صادف أمس 17 من ديسمبر قبل 110 أعوام، ميلاد سيمو هايوها، الذي يصفه كثيرون بأعظم قناص في التاريخ العسكري، والذي استطاع خلال مائة يوم تقريبًا أن يبث الرعب في قلوب قوات الجيش السوفييتي، التي غزت بلاده فنلندا، خلال ما يعرف بحرب الشتاء بين عامي 1939-1940. هايوها الذي نشأ في عائلة بسيطة بأحد الأقاليم الجنوبية قرب حدود روسيا، عمل بالفلاحة والصيد قبل أن يلتحق بالخدمة العسكرية عام 1925، حيث أظهر براعة فائقة في الرماية. وتشكلت "أسطورة" هايوها خلال حرب الشتاء ضد الاتحاد السوفييتي، بعدما استطاع قتل 505 جنود من قوات الجيش الأحمر في فترة تقل عن مائة يوم، فيما يؤكد مؤرخو الجيش الفنلندي أن ضحايا هايوها بلغ عددهم 542 جنديًا سوفييتيًا. وامتاز هايوها بقدرته العالية على التخفي معتمدًا على ملابس التمويه البيضاء، وحرصه على تجنب استعمال عدسات زجاجية مكبرة حتى لا يكشف انعكاس ضوء الشمس عليها موقعه، كما أنه اعتبرها غير مفيدة كثيرًا في الأجواء الباردة، إذ تصعب الرؤية من خلالها لأنها تكون ضبابية، كما كان يعدها خطيرة للغاية على حياة القناص، الذي سيضطر لرفع رأسه قليلاً ليرى هدفه من خلالها، ولذلك فضل عليها علامة التصويب الحديدية، المثبتة في بندقية التصويب. واعتمد هايوها على أساليب خاصة لتقليل حجم الثلج المتناثر جراء إطلاق الرصاص من بندقيته المعدلة من طراز (M/28-30)، كما عرف عنه ابتلاعه لكميات من الثلج خلال عمليات القنص بهدف منع أي انبعاث للبخار أثناء تنفسه، وذلك لتجنب انكشاف موقعه. وبعدما بلغت أسطورة الأعداء السوفييت، أطلقوا عليه اسم "الموت الأبيض"، وقرروا إرسال فرق قنص متخصصة تستخدم أساليبه ذاتها للتخلص منه، كما لجأوا إلى قصف الأماكن التي كانوا يشكون في تواجد هايوها بها، لكنهم لم يتمكنوا من القضاء عليه على الفور. ولكن.. وفي السادس من مارس عام 1940 أصيب هايوها بطلقة نارية، فقد إثرها الجزء الأيسر من فكه، لكنه بقي على قيد الحياة، واستفاق من غيبوبته بعد أسبوع، ليشهد توقيع اتفاقية سلام بين البلدين. ولاحقًا استعاد هايوها عافيته، واستكمل حياته كصياد محترف وعمل في مجال تربية واستيراد الكلاب، قبل أن يتوفى بصورة طبيعية في إحدى دور الرعاية لقدامى المحاربين عام 2002، عن عمر ناهز 96 عامًا.