100 مليار جنيه هو إجمالي حجم الديون الرديئة التي عجزت البنوك عن تحصيلها من العملاء المتعثرين، مما دفعها إلى تجنيب مخصصات لهذه الديون علي حساب أرباحها.. ويضاف إلى هذه المبالغ القوائم الجديدة للعملاء الذين تعثروا في أعقاب الأزمة المالية العالمية وبسبب تداعيات ثورة 25 يناير. لهذا لجأت البنوك إلى التشدد في منح الائتمان وكان من نتيجته أن 50 % من إجمالي الإيداعات البالغة 2 ,1 تريليون بعد استنزال ال 14 % حصة الاحتياطي لدي البنك المركزي أصبحت مكدسة بلا توظيف وتدفع البنوك عوائد لأصحابها وتبلغ هذه الأموال أكثر من 470 مليار جنيه مما يزيد من خسائر البنوك وتأكل أموال المساهمين والمودعين . بداية يوضح بيومي عليوة، مستشار أحد البنوك الاستثمارية، أن اللقاء الذي حدث مؤخرا بين الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي المصري وعدد من قيادات البنوك تطرق إلى جملة الديون التي تعثر البنك في سدادها وأن هذه الديون أصبح من الصعب تحصيلها لأن أصحابها قد خرجوا من السوق سواء بإشهار إفلاسهم أو بوفاتهم أو هروبهم للخارج وبالطبع فإن هذه البنوك قامت بعمل مخصصات لاحتواء هذه الأموال من أرباحها. والآن هناك قوائم جديدة ظهرت من المتعثرين بعد الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعيات ثورة 25 يناير، لذا فإن البنوك تبذل قصاري جهودها لجدولة هذه المديونيات بالأساليب الودية لأن طريق التقاضي طويل ومليء بالغرامات والخاسر الوحيد هو البنك بل أن البنوك حرصت علي جدولة الأقساط والسماح بالتأخر في سدادها بسبب أحداث ثورة 25 يناير. ويقول أن البنوك أمامها أزمة كبيرة لتوظيف أموالها لغياب المشروعات الجادة وهذا يفسر لجوء البنوك إلى طلب الضمانات المفرطة لارتفاع نسبة المخاطر في معظم القطاعات الاقتصادية كالسياحة والصادرات. ويوضح أن البنوك تقدم الآن التمويل والاستشارات الفنية ودراسات الجدوي للعملاء، حتي يمكن للعميل الاستمرارية والالتزام في السداد . ويضيف مصطفي تامر، مدير عام الشئون القانونية بالبنك الأهلي المتحد، أن تعليمات الإدارة العليا بالبنك إلى إدارات الائتمان والقروض المتعثرة والشئون القانونية تقضي بالتفاوض مع العملاء للسداد وجدولة الأقساط والفوائد حتي بعد صدور أحكام قضائية نهائية بإلزامهم بالسداد نتيجة للظروف الحالية؛ لأن الأحداث الأخيرة بعد الثورة ومحاكمات رجال الأعمال قد تسببت في تعثر طابور من كبار وصغار العملاء عن الالتزام في السداد وفقاً للمواعيد المقررة لذا فإن البنوك لابد أن تكون شريكًا للعميل في كل أزماته وأن جرجرته إلى المحاكم لن يكون لصالحها بسبب طول إجراءات التقاضي وغياب أساليب التنفيذ الفعالة لهذه الأحكام . يؤكد أن الفترة مابين عام 95 وحتي 2003 شهدت هوجة كبيرة من المتعثرين ترتب عليها حبس أعداد كبيرة منهم وهروب البعض للخارج وإشهار إفلاس لهؤلاء العملاء مما ترتب عليه صعوبة تحصيل هذه الديون بل أن البعض منهم عرض علي البنوك الدائنة إجراء تسويات للمديونيات المستحقة عليهم مقابل أصول عقارية فكانت النتيجة تراكم هذه الأصول وفشل البنوك في تسويقها مما جعل البنك المركزي يسمح بزيادة اقتناء البنوك للعقارات وتعديلها من 5 % إلى 10 % لكن هذه النسبة تتصاعد بجانب ال 100 مليار جنيه ديون رديئة علماً بأن معظم هذه العقارات والأراضي المرتهنة للبنوك تعاني من الركود في تسويقها وهو ما يضيف عبء جديد إلى جانب هذه الديون الرديئة علي البنوك. يفسر جمال صابر نائب رئيس قطاع الشئون القانونية بالبنك الأهلي المصري تصاعد هذه الديون الرديئة بأن الفترة السابق ذكرها شهدت مخالفات صارخة في منح الائتمان إضافة إلى تعويم سعر العملة حتي ظهرت قضية نواب القروض التي استمر تداولها أمام القضاء لمدة 10 سنوات وصدرت فيها أحكام مغلظة علي عدد من المصرفين ورجال الأعمال وأعضاء بالبرلمان، وذلك يفسر ظهور الأيدي المرتعشة . ويؤكد أن البنك يتفاوض مع العملاء المتعثرين ويقوم بتخفيض حجم الفوائد وغرامات التأخير ويجدول لهم الأقساط علي فترات زمنية طويلة وإذا اقتضي الأمر يقوم بضخ سيولة جديدة في شرايين مشروعات المتعثرين وإرسال خبراء ومتخصصين في الإدارة والتسويق لعلاج الخلل في مشروعة . أما رجال الأعمال فقد اشتكوا من قيام البنوك بزيادة سعر الفائدة علي القروض ب 1 % بعد أحداث ثورة 25 يناير كما يقول حسن فندي عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات ليصل سعر الفائدة الإجمالي علي القروض إلى 16 % بخلاف العمولات والمصروفات الإدارية وغرامات التأخير عن السداد وهذه أعباء كبيرة علي تكلفة السلعة، مما يجعلها تعجز عن المنافسة في الأسواق الخارجية مشيراً إلى أن البنوك في كثير من الأحوال تحرص علي طلب ضمانات إضافية من العملاء فبجانب الرهن الحيازي للمعدات والآلات وخطوط الإنتاج تحرص علي إلزام العملاء بالتوقيع علي شيكات وأوراق تجارية علي بياض تحتفظ بها تحت يدها، وعندما يتعثر العميل في السداد فإنها تنذره بالسداد بموجب إنذار رسمي ثم تتخذ ضده الإجراءات القانونية في المحاكم، مما يزيد من تعثر العميل وارتباك أعماله ولا تصلح بعد ذلك إجراءات التقويم التي يرددها المسئولون في الجهاز المصرفي . ويضيف أن البنوك رفعت أيضاً أسعار الخدمات المصرفية كالتسهيلات مثل إصدار خطابات الضمان والتحويلات البنكية للخارج علاوة علي طول الإجراءات للحصول علي القرض . فى السياق نفسه يطالب نعيم ناشد معوض صاحب شركة للاستيراد والتصدير بضرورة تغير البنوك من أساليب تعاملها الاستثنائية، حيث تجبر العميل علي التوقيع علي عقود ائتمان مليئة بالبنود المتعسفة مثل ولا يجوز للعميل أن يطعن عليها أو يعترض علي سعر الفائدة الذي يعدله البنك في أي وقت يشاء والبند الأخير يسبب أزمات تعثر للعشرات من العملاء الذين أجروا دراسات جدوي علي مشروعاتهم بما فيها سعر الفائدة الذي اقترض به العميل لكنه يفاجأ بأن البنك قد فرض عليه 3% أو 2% زيادة في سعر الإقراض فيترتب علي ذلك إرباكه وتعثره، وإذا ما اعترض يفاجئ بأن البنك يتوقف عن ضخ باقي قيمة القرض المتفق وجرجرته في المحاكم بل وتحريك الشيكات وإيصالات الأمانة المحجوزة لديه وتحرير محاضر في النيابة لحبس رجل الأعمال ومطاردته وفي ظل كل هذه المتغيرات الاقتصادية والسياسية التي تحيط بالتاجر ينقض البنك علي العميل للتخلص منه وحبسه بدلاً من أن يقف بجواره وينتشله من مأزق التعثر . اختتم قائلا أن البنوك يجب أن تترجم شعاراتها، التي ترددها بمساندة المتعثرين وتعويمهم لا إغراقهم، إلى أفعال.