداء الأخير إلى المسافرين على متنِ قطار الرحلة الليلية إلى الغرفة المكعّبة: الرحلة على وشك الاستيقاظ" هل تذكر المرّة الأخيرة التي استيقظت فيها دون تشنّج في كتفك؟ (علاء عودة) ===== سبابةُ أمي مقبضُ الطمأنينة في ساحة الخوف شفتي السفلى مقبضُ الحرقة في ساحة الغيرة شقّوا شجرةً وعلّقوا على مقبض المطاط دلواً، في الطبيعة البشرية إمساكُ زمام الملابس والحقائب يستوجبُ جرح عنق الطبيعة وفي رواية أخرى.. حرقَ قلبي تأكّد أنّ لُبّه أبيضٌ ويقدرُ على جمع سبابتي وإبهامي تحت شِعار القبض على شفتي إمساكُ رائحة الغيرة يستوجبُ حرقَ أنف الطبيعة لقد تغيّرتُ.. وأصبحت شفتي إيماءة (مرح إسماعيل) ===== كلّما لجأتُ إليكَ وجدتكَ مفتوحاً مثل جرّة نسيَ حطّابوها أين وضعوا غطاءها تركوها للريح ولقفر شغفي المارق على صباحاتك الجرداء مثل الورق مثل انهيارات الجبال الخفيفة فوق المياه مثل تكلّس الزهور في أواخر الكهوف وهي تنظر لنفسها في المرآة وتظن بحالها امرأة.... * بودّي لو كان بجانبي كأس ماء يراقب معي كلّ هذا المطر ينزل من خدود الجحيم قذىً على النافذة أغمضُ عليه عيوني وأسحبُ الدّم من عروقه كحبيبات الفستق الصغيرة ورذاذ الصدى على الطريق وفتائل الزوفا حول القبّة الوردية التي تتحرّك كأنّها تهرب وكأنّها تفسح مجالاً للغروب لما أبعد عيوني كي تستريح من شدّة التعب من شدّة الوله يصير النوم غياباً ويغلق أجفانه عليّ كالزهرة لا أدري كيف دخلتُ أين خرجتُ ما طول عنقي وأخبط في ردائها كالعروس... (ميس الريم قرفول) ===== لا تتذكر المرأة رجلاً بوجهٍ كاملٍ وبأعوامٍ أكثر من سبعٍ مطباتٍ وحجر عثرة وحيد. لا يخرج المارد من النّهد الذي تفركه الأيدي المستعجلة. لا يشهقُ الفمُ الذي يرشحُ ريقهُ وشفتيه وجهين لنارٍ واحدة. لا يحبلُ بالصحو الرحمُ الذي يدفقُ داخلهُ ضبابُ الفزع. لهذا.. اذهب معي طويلاً في التمهيد وفكّر خارج الفراغ الذي خلّفه ضلعك المبتور في قميص المرآة قبل أن تشرب قهوتك.. دون الوسط علّق قرطاً على أذن النهار ودلّل حرّه بحطبٍ أكثر... * وأنّي إذ تنفّس الضوء أعياني ظلي وسمم جسدي بملحه. تاجر بي الوهمُ.. دقّ لي على دفةِ الحناجر المكسورة لأرقص له، جدّل يديّ وفركني بالصبار حتى تقشرتُ وخرجت طيور اللحم من صدري، فبكيتُ لأغسل كفني من دمه وأُجمّل موتي بالدمع حينما لوّح بي الوهم طويلاً.. وأفلتني!! (مرح مجارسة) ===== منذ أيام وأنا أصنع من الثلج رجالاً وسيمين بأزياء تناسب الموضة وعيون ملوّنة. رجال ثلج حقيقيين بأصابع طويلة وشعر مصفف أريهم صورك كل يوم وأوزّع عليهم الخرائط أدلهم على الطرق الأسرع نحو قلبك وأقرأ لهم القصائد " كل القصائد التي كتبتها لكِ" أعلمهم تهجئة اسمكِ وأتشارك معهم اتصالاتنا الهاتفية أنا صانع رجال ثلج بارع يملك جيشاً كاملاً من الجنود المهيئين للحب مجرم لطيف يسهر طوال الليل ويراقب من زجاج غرفته ينتظر بلهفة الرجل الأشد ذكاء بين الجميع الغبي الذي اختار حتفه وسار نحو ال(أحبكِ) ليسكب عليه الماء... (أحمد ودعة) ===== تقف وحيداً لا أحد يسندك من السقوط والهاوية امرأة شبقة تفتحُ ساقيها لك تبتلعُ حياتك المضنية وآثار الحب على جسدك لا شيء في الأعلى أكثر من عواء الريح قرب أقفال الماضي تقف وحيداً تُطلّ بحزنك على المتوسط لا أحد يسندك من الغرق المتوسط الذي لم يحتضن سمرة روحك الحزينة تحت شمسه تقف وحيداً وحيداً كما عرفت الحياة مرّة ونسيتها وتطير.. تطير صوب الهاوية " كنبتة خشخاش" تفكّر بإنجاب أطفال من مطرٍ عابر. * حينما أذهبُ يوماً ليأخذ الحانوتي العجوز قياسات جسدي للتابوت المهيب أعرف.. أعرف جيداً أنّ الحب سيكون قد أكل قلبي كلّه ولن يبقى شيءٌ منه للموت وهو ما سيجعلني ابتسم بلؤمٍ كبير في قبري. (وداد نبي) ===== أبني فرحاً من وهج الضوء وأتكاثر خفية تحت نبضك كيرقات الحب الطازجة لوليمة الاحتراق.. ما من ريح تحملني إليك فلماذا أفتح في قلبي نافذة وأوزع على المارين زهوراً وأمنيات.. من قال إنّ عطرك لا يشبهني كيف أقنعوك بذلك إنّه ينساب مني وقد أورثته جميع عاداتي السيئة.. (نور طلال نصرة)