ألقي الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، كلمة خلال الجلسة الختامية لمنتدى رجال الأعمال المصرى – اليونانى. جاء نص الكلمة كالتالى: اسمحوا لى فى البداية، أن أعرب لكم عن سعادتى مجددا بالتواجد بينكم اليوم فى اليونان .. هذا البلد العظيم ذو الحضارة الضاربة بجذورها فى أعماق التاريخ حضارة أثرت العالم فى مختلف فروع الثقافة والعلم والمعرفة ووصل نتاجها الحضارى إلى دول جوارها الجغرافى .. فأثراها وأثر فيها وأثمر عن علاقات متميزة وبناءة بين بلدينا الصديقين على المستويين الرسمى والشعبى. كما يطيب لى أن تنتهى فعاليات اليوم الأول من هذه الزيارة بما تضمنته من لقاءات بناءة وإيجابية على المستوى السياسى بإتاحة الفرصة لى للحديث أمام هذا الجمع المتميز من شركائنا فى التنمية من القطاع الخاص فى ختام منتدى الأعمال المصرى اليونانى. إننى على اقتناع تام بأن عماد الشراكة بين بلدينا الصديقين .. يقوم على اضطلاع رجال المال والأعمال والصناعة بدور أساسى فى تحقيق التنميةمن خلال الاستثمار فى مشروعات مشتركة تعود بالفائدة على البلدين وتحفز النمو الحقيقى لاقتصادهما وتوفر فرص العمل لأجيالهما الشابة. إلا أننى أدرك، أن مسئولية كبيرة تقع على عاتقنا كحكومات لتوفير سبل توطيد وتطوير مثل هذه الشراكة وتمهيد الطريق لها وإزالة ما قد يقف أمامها من عقبات إجرائية. وفى هذا الصدد، قامت مصر باتخاذ كافة الخطوات.. وإصدار التشريعات المطلوبة لخلق مناخ جاذب لرؤوس الأموال والاستثمارات الخارجية بما فى ذلك إجراءات رادعة لمكافحة الفساد وإزالة كافة المعوقات البيروقراطية وتسهيل الإجراءات المرتبطة بتسجيل الشركات الجديدة الراغبة فى العمل بالسوق المصرية فى أسرع وقت ممكن والنظر فى منحهم امتيازات ضريبية وفقا للقطاعات والمناطق التى يستثمرون بها فضلا عن العمل على تفعيل الآلية الخاصة بحل المنازعات القائمة مع بعض الشركات العاملة فى مصر. وبالإضافة إلى ما سبق، فقد عملت الدولة المصرية بدأب على مدار العام الماضى لتأمين مصادر الطاقة اللازمة لبرنامجنا التنموى الطموح بما فى ذلك الاستثمارات الأجنبية المباشرة إذ استطعنا بفضل هذه الجهود وضع أقدامنا على الطريق السليم لتأمين مصادر متنوعة من الطاقة من خلال مشروعات مختلفة وعملاقة لإنشاء محطات الطاقة التقليدية أو المتجددة أو النووية. وفى هذا الصدد، فقد أتاحت الاكتشافات الكبيرة للغاز الطبيعى فى المياه الإقليمية المصرية فرصا واعدة للتعاون بين مصر واليونان وقبرص من أجل استغلال هذه الثروات فى تحويل الدول الثلاث إلى مركز لمشروعات الطاقة فى منطقة شرق المتوسط دعما لخططها الطموحة للتنمية فى السنوات القادمة. وإذ يستمر التواصل والتعاون المثمر فى هذا المجال بين المسئولين فى الحكومات الثلاث فإننا نتطلع لمشاركة واسعة منكم باغتنام فرص الاستثمار الواعدة فى قطاع الطاقة فى مصر بالإضافة إلى فرص الاستثمار الأخرى فى مجالات النقل البحرى والتكامل بين الموانئ المصرية واليونانية وزيادة حركة السياحة والنقل البرى. لقد تحركت الدولة المصرية خلال السنة الماضية بخطى سريعة لتحفيز اقتصادنا وفق رؤية عملية واضحة ومحددةاستندت إلى خارطة طريق اقتصادية تضمنت مزيجا من الخطوات العاجلة والإصلاحات الهيكلية الضرورية. وشملت إصلاحات مهمة فى السياسة المالية والضريبية وترشيد الدعم وتخفيض عجز الموازنة وإصدار تشريعات جديدة لجذب الاستثماروالبدء فى تنفيذ مخطط قومى للتنمية العمرانية وإطلاق عدد كبير من المشروعات العملاقة التى نعتبرها قاطرة لإنعاش الاقتصاد المصرى. ولعل أبرزها مشروع قناة السويس الجديدة، الذى أود أن أؤكد أنه الخطوة الأولى نحو التنمية المتكاملة لمحور القناة، والتى تم بالفعل وضع الخطة الشاملة لتنفيذها، وتم تدشين المرحلة الأولى منها منذ أيام قليلة. ولعلى أنتهز هذه الفرصة لتوجيه دعوة خاصة لممثلى القطاع الخاص اليونانيين للتعرف على الفرص الكبيرة، التى سيتيحها هذا المشروع العملاق للاستثمار فى مجالات التميز اليونانية مثل النقل البحرى، وما يرتبط به من خدمات وأنشطة سواء فى الموانئ أو فى المناطق الصناعية التى ستنشأ على محور القناة. كما بدأنا بالفعل نلمس نتائج إيجابية للجهد الذى بذلناه على مختلف مؤشرات الأداء الاقتصادى ترجمت إلى زيادة ملحوظة فى معدلات الاستثمار الأجنبى ونشاط البورصة المصرية بما يعكس ثقة المجتمع الدولى فى استعادة الاقتصاد المصرى لاستقراره ونشاطه. فضلا عن تحسن تصنيف الاقتصاد المصرى من قبل مؤسسات التصنيف الائتمانى الدولية، ورفع المؤسسات المالية لتوقعاتها بشأن معدلات النمو المستقبلية فى مصر. كما زاد الاستثمار الأجنبى المباشر إلى نحو 5.7 مليار دولار خلال الفترة من بداية يوليو 2014 إلى نهاية مارس 2015 فقط ووصول معدل النمو إلى 4.1% فى عام 2014/2015 والذى نتوقع وصوله إلى 5.2% فى العام المالى الحالى 2015/2016. لقد انتخب الشعب المصرى برلمانه وممثليه التشريعيين، بما يستكمل البناء الدستورى للدولة المصرية المدنية الحديثة ومؤسساتها الديمقراطية ويتيح مناخا صحيا للاستقرار السياسى ويحقق الأمن والسلم الاجتماعيين، ويفسح المجال للتركيز على أولويات المرحلة القادمةوالتى يأتى فى مقدمتها دفع الاقتصاد الوطنى لتحقيق آمال وطموحات الشعب المصرى. وختاما، اسمحوا لى مرة أخرى، أن أؤكد لكم أن مصر ترحب بكم شركاء أعزاء فى مسيرتها نحو التنمية، وتفتح أبوابها للجميع من أجل العمل والإنتاج وتتطلع إلى إسهامكم القيم فى البناء على تاريخ ممتد من التبادل التجارى والاقتصادى بين حضارتين عظيمتين أقامتا قديما جسرا من الرخاء عبر البحر المتوسط، وتقفان حديثا فى مقدمة من يبتغون مستقبلا أفضل لشعوب هذه المنطقة المهمة من العالم.