تتمتع الدكتورة ربا جرادات، بخبرةٍ واسعة في مجال تصميم وإدارة برامج النمو الاقتصادي على المستوى الوطني، ومجال قيادة وضع الإستراتيجيات الوطنية وتنفيذها، وإدارة برامج تفوق موازناتها 300 مليون دولار، وعمل فيها أكثر من 250 موظفًا من جنسياتٍ مختلفة. أسست وأدارت د.جرادات مؤخرًا منتدى الإستراتيجيات الأردني، الذراع الاستشاري للبرلمان الأردني ومستشار استراتيجي للحكومة الأردنية للإصلاح المالي والاقتصادي، ما بين عامي 2008 و2013، وقامت بإدارة برنامج التنمية الاقتصادي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الذي وفر 63,000 فرصة عمل عالية الأجر. وعملت مديرة لبرنامج المنحة الأمريكية للأردن ما بين عامي 2005 و2008 والذي حسّن المالية العامة للدولة وأسس لبيئة أعمال جاذبة للاستثمار، كما عملت كمستشارة دولية في مجال التعليم العالي في بريطانيا. تحمل د.جرادات شهادة الدكتوراه في إدارة المساعدات الخارجية من بريطانيا، وهي حاصلة على عدة شهادات في الاقتصاد والقيادة من جامعة هارفارد، المعهد الفيدرالي الأمريكي، معهد البنك الدولي، وجامعة جورجيا. على هامش فعاليات مؤتمر العمل العربي في دورته ال 43 بحضور 22 دولة عربية التقتها "بوابة الأهرام" لنتعرف على رؤيتها تجاه ملفات عديدة كالبطالة في الوطن العربي، والعمالة المهاجرة، وأزمة الكفيل ... وإليكم نص الحوار... - من واقع عملك كمدير إقليمي لمنظمة العمل الدولية، هل الاقتصاد العربي في أزمة؟ الاقتصاد العربي يخضع حاليا لاعتبارات خاصة، ومن أهم العوامل التي تؤثر حاليا على الاقتصاد في منطقتنا الانخفاض الحاد في أسعار النفط. لكننا نعتبر ذلك قوة محركة مالية جديدة لبلدان هذه المنطقة. وقد يمثل ذلك فرصة للدول المصدرة للنفط لتسريع وتيرة تطوير السياسات الاقتصادية وسوق العمل. أما بالنسبة للدول غير المصدرة فيعني انفراجا لأنظمة الدعم الحكومي الباهظة فيها، ويمثل فرصة لإصلاح هذا الدعم. - بنهاية 2017 يتجاوز معدل البطالة 200 مليون شخص على مستوى العالم – هل لسوق العمل علاقة بذلك الأمر؟ هذا الرقم الذي تتوقعه منظمة العمل الدولية – 200 مليون عاطل عن العمل بحلول عام 2017 – سيكون رقما قياسيا للأسف. وبالنسبة لمنطقتنا تحديدا، فتتوقع منظمة العمل أن تكون المنطقة العربية من المناطق التي ستتحمل العبء الأكبر لزيادة معدلات البطالة. فلا تزال فرص العمل الهشة وغير اللائقة في الدول العربية تؤثر عميقاً على عالم العمل. ويُعتبر استمرار ارتفاع معدل البطالة، والذي يقدَّر حالياً بنحو 17 في المائة، المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار السائد في المنطقة.لقد آن الأوان لنا في هذه المنطقة كي نعالج قضية التفاوت الاجتماعي وما يرافقه من عدم المساواة الذي يضع عراقيل خطيرة أمام النمو الاقتصادي ويزيد الاضطراب السياسي. - كيف نتخطى أزمة البطالة بشكل عام في الوطن العربي وبشكل خاص في مصر؟ في مصر وفي الدول العربية عامة، حل أزمة البطالة تتطلب اعتماد سياسات العمل السليمة كأدوات فعالة في التخطيط لخلق فرص عمل وتنسيقه ومراقبته ضمن أطر سياساتيه وطنية، وعلينا أن نحول التحديات الجمة التي تواجهنا إلى فرص نستغلها لصالح المنطقة العربية. - هنا أشير أولا إلى الحوار الاجتماعي، أهم الأساليب السلمية والإيجابية لتطوير نمو شامل وتحسين ظروف العمل وتعزيز السلم والعدالة الاجتماعية، ولكن منطقتنا للأسف تفتقر إليها وبشدة. إننا ننظر إلى الحكومات العربية ومنظمات أصحاب العمل والعمال كأسس للتغيير، تساعد على تطوير سياسات جديدة وبناء مؤسسات قوية لتطوير عالم العمل في منطقتنا للأجيال الحالية ولأجيال المستقبل. ينبغي علينا دعم وتطوير القطاع الخاص الغني بفرص العمل في وقت لم يعد بإمكان الباحثين عن العمل الاعتماد على وظائف القطاع العام. علينا إغلاق الفجوةبين الجنسين لزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتطوير الاقتصاد الاجتماعي التضامني. كما علينا توسيع نطاق الحماية الاجتماعية،وأشير هنا إلى جهود مصر حيث تدعم منظمة العمل الدولية ما تقوم به الحكومة من خطواتٍ هامة لإصلاح نظام المعاشات التقاعدية بوضع أحكامٍ قانونية ذات صلة وبناء القدرات وتطوير إدارة نظام الحماية الاجتماعية. - هل الحماية في العمل متوفرة بشكل كاف أم أنها مفقودة داخل بيئة العمل؟ تُطور منظمة العمل الدولية وترعى نظاماً لمعايير العمل الدولية يهدف إلى تعزيز فرص حصول الرجال والنساء على عمل لائق ومنتج في ظروف من الحرية، والمساواة، والكرامة... وفي ظروف من الأمن والسلامة المهنية أيضا. وبالرغم من أن أجندة العمل العربية للتشغيل على التزام الدول الأعضاء في المنظمة بتطبيق المعايير لتعزيز أجندة العمل اللائق، فإن منطقتنا تفتقد للحماية الكافية ولآليات التفتيش في أماكن العمل. وتتعاون المنظمة في المنطقة العربية مع الحكومات وممثلي العمال وأصحاب العمل لتعزيز تطبيق معايير العمل الدولية الخاصة بالأمن والسلامة المهنية والتفتيش من خلال أنشطة توعوية، والإصلاح القانوني، وتطبيق القانون. - كيف ندفع الشباب للاتجاه للعمل في القطاع الخاص؟ معدل بطالة الشباب في المنطقة والذي تجاوز نسبة 28 في المائة عام 2015 أعلى بخمس مراتٍ من معدل بطالة البالغين وأكثر من ضعفي المعدل العالمي.وخلقت الأحداث العربية في السنوات الأخيرة إحساساً متجدداً بالحاجة الملحة لتسهيل حصول الشبان والشابات على عمل لائق. وفيما لا تزال اقتصادات المنطقة تصارع قضايا هيكلية، ينبغي مطابقة الاستثمارات التجارية مع المهارات ذات الصلة بالسوق لقيادة النمو الاقتصادي والعمل اللائق. وإضافة إلى التنوع الاقتصادي وتطوير القطاع الخاص بشكل عام، فهناك استراتيجيات خاصة فعالة في هذا المجال، مثل دعم وتطوير إدارة وتنظيم أنظمة تنمية المهارات لدي الشباب والتلمذة المهنية وخدمات التوظيف. - هل هناك دور تلعبه المنظمة تجاه اللاجئين العرب مثل سوريا وغيرها؟ إننا نشهد حالياً وللأسف الشديد أعداداً غير مسبوقةٍ من النازحين واللاجئين المتنقلين. فملايين الأشخاص يتركون منازلهم مع عائلاتهم لأسبابٍ ليس لها علاقةٌ بالعمل ولكن سيصبح لها حتماً آثارٌ كبيرة على سوق العمل. اللاجئون بحاجةٍ إلى العمل من أجل كسب لقمة العيش ولكن ليس على حساب المجتمعات المستضيفة، لذا يتعين علينا معالجة قضية حصول اللاجئين السوريين على عمل وحصول المجتمعات المستضيفة لهم على فرص عمل وعلى الدعم الكافي لمواجهة تبعات استضافة اللاجئين. كما أننا في منظمة العمل الدولية بصدد إعادة تفعيل برنامجنا في سوريا لدعم خلق فرص العمل والحماية الاجتماعية بهدف تمكين السوريين من البقاء في منازلهم وتشجيع اللاجئين على العودة إلى سوريا عندما يسمح الوضع بذلك. - كيف يتم التعامل مع أزمة المهاجرين ؟ الهجرة المصرية لبعض الدول العربية وفرت وظائف ومصدر رزق للعمال المهاجرين وأفراد أسرهم، إضافة لفرص لتعلم مهارات جديدة،وفي الوقت ذاته تساعد على توفير دول المقصد باليد العاملة، غير أنه تترتب على نظام الكفالة تكاليف باهظة وإجراءات معقدة، كما أنه يؤدي في بعض الأحيان إلى توظيف استغلالي وظروف عمل قاسية للعمال المهاجرين. لذلك ينبغي أن ندير هجرة اليد العاملة بطريقةٍ منظَّمة تراعي حقوق العمال بصورةٍ كاملة وتلبي الاحتياجات المشروعة لدول المنشأ والمقصد. ونعمل مع دول المنطقة نحو إجراء إصلاحاتٍ قانونية لتخفيض التكاليفوتحسين قدرة العامل على التنقل في سوق العمل وتوفير ظروف عمل أفضل للعمال المهاجرين. - أزمة الكفيل في الدول العربية متى سيتم تقنينها أو استبدالها بنظام أخر؟ إن التخوف المرسخ لدي الدول العربية من العمالة الخارجية ترجع لأسباب سياسية وأمنية أكثر من أي جانب أخر، ولابد من إعادة النظر في نظام الكفيل وتغيير سياسته بما يتفق مع معايير العمل الدولية، ومنظمة العمل الدولية بدأت مع دول الخليج التي لديها نية في إصلاح نظام الكفيل وعلى رأسهم الإمارات حيث أنها قامت بإصدار 3 مراسم جديدة سمحت بتغيير نظام الكفيل ونقل العامل لصاحب عمل جديد وتهدف المنظمة لإلغاء نظام الكفيل بشكل عام ولكن بطريقة تدريجية. - في ظل عملكم المتعلق بالعمل والعمال ما هي سياستكم في توفير فرص العمل؟ سياستنا تتركز على خلق فرص العمل المواكبة للتغييرات في المنطقة، مع وضع في الاعتبار أن تكون فرص العمل برواتب مناسبة مع طبيعة كل دولة، وبدأنا في عمل مشروعات لتنمية المهارات لدي الشباب حتى تكون مناسبة لسوق العمل. .