أثار العرض المسرحي المصري " سيد الوقت " لفرقة مسرح الغد، التابع للبيت الفني للمسرح، تأليف فريد أبو سعدة ، وإخراج ناصر عبدالمنعم، إعجاب الكثيرين من الجمهور، لدى عرضه على خشبة مسرح الدسمة، مساء أمس الثلاثاء، ضمن العروض الرسمية للدورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي في الكويت، وكان ذلك واضحًا ،من خلال التصفيق الحار المتكرر للرؤى الإخراجية، والأداء التمثيلي الجيد، والفكرة التي ارتكز النص عليها ، وكذلك الغناء الطربي الذي كان ينبعث من خلفية الخشبة، عبر ساتر شفاف بدا كما لو كان شاشة سينمائية، وظفه المخرج بشكل جمالي، ولكن في الوقت نفسه أصاب العرض الجمهور بالصدمة، من خلال تناوله رموزًا تاريخية تحظى بالتقدير لدى عامة المسلمين، مثل القائد صلاح الدين الأيوبي، الذي قدمه في صورة سلبية مفاجئة للجمهور ، وماترسخ عنه في أذهان ملايين المسلمين والعرب، إذ قدمه كشخص يده مخضبة بدماء العنف، وعدم تقبل الرأي الآخر. ناقش العرض الوقائع التي حدثت للفيلسوف المتصوف شهاب الدين السهروردي، الذي عاصر نهاية الدولة الفاطمية، وبداية تأسيس القائد صلاح الدين الأيوبي الدولة الأيوبية ، وما تعرض له من عنف، وإقصاء بسبب فكره ، كما حفل العمل بجوانب كثيرة من المحاورات، والمساجلات الفكرية بين طرفين متناقضين، من خلال حوار مسرحي ممتع، حمل في الكثير منه إسقاطًا على الواقع الذي نعيشه الآن ، من حيث انتشار العنف ، وقطع الرؤوس البشرية، ومحاولة فرض كل طرف وجهة نظره بالقوة، والدم، بعيداً عن الحوار، والتعايش السلمي في مجتمع يكون أكثر أمانًا ،عندما يتقبل جميع الأطراف غيرهم برحابة صدر وتسامح. وفي الندوة النقاشية التي أعقبت العرض، وشارك فيها المخرج ناصر عبدالمنعم، وأدارها الإعلامي الكويتي بسام الجزاف، وعقب عليها الناقد الدكتور الكويتي حسين علي ، أثار العرض الجدل في تقييمه، وانقسم المشاركون بالندوة إلى أكثر من فريق، ما بين مؤيد، ومعارض ، ومهاجم ، إلا أن مخرج العرض ناصر عبدالمنعم استقبل كل هذه التناقضات التي حفلت الندوة بها بصدر رحب، ورد عليها بإتزان ورصانة. قال المخرج ناصر عبد المنعم :"لجأت لشخصية السهروردى لأنها أكثر درامية من شخصية الحلاج التي تربينا عليها في مصر، و نحن في معركة فكرية مع الأفكار المتطرفة، ولا نملك رفاهية تفكيك النص، فأمامنا تحديات، وأسئلة تاريخية، وجدل مجتمعي ، كما أن العرض قدم لنا إشكاليات وجدلية مفتوحة تستوعب تأويلات مختلفة". فيما قال معقب الندوة:" النص اتكأ على الوعي التاريخي، الذي هو المفتاح الأول لحل مشكلات الإنسان العربي، كما أن الكاتب والمخرج صنعا مسرحيتهما لتطوير عقلية المتلقي، من خلال الوعي الجمعي للحقيقة التاريخية، وتأمل الماضي لوعي الواقع الراهن، فالعودة إلى التاريخ ظاهرة مسرحية معروفة عالميا بالطبع، لكن الجديد هنا كان الاستخدام للوعي التاريخي، مثل المسرح الأثيني، وأهل اثينا، الذين كانوا يحضرون إلى المسرح لمشاهدة وسماع القراءة الجديدة للقصص القديمة، ولكن من زاوية مختلفة".