في بدايات القرن العشرين، هرب عشرات العمال العاملين في معبد الإله "بتاح" زوج الآلهة "سخمت" آلهة الحرب والدمار، في منطقة القرنة بالأقصر، إثر سقوط جدار مبني بالطوب اللبن الهش علي رءوس الأطفال، خوفا من "أمنا الغولة" المرتبطة بالآلهة "سخمت". وكانت بعثة ألمانية قد أعلنت، اليوم الأربعاء، العثور علي تمثالين من الجرانيت الأسود للإله "سخمت"، وهو إله الحرب والانتقام لدى المصريين القدامى، والذي يتم تصويره بشكل أنثي برأس لبوة، وذلك بمدينة الأقصر، في معبد "أمنحتب الثالث" والد أخناتون. وفي عام 1910، قام رجل من الأقصر بالزواج أكثر من مرة، بسبب الإنجاب، وحين يأس قام بالذهاب إلي المعبد، الذي يضم الإله بتاح إله الخلق، وقام بتهشيم الآلهة "سخمت"، وزوجها "بتاح".. هذا ما قاله الباحث الأثري فرنسيس أمين ل"بوابة الأهرام"، مؤكدا أن ارتباط عادة الإنجاب بالآلهة "سخمت"، وزوجها "بتاح" إله الخلق عند المصريين معروف حتي يومنا. الدوران حول "سخمت"، هذا ما تفعله الأنثي، التي تريد أن تنجب، وهذا ما رصده القاص يحيي الطاهر عبدالله، في قصته الشهيرة "الطوق والأسورة"، وهذا ما يوضحه الأثري أمين، مشيرا إلي أن الباحث الأثري جورج ليجران حين أراد إقناع العمال الهاربين بالعودة للعمل مرة أخري أقنعهم بأنه يعرف تعاويذ فرعونية تقضي علي مفعول "أمنا الغولة"، أو الآلهة "سخمت"، وهذا ما حدث. وقد أكدت وزارة الآثار، في بيان لها، أن أحد التمثالين المكتشفين لا يزال الجزء الأسفل منه مدفونا في موقع اكتشافه، وهو يمثل الإله "سخمت" جالسا على العرش في جسد آدمي ورأس أنثى الأسد، ويبلغ ارتفاعه 174 سنتيمترا، أما التمثال الثاني، فهو منحوت بشكل جيد، ويبلغ ارتفاعه 45 سنتيمترا. بينما أكدت البعثة الألمانية أن المعبد الجنائزي تأثر كثيرا من زلزال مدمر ضرب المنطقة فى نحو عام 1200 قبل الميلاد. الباحث فرنسيس أمين أوضح أن الزلزال، الذي ضرب مصر في عهد الملك "سيتي"، كان زلزلزلا أفقيا، وليس رأسيا، وهو الزلزال الذي أدي إلي دفن التماثيل، التي صنعها الملك "أمنحتب الثالث" للآلهة "سخمت" آلهة الحرب والانتقام، لعمق 3 أمتار، وما يوازي أساسيات المعبد. في المعبد الجنائزي، الذي بناه والد "أخناتون" للآلهة "سخمت"، قصة مشهورة، حيث كان المعروف في مصر القديمة أن الطبيب هو خادم "سخمت"، ومن يوقف مفعولها، أيضا، فقد كانت "سخمت" مرتبطة بالتمائم، وابتغاء الشفاء، وهو ما دعاه إلي صنع مئات التماثيل في معبده للآلهة، وتمثيلها بحركة الغروب والشروق، كأنه يتعبد لها ليلا ونهارا. وأضاف أمين، أن الباحثة الأثرية "هورج سوروزيان" مديرة البعثة، التي تعمل في المعبد، اثبتت ان الزلزال الذي ضرب مصر، في بدايات حكم "سيتي الثاني"، هو المتسبب في دفن هذه التماثيل لمستوي أساسيات المعبد، لافتا إلى أن الزلزال جعل "سيتي" يقوم بعمل حملة ترميم لجميع معابد مصر، ومنها معبد أبو سمبل في محافظة أسوان. والدراسة، التي أجرتها الباحثة "هورج سوروزيان"، وهي باحثة متخصصة في التماثيل منذ ما يقرب من 10 سنوات، أدت لاكتشاف 150 تمثالا للآلهة "سخمت"، وهذا ما يوضحه فرنسيس أمين، مؤكدا أن "سخمت" المرتبطة شعبيا عند المصريين بالرعب، كانت مرتبطة عند القدامي بالانتقام والكوارث. لذلك في اللهجة الشعبية الدارجة عند الصعايدة، أتي لفظ "اسخطك"، وهو لفظ قريب من "سخمت"، كما يوضح الباحث أمين، لافتا إلى أنها كانت تمثل القوي الجبارة، وهو ما جعلها مرتبطة بالخوف والهلع، وهذا ما أوضحه الباحث الفرنسي جورج ليجران، الذي كان مجبرا على أن يطمئن العمال البسطاء أن ما حدث من تهدم الحائط الطيني، ليس من جراء سخمت "أمنا الغولة"، كما أطلقوا عليها. أمنا الغولة "سخمت" جعلت الباحث الفرنسي ليجران يستقي جميع موروثنا المصري، ويدونه في قصته الشهيرة عن "غولة الكرنك" "الأقصر بلا فراعين: آلهة الرعب سخمت في مصر القديمة".