يتشابه وضع الرئيس الفرنسى اليمينى نيكولا ساركوزى مع وضع الرئيس السابق حسنى مبارك. ففى الوقت الذى يتمتع فيه ساركوزى بتأييد قوى من قبل حكومته وحزب الأغلبية المؤيد له، يفتقد ساركوزى للشعبية فى الشارع الفرنسى لدرجة أنه أصبح الرئيس الأقل شعبية منذ أن تأسست الجمهورية الفرنسية الخامسة على يد الزعيم الراحل شارل ديجول فى نهاية الخمسينيات من القرن الماضى. يتنافى التأييد الذى يحظى به ساركوزى من جانب المحيطين به فى الحكومة والرئاسة والحزب الحاكم مع نتائج استطلاعات الرأى العام التى تتنبأ بخسارة الرئيس ساركوزى للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها فى مايو 2012 أمام أى مرشح يتقدم به الحزب الاشتراكى الفرنسى ( حزب المعارضة الرئيسى )، بل إن بعض هذه الاستطلاعات وصلت فى يقينها بفشل ساركوزى فى الانتخابات الرئاسية القادمة إلى درجة أنها لم تستبعد أن يفشل فى مجرد الوصول للدور الثانى والحاسم للانتخابات الرئاسية لو واجه فى الدور الأول مدير عام صندوق النقد الدولى، دومينيك شتراوس كان، أحد أقطاب الحزب الاشتراكى الفرنسى و مارين لوبين زعيمة اليمين المتطرف. تزعم رئيس الوزراء فرانسوا فيون، الحملة المؤيدة للرئيس ساركوزى رغم تدنى شعبيته إلى أدنى مستوياتها قبل 12 شهرا من الانتخابات الرئاسية والتشريعية، واصفا إياه بأنه رئيس لا مثيل له وشجاع فى قراراته وملتزم وحاسم فى مواقفه وحر فى اختياراته. أضاف فيون أمام مجموعة من أنصار حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية ( حزب الأغلبية اليمينى المؤيد لساركوزى ) أنه يثق فى أنه عندما تأتى لحظة الحسم ويقف الفرنسيون أمام صناديق الاقتراع فى انتخابات عام 2012 لاختيار المرشح الذى سيقود بلادهم لمدة 5 سنوات قادمة فإنهم سيختارون بكل تأكيد الرئيس ساركوزى الذى يتمتع بالمصداقية و الخبرة و تحمل المسئولية فضلا عن الاحترام الذى يحظى به على الساحة الدولية. من جانبه لم يكن وزير الدفاع، جيرار لونجيه أقل حماسا للرئيس ساركوزى من رئيس وزرائه حيث وصف ساركوزى بأنه يتمتع بقوة الشخصية والحسم فى اتخاذ القرارات والشجاعة والبسالة فى المواقف مما جعله جديرا بلقب القائد الأعلى للقوات المسلحة. يرى المحلل السياسى الفرنسى بيير بيريجوفوا أن حصول ساركوزى على لقب الرئيس الأقل شعبية فى الجمهورية الفرنسية الخامسة يعكس خيبة أمل الفرنسيين من سياسات ساركوزى على المستويين الداخلى والخارجى. وأضاف بيريجوفوا أن عدم نجاح ساركوزى فى رفع مستوى معيشة الفرنسيين وتحسين قدراتهم الشرائية إضافة إلى عدم توفيقه فى العثور على حلول حاسمة لمكافحة البطالة تعد من الأسباب الرئيسية التى ساهمت فى ضعف شعبيته على المستوى الداخلى. وأوضح أن ساركوزى ساهم أيضا من خلال بعض مواقفه فى فقد ثقة الفرنسيين به كرئيس جدير بقيادة فرنسا الدولة الكبرى، مثل دخوله فى مشادات مع مواطنين حاولوا إستثارته مثل ذلك المزارع الذى نجح فى إخراجه عن شعوره ليتبادل معه الإهانات على شاشات التلفزيون، بعد أن برر المزارع رفضه لمصافحته بحرصه على عدم تلويث يده. يعتقد بعض الفرنسيين أنه كان يتعين على الرئيس ساركوزى السيطرة على أعصابه بدلا من الظهور بمظهر الرئيس المهزوز عندما قام المزارع بإستفزازه. كما تتحمل أيضا السياسة الخارجية الفرنسية قدرا من أسباب ضعف شعبية الرئيس ساركوزى، لاسيما فشله فى توقع إندلاع الثورات العربية حيث أمضى على سبيل المثال رئيس وزراءه فرنسوا فيون إجازة رأس السنة فى ضيافة حسنى مبارك قبل تنحيه عن السلطة بشهرين فقط. وهو نفس الخطأ الذى كانت قد إرتكبته وزيرة دفاعه ميشال أليو مارى عندما أمضت نفس الإجازة على نفقة أحد رجال الإعمال المقربين من الرئيس التونسى المخلوع زين العابدين بن على. يبدو أن إستقالة ميشال أليو مارى لم تنس الفرنسيين فشل السياسة الخارجية الفرنسية فى توقع الأحداث قبل وقوعها. كما ساهمت أيضا إقتراب مواقف الرئيس ساركوزى من مواقف الولاياتالمتحدة على المستوى الدولى فى تدنى شعبيته . ويرى المحلل الفرنسى بيريجوفوا أن الفرنسيين لا ينظرون بإرتياح لسياسة ساركوزى الخارجية القائمة على إتخاذ مواقف تتطابق إلى حد بعيد مع سياسات الولاياتالمتحدة لتفقد الدبلوماسية الفرنسية بذلك أهم ما كان يميزها منذ الخمسينات من القرن الماضى و هو إستقلالية السياسية الخارجية الفرنسية عن السياسة الخارجية الأمريكية. يشار إلى أن الرئيس ساركوزى لم يعلن حى الآن عن ترشحه لفترة رئاسية ثانية غير أن جميع الشواهد و التصريحات الصادرة من وزراء حكومته و قيادات حزبه الحاكم تؤكد أنه فى طريقه للترشح لفترة رئاسية ثانية تماما كما كان مبارك على أعتاب الترشح لفترة رئاسية جديدة لولا أن أطاحت به ثورة 25 يناير.