"التمثال أبو رجل مسلوخة.. والتمثال اللي صبوا عليه خرسانة أسمنت" هذه هي الصفات التي أطلقها رواد موقع التوصل الاجتماعي، لفيسبوك، منذ مساء أمس الخميس، على تمثال المعبود آمون بمعبد الكرنك بمحافظة الأقصرجنوب صعيد مصر. صفحات التواصل الاجتماعي، التي حفلت بسخرية المعلقين من صورة المعبود آمون والترميم الذي طاله، طالبت برد من المسؤلين علي تلك الصور، مؤكدين أنه مشوه ولا يحمل قيمة جمالية للحضارة المصرية القديمة، حيث تم وصف الترميم بسخرية "أصل الرجل اتشرخت". المسؤلون بآثار الأقصر قالوا إنه لم تجر أية عملية ترميم حديثة لتمثال آمون، وأضاف أمين عمار، مدير آثار الكرنك في تصريح، مساء الجمعة، ل"بوابة الأهرام" أن التمثال موجود على حالته منذ مئات السنين، مشيرا إلى أنه لايدري بما تم تداوله على صفحات التواصل الاجتماعي بشأن التمثال. المشاهد لتمثال المعبود آمون، الذي انتشرت عبادته لتكون هي الديانة الرسمية للبلاد، الواقعة تحت حكم الإمبراطورية المصرية في عهد الملك تحتمس الثالث، ليعبد في بلاد آسيا، مثلما عبد في مصر، ويعبد في أوروبا في عهد الرومان، يطرح تساؤلا مهما: هل تحول ترميم الفرنسي ليجران منذ 100 عام للتمثال، الذي يقبع حاليا بمعبد الكرنك، والتقطته كاميرات "السوشال ميديا" لآثار آخرى على هذا التمثال الأثري الموغل في القدم؟ حيث الساق التي وضعها ليجران على التمثال مر عليه 100 سنة كاملة كما يؤكد الأثريون. الباحث الأثري فرنسيس أمين يشير إلى أن ترميم ليجران، الذي يتم النظر له على أنه تشويه للتمثال، تحول لآثر بسبب قدمه، لافتا إلى أن ترميم التمثال أنقذه من السرقة والضياع؛ حيث تم اكتشافه على يد الأثري ميريت، في منتصف القرن التاسع عشر، دون ساق، وقام ميريت آنذاك بوضعه على الأرض لينقذ التمثال الأثري ليجران، بعد أن قام بوضع ساق له. كان ميريت قد عثر على تمثال آمون وهو يقوم بتنظيف المنطقة الواقعة أمام قدس الأقداس بمعبد الكرنك، كما يوضح أمين، لافتا إلى أن ميريت عثر عليه بهيئته التي تنتمي لرسومات تل العمارنة، دون ساق، ومضيفا أنه عثر على تمثال زوجة المعبود، التي تدعى أمونت أيضا في معبد الكرنك، الذي كان يضم عبادة آلهة مصر الكبرى ومنها الإله آمون، الذي احتل صدارة الآلهة المصرية منذ الدولة الوسطى الفرعونية. تعرض معبد الكرنك للكثير من التدمير لآثاره ومقاصيره بسبب الثورات العديدة التي نشبت في العصور الفرعونية؛ ففي عصر أخناتون قام المؤمنون بديانة المعبود الجديد آتون بتحطيم تماثيل الإله آمون في الكرنك، وبعد انتصار عبادة الإله آمون قام المؤمنون بديانته بتحطيم عدد من التماثيل للآلهة الأخرى ومايمت لعصر أخناتون بصلة، وهي الثورات التي ألقت بظلالها على معبد الكرنك، وعلى كافة تماثيله الأخرى أيضا على مدار التاريخ المصري القديم. يقول فرنسيس أمين إن اللوحة التي عثر عليها الأثري المصري منصور بريك في عام 2007 أظهرت ماحل بالتماثيل والمقابر جراء الثورات التي نشبت، "فأحد الكهنة حسب ما أورد النص المكتشف يؤكد إنه حصل نوع من الترميمات جراء ما أحدثه الغوغاء من تدمير، حيث قامت ثورة ضد الإله ست، وتم حرق مقبرة ستي حر خبشس، ابن رمسيس الثالث في وادي الملكات، وتم محو الخراطيش الملكية للملك ستي الثاني. يقول أمين إنه تم اجراء وضع أنف للتمثال منذ 20 سنة مضت، على يد الأثري لارشيل، لافتا إلى أن الصور الفوتوغرافية القديمة لتمثال المعبود آمون كانت لا تحوي الأنف، التي قام بلصقها لارشيه، الذي اعترف بأنه قام بلصق الأنف للتمثال بعد العثور عليها، لافتا إلى أن لارشيل لم يقم منذ 20 سنة بوضع منشور علمي عن كيفية وضع أنف للتمثال الذي يتواجد بمعبد الكرنك. وختم أمين حديثه قائلا إن كافة الخريجين في علوم الحضارة الفرعونية لم يستنكروا قيام الأثري ليجران بوضع ساق للتمثال منذ 100 سنة، مطالبا الجيل الجديد من شباب المصريين بعدم إلقاء التهم "دون معرفة حقيقية بقواعد تاريخ الترميم من جهة، ومعرفة التطورات التي لحقت بعلم المصريات منذ قديم الزمن".