عندما تعرضت أوزجان أصلان ذات العشرين ربيعا للطعن والضرب حتى الموت، بعد أن حاولت صد رجل كان مصرا على اغتصابها في إحدى الحافلات، وصف الرئيس التركي العنف ضد النساء بأنه "الجرح الدامي" في البلاد. إلا أنه بعد مرور شهرين على مقتلها أصبحت جماعات تدافع منذ سنوات عن حقوق النساء، تشكو من أن الرئيس رجب طيب أردوغان ما زال يتجاهلها ويفضل العمل مع منظمات أحدث من بينها منظمة تلعب ابنته دورا بارزا فيها. وانتقدت جماعات نسائية وساسة معارضون، أردوغان الذي يعرف عنه التزامه بأداء الفروض الإسلامية، بسبب استنكاره الإجهاض ووصفه تنظيم النسل بأنه "خيانة" وتحديد عدد الأطفال الذي يجب أن تنجبه كل إمرأة، ورفضه المساواة بين الجنسين. ويقول أردوغان بدوره، إن من يحطون من قدر آرائه يسعون لفرض قيم ليبرالية غربية على شعب متدين، ويهاجم المطالبين بالمساواة بين الجنسين لإخفاقهم في فهم الثقافة التركية التي "جعل الله فيها الرجال قوامين على النساء" مثلما قال في أعقاب مقتل أصلان. وقالت تانجا فولكر الباحثة الاجتماعية بجمعية مورجاتي الخيرية المناهضة للعنف الأسري، إن "استبعاد المنظمات النسائية المستقلة ظل إستراتيجية الحكومة منذ مدة طويلة، لأن هدفنا ليس مماثلا لهدفهم وهو إقتصار النساء على الحمل والولادة." وقالت إليف شفق إحدى أشهر الكاتبات في تركيا، إنها ترى تشددا في نبرة إردوغان. وأضافت "المنادون بمساواة المرأة بالرجل يتعرضون للافتراء في الساحة السياسية." وقالت "إردوغان اعتاد الحديث بشمولية أكبر، فكان يقول أنه زعيم للجميع سواء صوتوا له أم لا. (أما الآن) يبدو أنه يباعد بينه وبين نصف الشعب." رغم أن تركيا علمانية من الناحية الرسمية، فإن آراء الرئيس المحافظة تلقى قبولا لدى ملايين الناخبين المسلمين من المحافظين الذين أيدوا المرة تلو الأخرى حزب العدالة والتنمية الذي أسسه. وتقول طالبة الرياضيات نورجول (23 عاما) في مدينة انطاكية الجنوبية، إن الحياة أفضل كثيرا في ظل حزب العدالة والتنمية بالنسبة لملايين النساء المتدينات مثلها. وفي إشارة إلى حظر كان مفروضا على الحجاب ورفعه الحزب في عام 2013 ، قالت نورجول "من قبل لم تكن النسوة المحجبات يستطعن الذهاب للجامعة، والآن أصبح ذلك بإمكانهن وأصبح بوسعهن العمل في مهن جيدة." ويسلم كثير من النشطاء بأن حزب العدالة والتنمية حقق تقدما، لكنهم يقولون إن ذلك الإتجاه توقف في الآونة الأخيرة. وقالت ظلال أيمن المنسقة المشاركة لجماعة نساء من أجل حقوق الإنسان النسائية المناهضة للتمييز والتي تنشط منذ أوائل التسعينات "قوانيننا أفضل من عشرات الدول.. لكن المشكلة في التطبيق والعقلية وراء القانون." وأضافت أن تصريحات أردوغان التي يروج فيها لدور جامد للنساء، تزيد المشكلة سوءا وفي الوقت نفسه يخفف قانون العقوبات أحكام السجن على الرجال الذين يقولون إنهم تعرضوا للإستفزاز مما دفعهم للعنف. يقول تقرير أصدرته الأممالمتحدة عام 2011 ،إن العنف الجسدي غير المرتبط بالجنس الذي يرتكبه رجال مقربون بحق نساء، تزيد احتمالاته عشر مرات في تركيا التي تطمح للإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي على مثيلاتها في بعض الدول الأوروبية. وتقول جماعة بيانت، إن 281 إمرأة قتلن عام 2014 بزيادة 31 في المئة عن العام السابق. وفي ديسمبر كانون الأول الماضي عقدت الحكومة إجتماعا، إختارت فيه ثلاث منظمات أهلية للمساعدة في معالجة العنف ضد النساء، لكن أغلبية الجمعيات الأهلية العاملة إنسحبت وأصدرت عشرات المنظمات بيانا إشتكت فيه من تجاهل آرائها. وإحدى هذه الجماعات الثلاث التي وقع عليها الإختيار جماعة كادم (رابطة النساء والديمقراطية) التي تشغل سمية إبنة إردوغان منصب نائب رئيسها، وفي خطاب ألقته الشهر الماضي قالت سمية إن من الطبيعي أن يكون ميراث المرأة أقل من ميراث الرجل لأن الرجال هم من يشقون من أجل لقمة العيش. وتقول جمعية كادم، إنها تدعم النساء كي تكن منتجات في إطار أسرهن ومجتمعهن. وقالت ساري آيدين رئيسة الرابطة لرويترز، إن الرابطة مستقلة عن الحكومة واتهمت جماعات نسائية بعدم دعم المتدينات. وأضافت "هذه الجمعيات الأهلية التي تدعي إنها تؤيد تمثيل المرأة... إلتزمت الصمت عندما حرمت الاف البنات ممن يرتدين الحجاب من دخول الجامعات." غير أن مسؤولا حكوميا كبيرا تحدث شريطة عدم نشر إسمه لحساسية الموضوع سلم بأن موضوع حقوق المرأة أصبح قضية مسيسة. وقال المسؤول لرويترز "الحكومة أدارت ظهرها للحركة النسائية الأساسية، فهي تتصرف من منطلقات سياسية وتطلب الرأي (من الجماعات النسائية الراسخة) عندما تضطر لذلك، لكن هذا لا يعني أنها ستنصت لما تقوله النساء." وأضاف "المنظمات التي تعمل معها الحكومة الآن ليس لديها فكرة فهي جديدة، وليس لديها فكرة عن الحركة النسائية." وسئل المسؤول عن آراء أردوغان فقال "هو صادق في مساعيه لمعالجة العنف الأسري لكن ربما أنه لا يتفهم المساواة بين الجنسين." ولم ترد وزارة الأسرة والسياسة الإجتماعية على طلبات للتعليق، وامتنع مكتب أردوغان عن التعليق.