حذر رئيس وزراء اليونان الكسيس تسيبراس، من احتمال عدم توصل بلاده إلى اتفاق مع دائنيها، وذلك بسبب تعنت الدوائر المتشددة في أوروبا وليس بسبب تقاعس أثينا. جاء ذلك في مقال مطول لرئيس وزراء اليونان عممته سفارة بلاده في القاهرة ونشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية، أشار فيه "تسيبراس" إلى أن قضية الديون اليونانية نتجت عن الصراع بين التوجهات الاستراتيجية في أوروبا وهي قضية تخلق تساؤلات حول مفهوم الديمقراطية داخل الاتحاد الأوروبي. وقد شرح رئيس الوزراء اليوناني في مقاله مواقف اليونان بالنسبة للقضايا الرئيسية المطروحة في المفاوضات مع الدائنين ، منوهًا إلى أن مشكلة الديون لا تخص اليونان وحدها، بل هي قضية تمثل بؤرة الصراع بين استراتيجيتين متعارضتين تماما حول مستقبل التكامل الأوروبي. وأشار "تسيبراس" إلى أن بعض الأطراف تريد من بلاده القبول بتعيين الوزراء ورؤساء الحكومات من قِبَل المؤسسات الدائنة، وحرمان مواطني اليونان من حقهم في انتخاب من يدير شئون بلادهم ، حتى الانتهاء من برنامج المساعدات المالية، مما يعني القضاء التام على الديمقراطية في أوروبا وسقوط كل الذرائع ، ويدشن لعملية تقسيم وتفتيت غير مقبول لأوروبا الموحدة ، تؤدي في نهاية المطاف إلى تكوين تكتل تكنوقراطي متوحش، لا علاقة له مطلقًا بالقيم التي تأسست عليها الوحدة الأوروبية. وأوضح رئيس وزراء اليونان أن هناك استراتيجية تسعى لتقسيم منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي ، والخطوة الأولى في هذا الاتجاه هي تقسيم دول منطقة اليورو إلى مستويين، حيث تفرض الدول الأقوى قواعد صارمة للتقشف وتوفيق الأوضاع على الدول الأضعف، ثم تقوم بتعيين وزير مالية "فوق العادة" لمنطقة اليورو، يتمتع بصلاحيات غير محدودة، يمكنه حتى أن يرفض ميزانيات لدول ذات سيادة، إن كانت لا تتماشى مع المبادئ الصارمة لمناهج الليبرالية الجديدة. أما البلدان التي ترفض الرضوخ لأوامر السلطة الجديدة فالحل بالنسبة لها بسيط ، وهو فرض العقوبات القاسية والتقشف الإجباري ومزيد من القيود على حركة رؤوس الأموال، مع العقوبات التأديبية والغرامات، وحتى إصدار عملة موازية لها. هذه هي خطة بناء القوة الأوروبية الجديدة، وأولى ضحاياها هي اليونان، التي تمثل في أذهان الكثيرين فرصة ذهبية، لتكون عبرة لأي دولة أخرى تفكر في عدم الامتثال لهذا المخطط. وأكد "تسيبراس" أن أوروبا الآن في مفترق الطرق ، فبعد التنازلات الكبيرة التي قدمتها الحكومة اليونانية ، يبقى القرار في يد الزعماء الأوروبيين وليس في يد المؤسسات الدائنة ، لأن هذه المؤسسات- باستثناء المفوضية الأوروبية- لا يتم انتخابها وليست مسئولة أمام شعوب أوروبا.